📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الخميس ٠٢ ذي الحجة ١٤٤٦ هـ) السؤال: قال بعض أهل العلم أنه لمّا ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فضيلة العمل الصالح في العشر ذي الحجة؛ لم يذكر الصلاة، والصوم، والصدقة .. وجاء في المسند في الحديث ذكر التّهليل، والتكبير، والتحميد. وقوله تعالى: {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} الآية. ما توجيهكم شيخنا؟! وما الراجح عندكم؟! وهل هذا على عمومه؟! أم هو عام أُريد به الخاص؟! .. الجواب: "ذكر العمل الصالح هنا؛ (ال) ليست للعهد، إنما للاستغراق والعموم. أما ذكر التهليل، والتكبير، والتحميد، ونحو ذلك .. فهو جزء يتعلّق باللسان، وهي الأذكار، أما العمل فهو أعمّ من أن يكون باللسان فقط، بل فيه ما يتعلّق بالقلب، وفيه ما يتعلّق بالفعل، وفيه ما يتعلّق باللسان، بدليل أنّه ذكر الجهاد في الحديث، (ما من أيام ... قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ) الحديث. ذكر الجهاد؛ وهو داخل في العبادة المالية، والبدنية الفعلية. إذًا في هذا، (إلا رجل ..)، صرف ماله، وما يأكله .. فلا بد له من زاد، وهذا داخل في الأموال، وشامل للأفعال؛ كونه يناصر الحق،، ويقضي على العدو .. إن مات فهذا أفضل. إذًا ليس المراد به خصوص الذكر، مع أننا لو سلّمنا -جدلا- بذكره خصوص الذكر؛ ففيه الأضحية في العشر، وهي من العبادات المالية، فلو كان بخصوص الذكر ما جاءت، وهي من العبادات المالية، ثم قرن البسملة، والذكر .. مع أفعال الحاج؛ الذي يقوم بأفعال تعبديّة، ومالية في هذه الأيام، قد يعتمر، وقد يكون دخوله بنسك القران، أو الإفراد، أو التّمتع، وكله أفعال وأحوال. إذًا حصره في الذكر اللساني فقط؛ أظن أنه لا يتوافق مع العموم، ومع ما ذُيِّل وخُتِم به الحديث (الجهاد)، وهو أشبه بالحج، فالحج جهاد النساء كما جاء في الحديث، معنى ذلك أن الجهاد يكون بالمال، والأعمال، والذكر، لذا قلنا بعموم الأعمال في الحديث، وليس بخصوص الذكر. الأيام المعلومات غير الأيام المعدودات، فالأيام المعلومات من الأول إلى العاشر من ذي الحجة، والأيام المعدودات هي أيام التشريق، {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ..} الآية. إذًا الأيام المعدودات هي أيام التشريق، والمعلومات هي العشر ذي الحجة، مع أن الأيام المعدودات ليست داخلة في الأيام المعلومات، وفيها الذكر، وفيها العمل، أيام أكل وشرب وذكر لله، وبِعال أيضا كما جاء .. أعود فأقول: الأيام هذه التي يقوم فيها العمل الصالح؛ هذا عندي من ناحية العمل القلبي أفضل ذلك، وهو الإيمان بالله، وبرسوله، وبكل ما يأمرك به الله .. وبالنسبة للأعمال الأخرى؛ الذي أقول: منها التوبة، لأنه كثيرا ما يغفل عنها الناس، وكذا الصوم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر .. كلها داخلة في العمل الصالح، كما قال تعالى: {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ..} الآية، هذه أعمال صالحة، بدأها بالتوبة، وجاء في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (.. تائبون عابدون ..) في أسفاره. التوبة يغفل عنها كثير، وهي الرجوع إلى الله، والله تعالى يحب توبة عبده، كما جاء في حديث الذي نشزت ناقته في الصحراء ثم وجدها .. هذا شديد الفرح بها، والله أشد فرحا بتوبة عبده إذا رجع للحق والصواب، وما يفرح به الله تعالى لا شك أنه عمل صالح عظيم. وفي الآيات عندما تُذكر المعاصي إلا ويعقبها بذكر التوبة، كقوله تعالى: {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا ..}، وقوله: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا} الآية. خاصة وأن الإنسان يرتكب كثيرا من الصغائر، وربما حتى الكبائر، فالتوبة من العمل الصالح الذي يُرغَّب فيه، وفيها التوبة، والرجوع، والخضوع .. فإذا كانت سيّاجا للعمل الصالح الآخر ففيه خير كثير. الأمور المذكورة في الآية: {التائبون العابدون ..}، هذه وغيرها؛ كلها تدخل في العمل الصالح، والناس بحسبهم، فيهم من يقدّم هذا ويقوى عليه دون العمل الآخر، وفيهم العكس، فيهم من لا يقوى على الصوم ويقوى على الصدقة، والصدقة تتعدّى إلى الغير، بينما الصوم خاص به، بينه وبين الله، والصدقة ربما يقدر عليها ولا يقدر على الصوم، فبالنسبة إليه لا يقدر على هذه، ويقدر على هذه؛ فيفعلها. كذلك ينصح، والنصيحة داخلة في العمل الصالح، وفي الأمر بالمعروف، وإذا نهاهم فهي داخلة في النهي عن المنكر، وهو عمل صالح، كلها أعمال صالحة، ولا تقتصر على هذا -أي الذكر-. الحلقات أيضا، والعلوم إذا كانت بغيتها الشريعة، أو كانت وسيلة إلى الشريعة؛ تُعدّ من العمل الصالح، وهي داخلة في الأذكار عموما، وفي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لأنه قد يُبيّن أن هذه صورة محرّمة لا تجوز لكذا، وما تراه من أخلاق سيّئة لابد أن ينتهي عنها .. فهذا نهي عن المنكر. فيها أذكار، وتنبيه، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر .. فتضُمّ الحلقات عدّة عبادات، وكلها داخلة في العمل الصالح."