سوق الآخره
سوق الآخره
May 17, 2025 at 06:11 AM
لا تظنن أن التراجع عن النصح ، إذا كان على منهاج النبوة ، يُريح النفس ،، بل هو يطفئ نورها في الظلام ، ويُطفئ أثرها في القلوب. فتعب البدن في النصيحة أهون من اختناق القلب بصمت الجُبناء أو نكوص المتراجعين. إن بعض الناس قد يُؤذى ، ويُشتم ، ويُظلم ، ويقدر أن يرد الإساءة بعشرٍ أمثالها ،، لكنه اختار أن يصون لسانه ، لا عن ضعف ، بل لأن الله وفقه في الاعتناء بقلبه وتطهير لسانه من الدخول في آتون صراعات الدنيا. لكن حين تضعف النفس ، قد توهمه أن صمته يُحسب عليه ، أو يُجرئ الناس عليه ، أو يُظهره بمظهر الضعيف ،، فيميل إلى أن “يكون مثلهم” ، فيقذف ، ويشتم ، ويقابل الوقاحة بوقاحة. وهنا تنكسر هيبة الكلمة ، ويُخدش صفاء القلب. فليُطِل العاقل نظره إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، لا إلى ردات أفعال الناس. فقد سمع صلى الله عليه وسلم ما يؤذي ، وواجه من السفهاء ما يغيظ ، ومع ذلك قال : “ *لم أُبعث لعّانًا ، وإنما بُعثت رحمة* ” وقال : ( *إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة* ). فمن وضع السُّنة أمامه، صان قلبه، وطهّر لسانه، واحتسب ظلمه عند الله، ولعل الله أن يرفعه به درجات يوم يلقاه، يوم لا ينفع لسان متسخ، ولا قلب مثقل، إنما يُنفع الصادقون بصبرهم، والحلماء بحُسن ظنهم في وعد الله. سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن مجاملة ، بل توازن : *صدق في القول ، ولين في القلب ، وثبات على المبدأ*. وهكذا ينبغي للناصح… لا يستفزه الجدل، ولا تجره المعارك إلى الوحل. النصح لا يفقد قيمته إلا إذا تلوث بالخصومة. ردود الأفعال السريعة، والانجرار إلى السباب، والرد بالمثل، كلّها *تحوّل المصلح إلى خصم، والداعية إلى خصومي*. صيانة الكلمة من الانحدار أمانة، لأنك لا تمثل نفسك، بل تمثل الدين الذي تدعو إليه. لا تغتر براحة المتفرج، ف *الساكت عن الحق شريك في الباطل بصمته*. *وإذا سكت العقلاء، تكلم السفهاء، وضاعت البصائر بين فوضى الكلام*. د.محمد سعد الأزهري
❤️ 👍 3

Comments