
الدكتور علي زين العابدين الحسيني
May 14, 2025 at 12:10 PM
ليس من اللازم أن يكون من يكتب عن مخطوطات المذهب الشافعي ومواضع وجودها فقيهًا متمكنًا من فروع المسائل، وقد كان جلّ من تلقّينا عنهم من أساتذتنا لا يشغلون أنفسهم بهذا الجانب، ولم يكن ذلك منقصةً لهم، ولا مأخذًا عليهم.
وكما لا يُشترط فيمن يكتب في المخطوطات أن يكون فقيهًا، فكذلك لا يُعدّ من يجمع مصنّفات أعلام الشافعية ويوثق ذلك في رسالة جامعية من أهل الدراية بالفقه؛ لأن هذا من قبيل الجمع والتوثيق، لا من قبيل التحقيق والدراية بمتون المذهب. ولا ريب أن له فضله في بابه، لكنه لا يُعدّ من أهله في أبواب الفقه حتى يُؤخذ العلم من مأخذه، ويُؤتى البيوت من أبوابها.
وإن خُيِّر المرء بين العناية بمسائل المذهب وفهم الشروح وحواشيها، وبين تتبّع مواضع المخطوطات وطبعات الكتب، فلا شك أن الأولى أرفع شأنًا، وأغزر نفعًا، مع حفظ قدر المشتغلين بالمخطوطات، ووضع كلٍّ في موضعه الذي يليق به.
على أن التحقيق علمٌ له استقلاله، ولا يُشترط في المحقّق أن يكون فقيهًا مطّلعًا على دقائق ما يُحققه، وإن كان الجمع بين التحقيق والمعرفة بالمذهب أولى وأكمل، ومن وُفّق إليه فذلك فضلٌ عظيم، غير أن المطالع لما طُبع حديثًا من كتب الشافعية يلحظ أن الجامعين بين الأمرين أقلّ من القليل، والأمثلة في ذلك كثيرة.
ومن معايشتنا لأهل العلم من أساتذتنا وجدنا عنايتهم منصرفةً إلى فهم المتون والشروح أكثر من التفاتهم إلى تتبّع الطبعات، أو البحث في خزائن المخطوطات، وليس ذلك عيبًا فيهم، ولا حطًّا من قدرهم؛ فكلٌّ ميسَّر لما خُلق له.
#المذهب_الشافعي #شافعيات