‏من إيجابيات الظروف السيئه والصعبه أنّها تعيد ترتيب أماكن الأشخاص وتضع كل شخص في مكانه الحقيقي والله هالكلام يجيب العافيه ، لأنه فعلاً الدنيا إذا ضاقت، تبان معادن الناس على حقيقتها. يعني الظروف الصعبه زي المصفاه ، تنخّل الناس وتفرّز مين اللي يستاهل يوقف معك ومين اللي يطيّر وقت الجد. الحياه ، والله، مدرسه ، وأحياناً دروسها تجي على الطريقه القاسيه ، بس هي اللي تعلّمك الصبر والحكمه . تخيّلوا معي، لما الواحد يمر بضيقه ، سواء كانت ماديه والا عاطفيه والا حتى اجتماعيه ، أول شيء يصير إنه يشوف مين اللي واقف معاه بصدق، ومين اللي يعطيك نظرة "ياخي هذا مو وقتك" ويروح. المشاكل، يا جماعه ، زي المرايه ، تعكس لك وجيه الناس على طبيعتها. اللي قلبه أبيض، بيبيّن في عيونه قبل كلامه، وبيمد يده يساعدك حتى لو ما عنده شيء كثير يقدّمه. أما اللي قلبه مو على غيره، بتلقاه يتلفت يمين ويسار يدور عذر عشان يمشي . وهنا، بالذات، تتعلم إن الدنيا ما هي إلا مواقف، وكل موقف يحط الناس في ميزانهم الصحيح. يعني اللي كنت تحسبه أخو وتاج راس، ممكن في لحظه تجربه تكتشف إنه مجرد كلام فاضي ووعود ما لها أساس. وعلى النقيض، اللي ما كنت تعيره اهتمام، يمكن يكون هو اللي يفاجئك بطيب أصله وكرمه. والحلو في هالظروف، إنها مو بس تكشف الناس، لا، هي بعد تعلّمك عن نفسك. يعني أنت كإنسان، لما تمر بوقت عصيب، تكتشف قوتك، صبرك، وحتى ضعفك أحياناً. تتعلم إنك أقوى مما كنت تتخيل، وإن الله ما يحط عليك إلا اللي تقدر تشيله. وهذا الكلام مو مجرد فلسفه ، هذا واقع عشناه كلنا. كم مره حسيت إنك خلاص، وصلت لطريق مسدود، وفجأة تلقى نفسك طلعت منها أقوى وأحكم؟ هذا هو السر، الشدائد تصنع القوه "الضيقه تفرّج، والناس تتفرز". والله هذا درس كبير من دروس الحياه والحياه ، زي السوق، فيها الصادق وفيها الغشاش. والظروف هي اللي تجيب الميزان يوزّن الناس. يعني، على سبيل المثال، لما يكون عندك مناسبه ، زواج مثلاً، الكل يجي ويبارك ويضحك. لكن لما تكون في ضيقه ، وتحتاج واحد يوقف معك، هنا تشوف مين اللي يستاهل لقب " صديق " ومين اللي مجرد معرفه . وهذا مو عيب، بالعكس، هذا من رحمة ربي، لأنه يخلّيك تعرف مين اللي يستاهل وقتك واهتمامك، ومين اللي خلّه على جنب. في الأخير، أقول لكم: الظروف الصعبه ، وإن كانت مره ، لكنها نعمه مقنّعه . تعلّمك، تصقلك، وتخلّيك إنسان أحسن. وأهم شيء، تخلّيك تعرف إن الله هو اللي يبقى معاك دايم، مهما الناس تغيّروا أو خذلوك. فـ يا رب، ارزقنا الصبر والقوه ، وحوطنا بناس طيبين يخافونك.