
قَنَاةُ السَّادَةِ الْحَنَابِلَةِ
June 7, 2025 at 09:20 PM
(بيان #مذهب_الخوارج وعلى من ينطبق عليهم في عصرنا)
______
فَيَقُولُ العَبْدُ الفَقِيرُ إِلَى رَبِّهُ الغَفُورِ: عُثمان بن عبدِ العَزِيزِ بْنِ مَنصُورِ النَّاصِرِي ثمَّ العمروي التميمي الحنبلي: إِنَّهُ قَدْ عَنَّ للخَاطِرِ الحاضر أَنْ أَذْكُرَ أَخبَارَ الخَوَارِجِ الَّذِينَ خرجوا بالسيفِ عَلَى صَالِحِ الأُمَّةِ، فَقَاتِلُوا بِهِ سائرَ الْمُسْلِمِينَ وَالأَئِمَّةِ، فَسَطَوْا عَلَى النَّاسِ بالسَّيفِ، وَنَسَبُوهُمْ بِمَا فِيهِم إِلَى الكُفْرِ والحَيفِ، تأوَّلُوا فِيهِم آيَاتٍ قَدْ أُنْزِلَتْ فِي الكُفَّارِ، وحكموا عَلَيْهِم بالخلودِ فِي النَّار، فبدأوا بالصَّحَابةِ، وثنوا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ البصائر والإصابةِ، فَفَتَنُوا النَّاسَ بِالعِبَادَةِ والاجتهادِ، وَرَكَّبُوا دينهم عَلَى مُجانبة الحق والالحاد، وذلك لتحكيم عقولهم، وفسادِ أصولهم؛ فضَربُوا كتاب الله بعضه ببعض، وَجَضَّتْ مِنْ سفكهم الدّماء السموات والأرض، فتبعَ مَنْ خَلف مِنْهُم من سلف، حَتَّى جانبُوا بِذَلِكَ سيرة صالح السَّلَفِ، باستعمالهم للمسلمينَ الغُلُّو، أو الصّلف، إلى أن جعلوا الدِّينَ القَويم بينهم مُزْدَلَفَ، وَقَالُوا عَلَى الله غَيْرَ الحَقِّ ، وَزَعَمُوا أَنَّ كُلَّا مِنْهُم بِمَا زَعَمَ مُحِقِّ.
فَصَارُوا بِذَلِكَ عَنِ الدِّينِ نَاكِبِينَ، فَهُم للّٰه ورَسُولِهِ مُحَارِبُونَ، وَمَع ذَلِكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُم مُحْسِنُونَ، أَلَا إِنَّهُم هُمُ الفَاسِقُونَ، وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمِرُونَ، فَهُم يُقَاتِلُونَ أَهْلَ شَعَائِرِ الإِسلام، ومَنْ نصبُوا لَهُ الرَّايَاتِ والأَعلَامَ، يَدعُونَ بدَاعِي الفَلَاحِ عَلَى رُؤوسِ المَنَارِ، يَسْعَوْنَ إِلَى مَا يُقرِّبُهُمْ مِنْ دَارِ القَرَارِ، وينصبُونَ القَضَاةَ فِي أمصارهم، وَيَعْمُرُونَ المَدَارِسَ فِي أَقْطَارِهِمْ.
ومع ذلك فهم يجعلُونَ بلَادَهُم بلادَ كُفْرٍ وحرب، فيوقعون بهم القتل بالوخز والضرب؛ وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُم فِي بَلَادِهِ فَهُوَ عِندَهُم الشَّقِي الكافِرُ، وَمَنْ رَحِلَ مِنْهَا إِلَيْهِم فَهُوَ المؤمن المهاجر، إذْ من قواعد دينهم وتسويل شياطينهم : أَنَّ مَنْ سَاعِدَهُم عَلَى قُولِهِم فَهُوَ المؤمن القوي، أو خَالَفَهُمْ فَهُوَ الكَافِرُ الشَّقِي.
فهم يَقْتَلُونَ أهل الإسلام والإِيمَانِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الكُفْرِ والعُدْوَانِ، قَدْ غَشِيَتِ الفتنةُ الكبرى القُلوبِهِم، فَلَا هُم يتوبُونَ مِنْ جُرمِهِم وذُنُوبِهِم، فَلَذَلِكَ عَمِيَتْ عَنِ الحَقِّ بَصَائِرُهُم وَأَبْصَارُهُم، وَقَرُبَ مِنَ البَاطِلِ خَوضُهُمْ ومزارُهُم، فاختلفت في ذَلِكَ أهواؤهم، وتولت عن الحق إلى الباطل آراؤهم ودلائهم، فما خطر بخواطرِهِم كَانَ عِندَهُمْ كَالحَقِّ، وحرمة عبَّادِ الْمُسْلِمِينَ لَدَى عُبَّادِهِمْ كالبقّ، يتلعَبُونَ بِالمُسْلِمِينَ تَلعُّبَ الصبيان بالكرَه، وَمَا شَابَهُ مِنْ زيهم زيهم فَهُوَ عِنْدَهُم مُحَرَّم، أو مكتره.
متمنونَ عَلَى اللهِ الأَمَانِي، وَلَا يَرَوْنَ قَاتِلَ الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِهِم جَانِي، يُؤولُونَ القُرْآنَ عَلَى غير تأويل المؤمِنِينَ، فيجعلُونَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ، قَدْ جَضَّتْ مِن فِعْلِهِم دَمَاءُ المسلمين، وأموالهم، وضاقت بهم فروجهم وأحوالهم، لَا يُرْجِعُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ صحيح في الأُمَّةِ، وَلَا ينتحلُونَ فِي اجتهادِهِم إمامًا مِنَ الأئمة، معولهم في قولهم عَلَى عقولهم في القرآن، إِذْ ليسَ عِندَهُم في تأويلهم من دليل عَنِ السَّلفِ وَلَا بُرهان، فهم لا يُعرِّجُونَ فِي ذَلِكَ إِلى قول صائب، أو بأثر عن تابعي أو صاحب.
قَدْ جَلَّتْ مُصِيبَتُهُم عَلَى أهل الإسلام، وتبهج بفعلِهِمْ عُبَادُ الصَّليب والعجل والأصنام، فَلا خرقهم يُخاط ، وَلَا كفهم عن فعلهم يُناطُ، فَلَذَلِكَ استعنتُ اللهَ عَلَى شَرح سيرتهم بتأليفها وجمعها، وبيان صوَاعِقِ وَقِعِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ وَدفعِهَا.
فَاللَّهَ أَسْأَلُ مَعُونَتَهُ، وَبِهِ أَسْتَنْصِرُ، وَإِلَيْهِ أَرْغَبُ، وَبِهِ أَسْتَبْصِرُ؛ فَإِنَّهُ وَلِيُّ الهِدَايَةِ والتَّوْفِيقِ؛ إِذْ هُوَ السَّالِكُ بِعَبْدِهِ لِسَبِيلِهِ بِالتَّحْقِيقِ.
"منهج المعارج لأخبار الخوارج" للإمام عثمان بن منصور الحنبلي رحمه اللّٰه ...
وهذا نسخة من الكتاب PDF - https://acrobat.adobe.com/id/urn:aaid:sc:EU:e9539063-dd5e-4309-b3b7-172d76029936
https://t.me/al_hanabila_sadti
Follow the قَنَاةُ السَّادَةِ الْحَنَابِلَةِ channel on WhatsApp: https://whatsapp.com/channel/0029Vaj7I6B3mFY7Nu3QOF0f