
بصائر
May 1, 2025 at 05:00 AM
*↩️ مدة السفر الشرعي وحده ↪️*
*🏷 يُعد مسافراً من لم يكن مستقراً في بلد إقامته المؤقتة، كمن ليس له سكن معتاد ولا عمل ولا ينوي الاستقرار أو لا يعرف موعد رجوعه.*
• ولا يعد مسافراً عرفاً من له خارج بلده دراسة مع استقرار في السكن ونحوه من الضرورات.
• لأنّ المقيم مستقر، ولذا ورد عن عثمان رضي الله عنه في السفر الشرعي أنه ما حُمل فيه الزاد والمزاد، فمن يحمل الزاد والمزاد غير مستقر.
• واعتبار الاستقرار موافق لشرط المناسبة في العلل الاجتهاديّة المستنبط من كون العلل النصية مناسبة (مظنة تحقق المقاصد والحِكم).
• وذلك لأن هم السفر مما يجلب المشقة فيه.
• فالهم والحزن يضعفان البدن.
• ولم يرد دليل سالم من اعتراض على تحديد مدة لاعتبار المقيم خارج بلده مؤقتاً مسافراً، فعاد التحديد إلى كون السفر مظنة المشقة (في نوعه لا في ظن المكلف في سفره المعيّن).
• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ (أنّ رسول الله ﷺ غزا غزوة الفتح في رمضان)، وقال: (صام رسول الله ﷺ، حتى إذا بلغ الكديد - الماء الذي بين قديد وعسفان - أفطر، فلم يزل مفطراً حتى انسلخ الشهر)، صحيح البخاري (٤٢٧٥).
• فالراجح في السفر الشرعي أنه يُحدّ بما فيه خوف فوات المقصد الشرعي للحكم بطبيعته لا بظن المسافر في سفره المعيّن [١].
• وهذا الحدّ يجمع أقوال السلف حسب وصف السفر.
• فمن السلف من حدّ السفر بمسافة ومنهم من حده بزمن ومنهم من حده بالأحمال.
• وواضح أنهم أرادوا بذلك جعل الحكم منوطاً بما كان من السفر مظنة المشقة دون غيره.
• يؤكده قول ابن عباس رضي الله عنهما في الحامل والمرضع (إذا خافتا على أولادهما).
• ولأنّه حدّ السفر بفعله لا بقوله، وكذا ابن عمر رضي الله عنهما.
• فقد ذكر البخاري تعليقاً عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا يقصران ويفطران في أربعة بُرُد (حوالي ٨٠ كيلو متر) فما فوق.
• وحدّه عثمان رضي الله عنه بما حُمل فيه الزاد والمزاد، والسلف كانوا أحياناً يعرّفون بالمثال.
• وحده بعضهم بثلاثة أيام.
• فيحدّ السفر الشرعي في رخص الواجبات بما فيه خوف مشقة بذاته، وبما يوجب التخفيف في النوافل.
• ويحدّ السفر في اشتراط المَحْرم لسفر المرأة بما فيه بطبيعته خوف الطمع في المرأة وتعرضها للفتنة أو الافتتان أو الخطر والأذى.
• وتقدّم أن الخوف هنا ليس في ظن المكلّف في سفره المعيّن.
• فلا يصح إطلاق القول بجواز سفر المرأة من غير محرم بسبب الوسائل الحديثة.
• ففي الهند مثلاً يكثر تعرض النساء للتحرش حتى في الطائرات.
• ويقاس على السفر والمرض كل حالة ضرورية أو حاجيّة فيها احتمال مشقة أو ضرر بذاتها لا في ظن المكلّف في حالته المعيّنة [١].
• وذلك لأنّ الله تعالى لم يقل؛ من وجد مشقة أو ظن أنه يجدها فليفطر، وإنّما قال: ﴿ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدّةٌ من أيّامٍ أُخَر﴾.
• فجعل الله تعالى جواز الفطر في نهار رمضان منوطاً بعلتي المرض والسفر ثم ذكر الحِكمة بقوله: ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾.
• فالسفر مظنة المشقة، والمرض مظنة الضرر والمشقة.
• من السفر بالوسائل الحديثة ما فيه مشقة في ذاته، فإن هم السفر مما يجلب المشقة فيه.
• ومن السفر بالوسائل الحديثة ما فيه راحة أكثر من حال الحضر.
• والقول بأنّ كل سفر بالوسائل الحديثة مظنة مشقة فيه مجافاة واضحة للواقع.
• ومظنة المشقة متعلقة بنوع السفر لا بعينه.
• فلا يشترط حدوث المشقة ولا خوف حدوثها في السفر المعيّن.
• لأنّ الله تعالى لم يقل؛ من وجد أو خاف مشقة فعدة من أيام أخر.
• وأما قول ابن عباس رضي الله عنهما فقد ذكر فيه خوف الضرر مع علتي الحمل والرضاع، ولم يذكر خوف الضرر مجرداً عن العلة.
• فقد قال: (والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا).
• فالعلة هنا مركبة من الرضاع أو الحمل وحال المرضع والحامل البدني والصحي.
• فخوفهما ليس بظنهما في عين حالهما، بل في نوعه بتجربة مماثلة أو سؤال طبيب (حال باعث على خوفهما على أولادهما).
• وتحديد السفر المبيح للفطر بما فيه مظنة مشقة هو مثل تحديد الجمهور المرض المبيح للفطر بما فيه مظنة مشقة أو ضرر بزيادة المرض أو تأخر بُرئه.
• وقال الظاهرية ونسب لبعض السلف أنّ كل مرض مبيح للفطر بما في ذلك وجع الإصبع والضرس.
• وأكثر من يفتي من المعاصرين بأنّ كل سفر مبيح للفطر يفتون بأن المرض المبيح للفطر له حد، وأن الفطر لا يباح بكل مرض، وهذا تفريق بين متماثلين.
• فإذا كان كل سفر مبيح للفطر للإطلاق الوارد في الآية، فالمرض ورد مطلقاً في الآية أيضاً.
• وتقييدهما في نوعهما لا في كل حالة إنما هو بسبب المقصد المنصوص عليه في الآية وفهم السلف.
• ولابن قدامة رحمه الله كلام يُفيد أنّ الآية لم تفرق بين السفر والمرض، ولكن لا يسلم بفرق ذكره، فكلاهما مظنة في نوعهما لا في كل حالة بعينها [١].
• والله تعالى أعلم.
[١] حد السفر الشرعي ( https://omernour.blogspot.com/2015/03/blog-post_95.html ).