قَنَاةُ السَّادَةِ الْحَنَابِلَةِ
قَنَاةُ السَّادَةِ الْحَنَابِلَةِ
May 18, 2025 at 09:30 AM
هل التصوف هو التوسل والتبرك والتمسح والاستغاثة والإنشاد ولبس الخرقة وحضور الموالد وقول: مدد (عمال على بطال)، وما إلى ذلك؟ لا والله، بل هو السلوك في طريق الله بالقلب السليم وتزكية النفس ورياضتها ومجاهدتها والترقي في معالي الرتب بالزهد في الدنيا والتعلق بالله تعالى حتى لا يكون في القلب شيء سواه ولا يرى العبد غيره. وهو يبدأ من الداخل إلى الخارج، فصلاح القلب هو المقدم، عكس ما عليه كثير من خصوم التصوف وبعض منتسبيه؛ يظنونه يبدأ من الخارج بل قد يقتصرون عليه. وكل تصوف لا يرى العبد فيه أن الله تعالى هو الغاية وهو الفاعل وحده ولا يتعلق قلبه بالله في كل شيء= فهو مدخول بل ليس تصوفا. وكما قلت من قبل: نهاية الفقه بداية التصوف. فالمتصوف الجاهل وبال على نفسه وعلى من سار معه أو انتسب إليه. والأمر ما قاله لي بعض شيوخي الأكابر: (يا بني.. دع الفقيه يسكن في عقلك، والصوفي يسكن في قلبك؛ فهذه صفة العالم الراسخ). فأما التعلق بغير الله ومخالفة ظاهر الشريعة وازدراء الفقه وأهله والدخول في الغوامض ومخاطبة غير المتأهل بها والتساهل والترخص في غير محله واستعمال بعض الأدعياء الكذبة السحر، وغير ذلك من المنكرات= فليس صاحبا صوفيا وإن لبس ما لبس وتزيا بزي الصالحين وقال ما قال. فضلا عن طلب الدنيا بالتصوف ومعاونة المفسدين والظالمين والسير في ركابهم. وما أكثر الأدعياء في هذا الطريق والمفسدين، بل هم أعظم أسباب زهد الناس في هذا الطريق واستطالة النابتة على أهله، وهم وبال على أنفسهم وأتباعهم وعلى الناس. ولا أشك لحظة أن خصومة هؤلاء لي في كلامي عن التصوف وانتصاري له لن تقل عن خصومة النابتة بل قد تكون أشد، وأسباب ذلك ظاهرة! والله المستعان على ما يصفون. وستسمع من بعضهم: فلان ليس صوفيا، ولا نعرف له مرشدا ولا سلوكا على المشايخ ونحو ذلك. وكأن جهلهم علم، وكأن من لم يسلك على مشايخهم إن سلمنا أنهم مشايخ: لم يسلك! وسيظنون أني أتكلم لسحب البساط من تحت أقدامهم ومنافسة مشايخهم، والله يشهد أني بريء من هذه المنافسة ولا أريدها ولا تخطر لي ببال. لكني ما تكلمت في هذا إلا بإذن. ولست ممن يعلن ويجاهر بسلوكه وينشر ذلك في الناس لا افتخارا ولا غيره، وأخص الناس بي لا يعرفون تفاصيل هذه الأمور عني فضلا عن عامة الناس ومن لا تربطني بهم صلة قوية. فإذا كان كذلك، فلمَ تكلمتُ في التوسل والتبرك ومسائل القبور ونحوها؟ لأن ذلك أعظم ما يصد به النابتة الناس عن التصوف؛ بأن يصوروه لهم شركا وتعلقا بغير الله وبدعا وضلالات مخالفة لصريح النصوص وكلام الأئمة. فلذا تجد نفرة من تأثر بالنابتة من هذه الأمور ظاهرة، وقد رأيتم كيف جعلوا نفس زيارة القبور المجمع على استحبابها شركا! أما أن يظن أنني أقصر التصوف على ذلك، أو أمهد السبيل للمفسدين، أو أغفل عن الفساد العظيم والجهل الموجودين في كثير من المنتسبين= فلا والله، بل أنا من أشد الناس تحذيرا من ذلك ومنعا لطلابي ومن يثق بي من الدخول في كثير من هذه الطرق والانتساب إلى كثير من الموجودين والمطبَّل لهم، وهم شهود هنا يرون ما أكتبه ويعلمون زجري لهم عن ذلك. لكن هذا الفساد مهما كثر وشاع لا يعود على طريق التصوف بالإفساد، بل التصوف الحقيقي هو لب الدين وخلاصته ، وأهله هم أهل الله وخاصته، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن أساء الظن بأربابه المتحققين به فقد عرض نفسه للهلاك، والجهاد في إعادة التصوف إلى أهله وإظهار حقيقته النقية من أعظم الجهاد. ولا حول ولا قوة إلا بالله. شيخنا العلامة = محمد الأزهري الحنبلي حفظه اللّٰه ... https://t.me/al_hanabila_sadti Follow the قَنَاةُ السَّادَةِ الْحَنَابِلَةِ channel on WhatsApp: https://whatsapp.com/channel/0029Vaj7I6B3mFY7Nu3QOF0f

Comments