Akhbarona - أخبارنا
Akhbarona - أخبارنا
May 30, 2025 at 11:18 PM
في خطوة ذات دلالات استراتيجية عميقة، أبلغت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين موظفيها بمدينة العيون بإنهاء عقود عملهم مع نهاية شهر شتنبر المقبل، وهو القرار الذي لا يمكن قراءته بمعزل عن التحولات الكبرى التي يعرفها ملف الصحراء المغربية على المستويين الإقليمي والدولي. ويعكس التحرك الأممي، الذي يأتي في سياق متسارع من التحولات، إدراكا متزايدا داخل المنظومة الأممية بأن الزمن لم يعد زمن "الحياد السلبي"، وأن المعطيات الواقعية على الأرض تجاوزت الخطابات التقليدية التي ظلت تروج لأكثر من أربعة عقود، حيث لم تعد العيون اليوم مجرد مدينة في قلب نزاع إقليمي مفتعل، بل أصبحت حاضرة اقتصادية، سياسية ودبلوماسية، تحتضن قنصليات دول كبرى وتصدر رسائل سيادة واضحة للعالم أجمع. ولا يمكن فهم قرار المفوضية في مدينة العيون، إلا كإقرار غير معلن بموقف المغرب الذي ظل يلح، على مدى سنوات، أن الحديث عن "لاجئين" داخل أقاليمه الجنوبية هو مغالطة لا تستند إلى أي أساس قانوني أو واقعي، باعتبار أن سكان العيون ليسوا نازحين ولا لاجئين، بل أبناء وطن، يعيشون داخل مدن آمنة مستقرة، تحظى برعاية الدولة وتنعم بحركية تنموية متواصلة. وفي المقابل، إذا كانت هناك وضعية تستدعي تدخل المفوضية واهتمام المجتمع الدولي، فهي لا توجد داخل الأقاليم الصحراوية المغربية، بل في مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، حيث يحتجز الآلاف في ظروف لا إنسانية، دون أي حق في التعبير أو التنقل أو العودة لأرض الوطن، التي تعتبر مبدأ أساسيا في القانون الدولي للاجئين، ومع ذلك، تستمر بعض الجهات في غض الطرف عن هذه الانتهاكات الصارخة، متذرعة بحسابات سياسية ضيقة ومواقف متجاوزة. ويعتبر قرار المفوضية بمثابة رسالة واضحة موجهة للبوليساريو وحاضنتها الجزائر، مفادها أن الأسطوانة القديمة لم تعد تنطلي على أحد، وأن المنظمات الدولية بدأت تعيد ترتيب أوراقها، وتفرق بين ما هو إنساني مشروع، وما هو سياسي موجه ومغرض، بل والأكثر من ذلك، فإن هذه الخطوة قد تمهد لتقليص أوسع لتواجد بعض الهيئات الأممية في المنطقة، خصوصا إذا ثبت أن وجودها لا يخدم سوى أجندات منفصلة عن واقع الميدان. ولعل هذا القرار يأتي تتويجا لمسار طويل من التآكل الذي تعانيه جبهة البوليساريو، سواء من حيث شرعيتها التمثيلية، أو من حيث تراجع الاعتراف بها دوليا، أو حتى من حيث الانقسامات المتنامية داخل صفوفها، ما يجعل التحرك الأممي ينسجم تماما مع الدينامية المغربية التي لا تفتأ تؤكد أن الحل الوحيد الممكن هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهي المبادرة التي لاقت دعما واسعا على المستوى الدولي. ويدق القرار المسمار الأخير في نعش الطرح الانفصالي، ومعه تنهار آخر الأوهام التي كانت تتغذى من حضور شكلي لمؤسسات أممية داخل أقاليم مغربية خالصة، حيث أن المغرب وفي هذا السياق، ماض في تعزيز تموقعه الاستراتيجي، مطمئنا إلى صلابة موقفه وعدالة قضيته وواقعية مقترحه، واثقا في أن زمن المزايدات قد ولى، وأن لغة المؤسسات بدأت تنسجم أخيرا مع منطق التاريخ والجغرافيا. وستكون العيون مع حلول نهاية شتنبر، قد ودعت تواجدا أمميا لم يكن له أي تأثير ملموس، لكنها في المقابل ستستقبل فجر مرحلة جديدة، عنوانها الوضوح والواقعية واحترام السيادة، وهي الرسالة التي وصلت أخيرا – وإن تأخرت – إلى من يهمهم الأمر
Image from Akhbarona - أخبارنا: في خطوة ذات دلالات استراتيجية عميقة، أبلغت مفوضية الأمم المتحدة السامي...
👍 😩 😮 5

Comments