إخوة الاسلام
June 2, 2025 at 05:23 PM
حينما يَنامُ الحُرّاس ، تأكد مِن فَساد الجيل دون أن يشعروا .
عندما كانت نوافذ البيوت تضيء ليلاً ، لكنها لم تعد تضئ من نور المصابيح ، بل من وهج الشاشات .
شاشةٌ بيدِ طفلٍ لم يتجاوز العاشرة ، يتنقّل بين مقاطع التيك توك ، فيضحك على ألفاظٍ لا يعرف معناها ، و يردد أغاني لا تليق بلسانه الصغير .
و أخرى فتاةٌ صغيرة ، تتعلّم من المواقِع أن الجمالَ فلتر ، و أن القيمةَ أصبحت بعدد المتابعين ، لا بحُسنِ الخُلق أو بالعقلٍ الراجح أو النجاحات الدراسية .
وفي الزاوية أمٌّ منشغلةٌ بتعليقاتِ الفيس بوك ، تبتسم لصورةٍ ، وتحزن لمنشور ، و تغضب في أخر ، و تقرأ تعليقا رديئا يحمل من القبح ما لا يجوز قوله .
و على الجانب الآخر من المنزل ، أبٌ يتنقّل يوميًا بين تطبيقات العمل ، أو أخبار السياسة ، أو ربما يشاهد متأثرا و ردود أفعاله واضحة مباراة كرة قدم ، أو فيلما بطله يركض خلف امرأة .
وماذا عن المنزل ؟
بات ساحةً فارغة من الروح ، لا جلسة عائلية ، و لا حكاية ما قبل النوم ، و لا حوار بين أبٍ وإبنه ، فقط حالات مِن الصمت الرقميٌّ القــ ـاتـ ـل .
و في المساء ، حين يُغلق الصغار أعينهم على مشاهد القبح والتشويش ، تُفتح شاشاتٌ أخرى .
مسلسل يُجمّل الخيانة ، و أخر يُبرر الإنحراف ، و فيلم يُحاكي البلطجة كبطولة ، و يُظهر الملتزم إرهابيًّا ، و الداعية مهرّجًا ، و المرأة الصالحة رجعيةً لا تُواكب العصر .
وحين يسأل أحدهم ماذا أفسد الجيل ؟
يكون الجواب في المرأة .
أين هو الأبُ ؟
ضاعت هيبته خلف ستار الإنشغال .
وأين هي الأمُّ ؟
تلاش حنانها في زحام التفاعل والإعجاب .
أين وسائِلُ الإعلام ؟
باعوا الرسالة ، و اشتروا المشاهدات .
وأين القدوة ؟
قد سُلبت من الكُتب والصلحاء ، و زُرعت في وجه فنانٍ أو راقصة أو صانع محتوى فارغ .
فيا من تقرأ إنتبه .
نحنُ لسنا في زمن الضياع قل في زمن التخدير البطيء ،
يُسلَب منّا الدين و الهوية و الحياء، ببطءٍ وخُبث .
حتى إذا أردنا الصحوة ، لم نجد نفسا صحيحة تقوى على النهوض .
إن سَمعت أحد الشيوخ الكِبار أو الأجداد سيقولون .
كنّا إذا أردنا قدوةً ، قرأنا الكُتب عن عمر و عدلِه ، أو صلاح الدين وجُودِه ، أو فاطمة الزهراء ونقائِها ، أو خديجة وصبرها .
أمّا اليوم ، فصنع لنا الإعلامُ أصنامًا تُعبد من دون عقل .
فاعتبروا يا أولي الألباب .
و أيقظوا الحُرّاس قبل أن ينام الجميع إلى الأبد .
فيا أيها الآباء ويا أيتها الأمهات .
من ترك أبناءه للهواتف ، فلا يلومنّهم إن شبّوا غرباء .
و من غرس في نفسه اللامبالاة ، لن يقطف إلا الندم .
فالطفل لا يَشبُّ على كُلِ ما تقول ، بل على كل ما يرى .
و ما دام بيتك بلا صوتٍ يطمئن و كلامٌ يَبني .
فانتظر أن يعلوه كل ضجيجٍ مُفسد .
أفيقوا فقد اقترب الزمان الذي لا يُصلِح فيه النصح .
ولن يُجدي فيه العتاب .