
قناة عبد الله القادري
May 15, 2025 at 06:24 AM
*❖أيُّها الحاجُّ والمُعتمِرُ❖*
صفِّ نيَّتَكَ ودَعْ كاميرتَكَ
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِه وصحبِه ومَنِ اهتدى بهُداه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الحَجَّ هو الرُّكنُ الخامسُ من أركانِ الإسلامِ، وقد جاءَ في فضلِه أحاديثُ كثيرةٌ، منها قولُه عليهِ الصلاةُ والسلامُ: «والحَجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلَّا الجنَّةُ». رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ.
وقولُه عليهِ الصلاةُ والسلامُ: «مَن حجَّ للهِ فلم يَرفُثْ ولم يَفسُقْ، رجعَ كيومِ ولدتْه أمُّه». رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ.
وبعضُ الناسِ قد تكونُ حجَّةَ الإسلامِ، وقد لا يتيسَّرُ لهُ الحجُّ إلَّا مرَّةً واحدةً، واللهُ لا يقبلُ من العملِ إلَّا ما كان خالصًا لوجهِه، موافقًا لشرعِه، قال تعالى:
﴿فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًۭا صَـٰلِحًۭا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۭا﴾
وعن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَن أَحْدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منه فهو رَدٌّ».
ومن أعظمِ ما يُفسدُ الأعمالَ الرِّياءُ، قال اللهُ تباركَ وتعالى في الحديثِ القُدسيِّ:
«أنا أغنى الشُّركاءِ عنِ الشِّركِ، مَن عملَ عملًا أشركَ فيه معي غيري، تركتُه وشِركَه». رواه مسلمٌ.
ومن أعظمِ ما يُؤثِّرُ على الإخلاصِ اليومَ التصويرُ، بل البعضُ إنَّما يتصوَّرُ ليراهُ الناسُ، جهلًا منه أنَّ هذا يُفسدُ عملَه، مع أنَّه قد تعبَ، وربما جاءَ من أماكنَ بعيدةٍ، وأنفقَ الأموالَ الكثيرةَ، وتركَ أهلَه وعملَه.
وليس كلُّ مَن تصوَّرَ يُريدُ الرِّياء، لكنَّ الرِّياءَ في هذه الأمَّةِ أخفى من دَبيبِ النَّملِ كما جاءَ في الحديثِ، فقد يظنُّ الشخصُ أنَّه لن يقعَ في الرِّياءِ، فيقعُ فيه وقد لا يشعرُ بذلك، وقد توعَّدَ اللهُ أهلَ الرِّياءِ بالويلِ والعذابِ، قال تعالى:
﴿فَوَيْلٌۭ لِّلْمُصَلِّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ﴾
وقد كانَ الصحابةُ والسلفُ يجتهدونَ في الإخلاصِ وإخفاءِ العملِ، ومعَ هذا يخافونَ ألَّا يُقبلَ منهم، وفي حديثِ عائشةَ في قوله تعالى:
﴿وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾
قالت عائشةُ: أَهُمُ الذينَ يشربونَ الخمرَ ويَسرِقونَ؟
قال: «لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ، ولكنَّهم الذينَ يصومونَ ويُصلُّونَ ويَتصدَّقونَ، وهم يخافونَ ألَّا تُقبلَ منهم». رواه الترمذيُّ وصحَّحه الألبانيُّ.
واللهُ يقول:
﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ﴾
والنبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ ذكرَ من السبعةِ الذينَ يُظلُّهم اللهُ في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّه:
«ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتَّى لا تعلمَ شِمالُه ما تُنفقُ يمينُه».
فاجعلِ الأعمالَ الصالحةَ بينكَ وبينَ اللهِ، واحرِصْ على الإخلاصِ:
دعِ التصويرَ، تنَلِ الأجرَ الوفيرَ
حجُّكَ طاعةٌ، فلا تَجعلْهُ مَسارَ دعايةٍ
لا تُبطِلِ الأجرَ بنشرِ الصورِ
دعِ التصويرَ، وأخلِصِ المسيرَ
دعْ عنكَ هذا العبثَ، واشغَلْ وقتكَ بما ينفعُك، فقد لا تعودُ مرَّةً ثانيةً إلى تلكَ البقاعِ الطاهرةِ.
الصلاةُ في المسجدِ الحرامِ بمائةِ ألفِ صلاةٍ، وفي المسجدِ النبويِّ بألفِ صلاةٍ.
فاشغَلْ وقتَكَ بالعبادةِ: بالصلاةِ، والقرآنِ، والطوافِ، والذِّكرِ، والدعاءِ.
وإن استطعتَ أن تُقفِلَ جوالَكَ في الحرمينِ، ولا تتواصلَ مع أهلِك وأشغالِك إلَّا حينَ ترجعُ إلى السكنِ، فافعَلْ.
وخِتامًا، قال النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ:
«مَن حجَّ للهِ فلم يَرفُثْ ولم يَفسُقْ، رجعَ كيومِ ولدتْه أمُّه».
والفُسوقُ هو المعصيةُ، وقد جاءت أحاديثُ كثيرةٌ في النهيِ عنِ التصويرِ، لما فيه من الشرورِ التي لا تخفى اليومَ على أحدٍ، وإنَّما يجوزُ للضَّرورةِ والحاجةِ.
وما يُقالُ في الحجِّ من الحرصِ على حفظِه من يسيرِ الرياءِ يُقالُ في جميعِ العباداتِ، إلَّا أنَّ التصويرَ في الحجِّ والعمرةِ صارَ اليومَ أكثرَ من غيرِهِما،
فإيَّاكَ أن تعودَ وحالكَ كما قالَ الشاعرُ الأوَّلُ:
إذا حَجَجْتَ بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ
فما حَجَجْتَ ولكنْ حَجَّتِ العِيرُ
لا يَقبَلُ اللهُ إلَّا كلَّ طيِّبةٍ
ما كلُّ مَن حَجَّ بيتَ اللهِ مبرورُ
✍️ منصور الزُّبيري
١٧ ذو القعدة ١٤٤٦هـ
https://t.me/Mansoor_Alzubirl/890
ــــــ
👍
1