
وقفة مع آية 📚 ودروس تفسير
June 4, 2025 at 01:56 AM
وقفة مع آية📚
(٣٣٣)
﴿إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعًا وَإِذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنوعًا إِلَّا المُصَلّينَ﴾ [المعارج: ١٩-٢٢]
قال ابن كثير رحمه الله:( يقول تعالى مخبرا عن الإنسان وما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة : ( إن الإنسان خلق هلوعا ).
ثم فسره بقوله : ( إذا مسه الشر جزوعا ) أي : إذا أصابه الضر فزع وجزع وانخلع قلبه من شدة الرعب ، وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير .
( وإذا مسه الخير منوعا ) أي : إذا حصلت له نعمة من الله بخل بها على غيره ، ومنع حق الله فيها .
ثم قال : ( إلا المصلين ) أي : الإنسان من حيث هو متصف بصفات الذم إلا من عصمه الله ووفقه ، وهداه إلى الخير ويسر له أسبابه ، وهم المصلون)أ.هـ
قال الشيخ السعدي رحمه الله:( { إِلَّا الْمُصَلِّينَ } الموصوفين بتلك الأوصاف فإنهم إذا مسهم الخير شكروا الله، وأنفقوا مما خولهم الله، وإذا مسهم الشر صبروا واحتسبوا.
وقوله في وصفهم { الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ } أي: مداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها.
وليسوا كمن لا يفعلها، أو يفعلها وقتا دون وقت، أو يفعلها على وجه ناقص)أ.هـ
هذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية، أنه هلوع.
فطبعه الجزع والشح وقلة الصبر ولكن امتثال الشرائع والقرب من الله خصوصا إقامته لصلاته يهذبه وينقيه من هذه الخلال وأمثالها فإن لم يمتثل ويتخلق بأخلاق الشرع ظل على جزعه وشح نفسه وهلعه فتجده إذا مسه الشر جزع وهلع وإذا مسه الخير شح ومنع وبخل.
المؤمن في حال السراء والضراء كما وصف في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم.
والمؤمن كل أمره خير مع الابتلاء بالخير أو الشر ، بالسراء أو الضراء ، فهو في نعمة من الله تعالى في جميع أحواله إن امتثل التوجيه.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:(...لكن جنس الإنسان هلوع إلا من رزقه الله الإيمان والثبات والحق والاستقامة فإنه لا يكون هلوعًا، إن مسه الشر صبر وجاهد نفسه في إبعاده، وإن مسه الخير شكر الله وأنفقه في وجوه البر، فهو شكور عند الرخاء صبور عند البلاء، هكذا المؤمن، لكن غالب الناس ليس كذلك هلوع، غالب الخلق هلوع، ليس عنده صبر عند الشدة، وليس عنده شكر عند الرخاء، هذه حال غالب الناس.
أما المؤمن لا، شكور عند الرخاء صبور عند البلاء، كما قال صلى الله عليه وسلم:(عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له) ،هكذا المؤمن. نعم).
قال ابن جزي رحمه الله:(﴿إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً﴾ الإنسان هنا اسم جنس بدليل الاستثناء منه، سئل أحمد بن يحيى مؤلف الفصيح، عن الهلوع فقال: قد فسره الله فلا تفسيراً أَبْيَنَ من تفسيره وهو قوله: ﴿إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً﴾ وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق، ولذلك استثنى منه المصلين، لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا، فلا يجزعون من شرها ولا يبخلون بخيرها).
فيامسلمون :
هذبوا أخلاقكم ونقوا أنفسكم من الجزع وقلة الصبر ومن البخل وذلك بتوثيق صلتكم بربكم بالمحافظة على صلاتكم فتقديم الصلاة على سائر الأعمال الصالحة المعدودة في الآيات التالية دلالة على شرفها وأنها خير الأعمال.ولها الأثر الواضح على المقيم لها - كما أمر الله - في دفع رذيلة الهلع المذموم وقد قال تعالى: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ .
اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل ومن غلبة الدين.