مجلة الصمود
مجلة الصمود
June 14, 2025 at 08:14 PM
*مقال: أفغانستان تتحدى هيمنة الدولار: تحوّل استراتيجي نحو شراكات مالية شرقية* بقلم: مسلميار في مشهد يعكس تحوّلاً لافتًا في السياسة الاقتصادية الإقليمية، شرعت حكومة الإمارة الإسلامية في أفغانستان بخطوات فعلية نحو فكّ الارتباط بالدولار الأميركي، في إطار استراتيجية جديدة تسعى إلى تعزيز الاستقلال المالي والاقتصادي للبلاد، في ظل استمرار الضغوط الغربية والعقوبات الاقتصادية الأمريكية. *تحرر اقتصادي من الهيمنة المالية الغربية* في تصريح بارز أدلى به القائم بأعمال وزير الصناعة والتجارة، الحاج نورالدين عزيزي، أكد أن الحكومة الأفغانية دخلت في مباحثات تقنية متقدمة مع كل من موسكو وبكين، بهدف اعتماد العملات المحلية -الروبل الروسي واليوان الصيني- بدلاً من الدولار الأمريكي في التبادل التجاري الثنائي. هذه الخطوة ليست مجرد إجراء فني أو تكتيكي، بل تمثل جزءاً من رؤية استراتيجية تهدف إلى كسر الهيمنة المالية الغربية، التي لطالما استُخدمت أداة للضغط السياسي والعقوبات. وأوضح عزيزي أن حجم التبادل التجاري بين روسيا وأفغانستان لا يزال محدوداً، بحدود 300 مليون دولار سنويًا، إلا أن هذه المبادرة قد تفتح الباب لتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي، خاصة مع التحديات المشتركة التي تواجهها موسكو وكابل تحت العقوبات الغربية. أما مع الصين، فقد تجاوز حجم التبادل التجاري بالفعل حاجز المليار دولار، ما يجعل إمكانية اعتماد اليوان في المبادلات التجارية واقعية وقابلة للتنفيذ. *الدولار كسلاح.. وأفغانستان تتصدّى* تأتي هذه المبادرة في سياق الرد الأفغاني على السياسات الأمريكية التي استخدمت الدولار سلاحًا اقتصاديًا، سواء عبر تجميد أكثر من 9 مليارات دولار من أموال البنك المركزي الأفغاني أو من خلال القيود المفروضة على التحويلات المالية والتعاملات الدولية. وقد أسهم هذا في خلق حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي بعد الانسحاب الأمريكي، غير أن الحكومة الأفغانية تبنت سياسة نقدية انكماشية صارمة نجحت في الحد من التضخم وتعزيز استقرار العملة المحلية، إذ سجلت العملة الوطنية تحسنًا واضحًا في الأسابيع الأخيرة، حيث انخفض سعر صرف الدولار من 75 إلى 68 أفغانيًا. *شراكات استراتيجية خارج المدار الغربي* ما يجري ليس مجرد إصلاح اقتصادي، بل هو تحول في التوجّه الجيوسياسي لأفغانستان، التي تسعى لتقوية روابطها مع القوى الآسيوية الصاعدة كروسيا والصين، على حساب العلاقات التقليدية مع الغرب. في الوقت الذي تعاني فيه البنوك الروسية من عقوبات أمريكية وأوروبية، تسعى كابل إلى التعامل مع المؤسسات غير المشمولة بالعقوبات، بما يضمن استمرار التبادل دون عوائق. هذه الشراكات تأتي ضمن رؤية أوسع للإمارة الإسلامية في إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني على أسس مستقلة ومتماسكة، تقوم على الانفتاح على الشرق والتكامل الإقليمي مع الدول التي تشترك مع أفغانستان في التحديات والمصالح الاستراتيجية. *دلالات التحوّل* يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تمثل بداية نهاية الاحتكار الأمريكي للعملة الدولية في التعاملات التجارية الإقليمية، خاصة في الدول التي ترزح تحت العقوبات الغربية. كما أنها تعزز من قدرة أفغانستان على حماية اقتصادها من تقلبات النظام المالي العالمي، وتفتح أمامها آفاقًا جديدة للتنمية والتكامل. الخلاصة أن قرار كابل بالتحوّل نحو العملات المحلية في التجارة مع روسيا والصين لا يمثل فقط تحررًا ماليًا، بل هو مؤشر واضح على إعادة تموضع استراتيجي يهدف إلى تحقيق سيادة اقتصادية واستقلال سياسي حقيقي. أفغانستان، التي صمدت عسكريًا أمام الغزو، تسعى اليوم إلى بناء استقلال اقتصادي لا يقل صلابة عن نصرها السياسي.
Image from مجلة الصمود: *مقال:  أفغانستان تتحدى هيمنة الدولار: تحوّل استراتيجي نحو شراكات مالي...
👍 1

Comments