فراسةُ الوجوه في موسم الحج، وبين الزحام المتنوّع، وقفت زوجتي تتأمل شيخًا وقورًا، فقالت بثقة: "هذا يمني". ابتسمتُ، وقلت لها: "أستطيع أن أُخبرك من أين كلّ رجلٍ نراه، من ملامحه أو هيئته". ثم أشرت: "هذا مصري، وذاك سوري، وآخر مغربي، وذلك هندي..." مضينا نُحدّق في وجوه الناس كأننا نقرأ خرائط بلدانهم على جباههم. وفجأة، مرّ رجل سعودي يدفع "عربية" صغيرة. فقلت لها ممازحًا: "وهذا سعودي!" فابتسمت، بل ضحكت، فقد بدت الصورة عندها نادرة... أن ترى ابن البلد في هيئةٍ لا تعهدها، بين أمواج الزائرين. ومضيتُ أفكر: ما أعجب هذا المشهد العظيم، حيثُ تلتقي الأرض كلُّها على صعيدٍ واحد، وتذوبُ الفوارق في لباس الإحرام، ويبقى وجه الإنسان... هو العنوان. فيصل الحاشدي