الشيخ صالح بن محمد السويح
الشيخ صالح بن محمد السويح
May 28, 2025 at 05:10 PM
﷽ سؤال: كيف تكون هيئة الجلوس عند الاستماع إلى الدروس المسجلة أو عن بعد؟ وهل يجب أن تكون كهيئة الجلوس أمام الشيخ في حضور الدرس؟ الجواب: ينبغي التأدب عند ذلك في طريقة جلوسك ولباسك وطهورك، والتهيؤ لذلك، والتخلي عن الشواغل الذهنية والسمعية والبصرية، لانك في محضر سماع العلم. والعلم له هيبة وإجلال، سواء كان سماعك حضوريا أمام الشيخ في درسه، أو عن بعد أو مسجَّلا، فينبغي تعظيم العلم وإجلاله. وقد أمر الله بالاستماع والإنصات عند سماع القرآن وبين أن ذلك سبب الانتفاع به، فقال تعالى: { وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُوا۟ لَهُۥ وَأَنصِتُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ}[ الأَعۡرَافِ: ٢٠٤]. وهذه المسموعات للدروس العلمية تتضمن كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وبيان معاني ذلك. وقد ورد الامر بغضِّ وخفضِ الصوت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك من التقوى وبين الله ما في ذلك من الثواب والأجر، وهذا خبر يتضمن الأمر، فقال الله تعالى:{ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَغُضُّونَ أَصۡوَ ٰ⁠تَهُمۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ ٱمۡتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ لِلتَّقۡوَىٰۚ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرٌ عَظِیمٌ }[ الحُجُرَاتِ: ٣]. وقال تعالى: { یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰ⁠تَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ }[ الحُجُرَاتِ: ٢]. ويدخل في ذلك سماع العلم المورث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن سمعه منه فوعى وأدعاه كما سمع، ولا يكون ذلك إلا بحسن الاستماع وجمع القلب على ما يلقى من العلم، كما في سنن الترمذي (٢٦٥٨) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْه)). وقد كان ذلك هدي الصحابة رضي الله عنهم عند سماع الوحي، كما في البخاري (٢٨٤٢) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ : ((إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ)). قال الراوي:" ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا، فَبَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا وَثَنَّى بِالْأُخْرَى، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَا : يُوحَى إِلَيْهِ. وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ" الحديث. و الشاهد منه: قوله: "وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ" وهذا تعبير يدل على التهيئ والاستعداد والسكون والترقب لما يلقى. وقد ورد عن السلف رحمهم الله التنبيه على جملة من الآداب في الحث على الاستماع والانصات وجمع القلب، وعدم التشاغل عند سماع العلم ، فمن ذلك: عن الحسنُ بنُ عليٍّ رضي الله عنه، أنه قال لابنِه: "يا بُنيَّ، إذا جالسْتَ العُلماءَ فكنْ على أن تسمَعَ أحرَصَ منك على أن تقولَ، وتعلَّمْ حُسنَ الاستماعِ كما تتعلَّمُ حُسنَ الصَّمتِ، ولا تقطعْ على أحدٍ حديثًا وإن طال حتَّى يُمسِكَ"ا.ه[جامع بيان العلم لابن عبد البر (1/ 521)]. وقال سفيان بنُ عُيَينةَ رحمه الله: "أوَّلُ العِلمِ الاستماعُ، ثُمَّ الإنصاتُ، ثُمَّ الحِفظُ، ثُمَّ العَملُ، ثُمَّ النَّشرُ"ا.ه[الحلية لأبي نعيم الأصبهاني (7/ 274)]. وقال ابنِ وَهبٍ رحمه الله: "إنِّي لأسمَعُ مِن الرَّجلِ الحديثَ قد سمعْتُه قَبلَ أن يجتمِعَ أبواه، فأُنصِتُ له كأنِّي لم أسمَعْه"[الآداب الشرعية لابن مفلح (2/ 163)]. فينبغي الحرص على هذا الادب العظيم الذي هو مفتاح العلم وبابه وأسه وأصله، ومن فقد ذلك حُرِم بركة علمه والله المستعان. والله أعلم. #سؤال_وجواب #أدب_الطلب https://t.me/salehalswayeh/10368 ═══ ¤❁✿❁¤ ═══ 🔹 لمتابعة قنوات النشر  👇 https://taplink.cc/salehlswayeh

Comments