
سوق الآخره
May 14, 2025 at 10:50 AM
*الزلزال عبره وعظه*
*العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى*
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم فيما يقضيه ويقدره ، كما أنه حكيم عليم فيما شرعه وأمر به
وهو سبحانه يخلق ما يشاء من الآيات ، ويقدرها *تخويفا* لعباده وتذكيرا لهم بما يجب عليهم من حقه *وتحذيرا* لهم من الشرك به ومخالفة أمره وارتكاب ..
نهيه كما قال الله سبحانه :
( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا *تَخْوِيفًا* )
وقال عز وجل :
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ *حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ* أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ..
وقال تعالى :
(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ *يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا* مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) الآية .
وروى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
لما نزل قول الله تعالى قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ،، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
*أعوذ بوجهك* ، قال : أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال : *أعوذ بوجهك* ..
وروى أبو الشيخ الأصبهاني عن مجاهد في تفسير هذه الآية :
(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ) قال :
*الصيحة والحجارة والريح* ..
( أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) قال : *الرجفة والخسف* .
ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي *يخوف* الله بها سبحانه عباده .
وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعا من الأذى ، كله *بأسباب الشرك والمعاصي* ،
كما قال الله عز وجل :
(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا *كَسَبَتْ* أَيْدِيكُمْ *وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ* )
وقال تعالى :
(مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ *فَمِنْ نَفْسِكَ* ) ..
وقال تعالى عن الأمم الماضية :
(فَكُلًّا أَخَذْنَا *بِذَنْبِهِ* فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا *وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ* )
فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين وغيرهم ، *التوبة* إلى الله سبحانه ، والاستقامة على دينه ، *والحذر* من كل ما نهى عنه من الشرك والمعاصي ، حتى تحصل لهم العافية والنجاة في الدنيا والآخرة من جميع الشرور ، وحتى يدفع الله عنهم كل بلاء ، ويمنحهم كل خير كما قال سبحانه :
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا *لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ* مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا *فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ* ) ..
وقال تعالى في أهل الكتاب :
(وَلَوْ أَنَّهُمْ *أَقَامُوا* التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ).
وقال تعالى :
( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ *أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ* فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ *الْخَاسِرُونَ* ) ..
وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - ما نصه :
(وقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام ، فيحدث من ذلك لعباده *الخوف والخشية* ، *والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه* ، *والندم*
كما قال بعض السلف ، وقد زلزلت الأرض :
(*إن ربكم يستعتبكم*) ..
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد زلزلت المدينة ،
فخطبهم ووعظهم . ، وقال : (*لئن عادت لا أساكنكم فيها*) ..
انتهى كلامه رحمه الله .
والآثار في هذا المقام عن السلف كثيرة .
فالواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفياضانات البدار بالتوبة إلى الله سبحانه ، والضراعة إليه وسؤاله العافية ، والإكثار من ذكره واستغفاره ..
كما قال صلى الله عليه وسلم عند الكسوف :
(*فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره* )
ويستحب أيضا *رحمة* الفقراء والمساكين والصدقة عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( ارحموا ترحموا ) ( الراحمون يرحمهم الرحمن ،، *ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء* ) ..
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(من لا يرحم لا يرحم )
وروي عن عمر بن عبد لعزيز رحمه الله أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدعوا .
نشرت في الصحف المحلية في 13/7/1416هـ منها : الرياض - والجزيرة - والمدينة - وعكاظ .