
مُعَلِّمُو النَّاسَ الخَيْرَ
June 5, 2025 at 06:56 AM
*النسوية (الجزء 19)*
*سلبيات خروج المرأة من البيت للعمل خارجه*
السلبيّة الأولى هي احتمال فقدان العطف والرحمة تجاه الأطفال. فلا شك أن التربية الصحيحة للأطفال تقوم على الحبّ والحنان والرعاية، وفي غياب هذه الأمور، قد لا تتحقّق التربية المطلوبة كما ينبغي. حتى وإن تمّ إرسال الأطفال إلى دور الحضانة أو المراكز التعليمية، وحتى إن بذل المعلمون والعاملون فيها جهدهم، فلن ينمو الطفل كما ينبغي له أن ينمو. فالمعلّمة لا يمكن أن تحلّ محلّ الأم الحقيقية، ولا تمتلك الصفات الفطرية التي تملكها الأم. فالأمّ تصبر وتعتني وترعى طفلها بدافع عاطفي عميق، أما المعلمة فقد لا يكون لديها نفس الترابط أو الخصائص.
فهل تستطيع أمّ قضت يومها كله في العمل خارج المنزل أن تفكّر في تربية أبنائها واحتضانهم؟ وهل تعوّض هذه الخسائر التي أصابت الأسرة بالراتب القليل الذي حصلت عليه المرأة؟!
– من الواضح أن المرأة حين تخرج من المنزل للعمل تختلط بالرجال غير المحارم وتتحدث معهم، وهذا أمر محرّم ويؤثر على أخلاقها ويشوّه صورتها.
فهل يستحقّ الراتب الذي تتقاضاه المرأة من عملها خارج المنزل أن تكون بسببه مذنبة وسيئة السمعة؟ وهل يمكن لهذا الراتب الزهيد أن يعوّض هذا الثمن الباهظ؟
– من الممكن أن تأخذ المرأة الوظيفة التي كانت من حقّ الرجال، فتبقى فئة من الرجال والشباب العاطلين عن العمل، وفي الوقت ذاته، تركت المرأة بيتها – وهو الميدان الأصلي لنشاطها – فارغًا، مما يؤدي إلى فوضى في إدارة شؤون البيت واضطراب في الأمور.
المرأة التي تعمل خارج البيت تفقد جزءًا من أنوثتها، ويحرم أبناؤها من الحبّ والعطف الأمومي.
– والمرأة التي تغادر البيت من أجل العمل تعتاد على الخروج حتى وإن لم يكن هناك حاجة لذلك، فتخرج من المنزل دون ضرورة، وبذلك يتزعزع أساس الأسرة، ويقلّ الودّ بين أفرادها، وتضعف روح التعاون بينهم، كما نرى ونشهد في الغرب، حيث بدأ دفء العائلات يتلاشى.
– وطبيعة المرأة أنها تميل إلى الزينة والحُلي، كما قال الله تعالى:
**«أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ»**
فإذا خرجت المرأة للعمل، أنفقت كثيرًا من مالها ومدّخراتها على الملابس والحليّ وصبغ الشعر، فيُهدر كثير من المال في هذا الباب.
وعندما ينظر الإنسان إلى الموظفات وهنّ في طريقهنّ إلى العمل، أو في عودتهنّ، يرى أن هذا المظهر لا يؤدي إلى تقدّم المجتمع، ولا يُسهم في تطوير اقتصاده الاجتماعي.
ويعتقد بعض العلماء أن المرأة أقلّ قدرة من الرجل على العمل، وأقلّ طموحًا، ولا تسعى لتحقيق إنجازات جديدة كثيرًا، بالإضافة إلى ما تواجهه من مشكلات مثل الحيض، وحمل الأطفال، والانشغال بهم، واحتياجاتها الأنثوية، وكلّ هذا يمنعها من مساواة الرجل في الإنجاز والتقدّم. وإن وُجدت استثناءات، فهنّ قلائل، ولا تُنقض القاعدة بهنّ.
وإذا أردنا أن نقارن بصدق وبدون تحيّز بين أعمال المرأة خارج البيت، وبين ما ذُكر من سلبيات، فهل الفائدة أكبر من الضرر؟ مع أن النسويّات لا يعتبرن بقاء المرأة في البيت وعملها فيه عملاً أصلاً!
