شيري الحمادي - كن ايجابي ✨☕️
June 13, 2025 at 10:19 AM
📖 عندما ترى الآخرين بشكل مختلف
في إحدى ليالي خريف 1995م ، وفي أثناء إبحار إحدى السفن الحربية الأمريكية العملاقة بسرعة كبيرة بالقرب من السواحل الكندية ، أظهرت أجهزة الرادار جسماً هائلاً في طريقه إلى الاصطدام بالسفينة.
هرع القبطان إلى جهاز اللاسلكي ، وخاطب الجهة الأخرى : هنا قبطان السفينة الحربية الأمريكية ، مطلوب تغيير الاتجاه بمقدار 15 درجة إلى الجنوب ، لتفادي الاصطدام.
أكرر : تغيير الاتجاه بمقدار 15 درجة للجنوب لتفادي الاصطدام ..حوّل.
الجهة الأخرى : عُلم... هنا السلطات الكندية ، الطلب غير كاف. ننصح بتغيير الاتجاه بمقدار 180 درجة... حوّل.
القبطان : ماذا تعني..! أنا أطلب منكم تغيير اتجاهكم بمقدار 15 درجة فقط نحو الجنوب لتفادي الاصطدام؟ أما عن سفينتنا فليس ذلك من شأنك... نحن سنغير اتجاهنا بمقدار 15 درجة ولكن نحو الشمال ؛ لتفادي الاصطدام أيضاً. حوّل.
الجهة الأخرى : هذا غير كاف. ننصح بتغيير اتجاهكم بمقدار 180 درجة ، أو على الأقل 130 درجة. حوّل.
القبطان : لماذا تجادل وتصر على إصدار الأوامر ، دون أن تقوم أنت بتفادي التصادم بالمقدار ذاته؟ نحن سفينة حربية أمريكية ، فمن أنتم على أي حال؟
الجهة الأخرى : نحن حقل بترول عائم! ولا نستطيع الحركة !!! احترس.
لكن الوقت كان قد استنفد في هذا الحوار اللاسلكي غير المثمر ، واصطدمت السفينة بالحقل البترولي.
والدرس الذي تتعلمه من هذه القصة : هو ألا تفترض أن الجهة الأخرى لها مثل مواصفاتك.
فليس الهدف الوحيد للاتصال أن تبعث برسالتك إلى الآخرين ، بل يجب أن يكون هدفك رباعي الأبعاد ؛ أن تفهم الطرف الآخر ثم أن تستقبل رسالته ، ثم أن تجعل نفسك مفهوماً ، وأخيراً أن تبعث برسالتك إليه.
لابد من فهم الطرف الآخر وتقدير ظروفه المختلفة قبل اتخاذ قرارات أو إصدار أوامر. القصة تُبرز خطأ الافتراض المسبق بأن الجميع يمتلك نفس القدرات أو الإمكانيات، كما حدث مع القبطان الذي افترض أن الجهة الأخرى سفينة يمكنها المناورة مثل سفينته، بينما كانت في الواقع حقل بترول عائم غير قادر على الحركة. هذا الافتراض أدى إلى كارثة بسبب غياب التواصل الفعّال.
الدرس المستفاد يتعلق بأهمية التواصل الشامل والواعي، الذي لا يقتصر على إرسال رسائل أو فرض وجهات نظر، بل يتطلب الاستماع الجيد، فهم سياق الطرف الآخر، واحترام خصوصياته وقيوده. التواصل الناجح يعتمد على أربع ركائز: فهم الآخر، استقبال رسالته بعناية، جعل رسالتك واضحة ومفهومة، وأخيرًا إيصال رسالتك بفعالية. هذا النهج يمنع سوء الفهم ويعزز اتخاذ قرارات مدروسة، مما يحول دون وقوع أخطاء قد تكون مكلفة.