وقفة مع آية 📚 ودروس تفسير
وقفة مع آية 📚 ودروس تفسير
June 5, 2025 at 02:10 AM
وقفة مع آية 📚📚 (٣٣٤) ﴿فَقُلتُ استَغفِروا رَبَّكُم إِنَّهُ كانَ غَفّارًا ۝ يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا ۝ وَيُمدِدكُم بِأَموالٍ وَبَنينَ وَيَجعَل لَكُم جَنّاتٍ وَيَجعَل لَكُم أَنهارًا﴾ [نوح: ١٠-١٢] هذا مماقصه الله تعالى عن نوح عليه السلام مع قومه. قال ابن كثير رحمه الله:( ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ) أي : ارجعوا إليه وارجعوا عما أنتم فيه وتوبوا إليه من قريب ، فإنه من تاب إليه تاب عليه ، ولو كانت ذنوبه مهما كانت في الكفر والشرك ؛ ولهذا قال : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ) أي : متواصلة الأمطار .... وقوله : ( ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) أي : إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه ، كثر الرزق عليكم ، وأسقاكم من بركات السماء ، وأنبت لكم من بركات الأرض ، وأنبت لكم الزرع ، وأدر لكم الضرع ، وأمدكم بأموال وبنين ، أي : أعطاكم الأموال والأولاد ، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار ، وخللها بالأنهار الجارية بينها)أ.هـ قال الطبري رحمه الله:(... عن الشعبيّ، قال: خرج عمر بن الخطاب يستسقي، فما زاد على الاستغفار، ثم رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين ما رأيناك استسقيت، فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنـزل بها المطر، ثم قرأ ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) وقرأ الآية التي في سورة هود حتى بلغ: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ )أ.هـ ومعنى مجاديح السماء: مفاتيح السماء لنزول الأرزاق. ذكر القرطبي رحمه الله:عن ابن صبيح قال : "شكا رجل إلى الحسن الجدوبة : فقال له : استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولداً فقال له : استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له : استغفر الله، فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار ! فقال : ما قلت من عندي شيئاً ! إن الله عز وجل يقول في سورة نوح : " فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " ). قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : (قوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً}، هذه الآية الكريمة تدل على أن الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى من الذنوب سبب لأن يمتع الله من فعل ذلك متاعاً حسناً إلى أجل مسمى؛ لأنه رتب ذلك على الاستغفار والتوبة ترتيب الجزاء على شرطه. والظاهر أن المراد بالمتاع الحسن: سعة الرزق، ورغد العيش، والعافية في الدنيا، وأن المراد بالأجل المسمى: الموت...). قال رجل للحسن البصري رحمه الله: أما يستحي أحدنا من ربه ؟ نفعل الذنب، ثم نستغفر، ثم نفعله مرة أخرى، ثم نستغفر وهكذا . فقال له الحسن : (ودَّ الشيطانُ لو ظفر منكم بهذا ؛ لا تتركوا الاستغفار أبداَ) . نوح عليه السلام دعا قومه وأمرهم بالاستغفار ودعا ربه أن يغفر له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات فقال: ﴿رَبِّ اغفِر لي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيتِيَ مُؤمِنًا وَلِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ وَلا تَزِدِ الظّالِمينَ إِلّا تَبارًا﴾ الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات من دعاء الرسل والأنبياء عليهم السلام ، ومن دعاء الصالحين ، وقد ورد في الحديث بيان فضله ، عن عبادة بن الصامت  رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة) رواه الطبراني وحسنه الألباني. من أفضل الذِّكر وأكثره أجرًا الاستغفار فأكثروا منه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قالَ: (إنْ كنَّا لنَعُدُّ لرسولِ الله  صلى الله عليه وسلم في المجلسِ الواحدِ مائةَ مرَّةٍ: "ربِّ اغفِرْ لي وتُبْ عليَّ، إنَّك أنت التَّوَّابُ الرَّحيمُ) أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه. والاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها. قال ابن تيمية رحمه الله: (العبدُ دائمًا بين نعمةٍ من الله يَحتاجُ فيها إلى شُكرٍ، وذنبٍ منه يَحتاجُ فيه إلى استغفارٍ، وكلٌّ من هذين من الأمورِ اللازمةِ للعبدِ دائمًا؛ فإنَّه لا يزالُ يتقلَّبُ في نعمِ الله وآلائِه، ولا يَزالُ محتاجًا إلى التوبةِ والاستغفارِ، ولهذا كانَ سيدُ ولدِ آدم وإمامُ المتقينَ يَستغفِرُ في جميعِ الأحوالِ). فيامسلمون: ظلمنا أنفسنا بكثرة ذنوبنا فلنكثرمن الاستغفار، قال الحسن رحمه الله : أكثروا من الاستغفار فى بيوتكم، وعلى موائدكم، وفى طرقكم، وفى أسواقكم، وفى مجالسكم، وأينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة. اللهم اغفر ذنوبنا كلها دقها وجلها أولها وآخرها علانيتها وسرها ماعلمنا منها وما لم نعلم.

Comments