إن المسلم يعلم ويؤمن أن الله تعالى خلق الخلق لعبادته وطاعته، وأن على المسلم أن يسير وفق شرعه ودينه، وقد تكفّل الله برزق كلّ من يشاء، فلا داعي للقلق، كما قال الله تعالى:
*«وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ»*
وقال الأستاذ عباس محمود العقاد: *"المجتمع الذي يعمل فيه الرجال والنساء سويًا في مصنع واحد وسوق واحد، لا يمكن أن يكون مجتمعًا سليمًا، ولا يمكن أن يُوفّر الراحة والرضا لأبنائه، لأنه يُضيّع الجهود ويُربك النظام التجاري، كما يُصيب النظام الأسري والعائلي بالتصدّع."*
إن سياسة البيت، بكل تفاصيلها، لا تقلّ خطورة عن سياسة الدولة ونظام الحكم، فهما عالمان متقابلان: أحدهما عالم الحرب والجهاد، والآخر عالم السلم والطمأنينة.
فمتى كانت المرأة مجالها البيت، بكل من فيه وما فيه، فإذا خرجت منه للعمل، حصل أمران: الأول، اختلال دورها الأصلي، وهو تدبير شؤون البيت؛ والثاني، دخولها في مجال لم تُخلق له، ويكفيها شرفًا أنها تربي الجيل القادم.
المرأة التي تعيش في مجتمع إسلامي تُطبّق فيه الشريعة، لا بدّ أن تُدرك أن الطفل في سنواته الأولى بحاجة لأمّ خبيرة متفرّغة، لا يشغلها شيء عن هذه المهمة العظيمة.
وكلّ ما يُهمل من شؤون البيت وتربية الأطفال، فإن أثره السيئ يقع على عيون الأطفال وأجيال المستقبل.
وإذا اضطُرّت المرأة للعمل خارج البيت، فالأمر مقبول، أما إذا لم تكن هناك ضرورة، فإن العمل خارج البيت لا يُعدّ إلا سذاجة من سذاجات الجاهلية الجديدة، باسم التطوّر وحضارة القرن الحادي والعشرين.
وكلّ ما تُشرّعه الجاهلية الحديثة من قوانين أو ترخيصات لإخراج المرأة من البيت، إنما هو لإخراج الأمّ من بيتها، وجعلها موظفة أو عاملة تنفق طاقتها في غير محلها، وكلّ ذلك من مكائد الشيطان، لتشتيت الأسرة وإشغال المرأة.
حينما يُذكر عمل المرأة في هذا العصر الحديث، يتبادر الذهن مباشرة إلى عملها خارج البيت.
وفي المجتمعات الحديثة التي اجتاحت معظم البلدان، يعمل الرجال والنساء سويًا، بدوافع لا تتعلق غالبًا بحاجة اقتصادية حقيقية، بل بسبب التقليد فقط: “ما دام الرجل يعمل، فالمرأة أيضًا يجب أن تعمل”. ولهذا ترى النسويّات يُشجّعن المرأة على أن تُشابه الرجل في كلّ أفعالها، بل أسّسوا المدارس لتعليم النساء المهارات التي كانت حكرًا على الرجال.
وإذا نظرنا بدقة، نرى أن أكثر الوظائف التي تُعطى للنساء في أمريكا هي وظيفة *سكرتيرة*، سواء عامة أو خاصة، بينما في روسيا، نجد النساء يعملن في المصانع، أو في تنظيف المكاتب، أو حمل الأمتعة في المحطات والمطارات.
وغاية ما تطمح إليه النسويّات أن تُجبر المرأة على الحمل بأشكال لا تمتّ للأنوثة بصلة، وألا تؤدي واجباتها كزوجة وأم، وألا تحبّ البيت، بل يعتبرن هذه الوظائف مَهانة، وإذا اضطُرّت المرأة للقيام بها، فليكن بنظرة دونية وكأنها عمل ثانوي لا يُؤبه له.
أما المرأة المخدوعة بما تسوّقه النسويّات، فإن أول ما تسعى إليه بعد التخرّج هو الوظيفة والعمل، وغالبًا ما يكون ذلك في وسط الرجال، ولا تُفكّر في الأمومة أو الزوجية، ولا يعتبرها المجتمع شيئًا مهمًّا.
❤️
2