
وقفة مع آية 📚 ودروس تفسير
June 7, 2025 at 03:31 AM
وقفة مع آية📚📚
(٣٣٥)
﴿وَأَنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدعوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨]
قال ابن كثير رحمه الله:( يقول تعالى آمرا عباده أن يوحدوه في مجال عبادته ، ولا يدعى معه أحد ولا يشرك به كما قال قتادة في قوله : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) قال : كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم ، أشركوا بالله ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يوحدوه وحده)أ.هـ
قال القرطبي رحمه الله:(قوله تعالى : (لله ) إضافة تشريف وتكريم ، ثم خص بالذكر منها البيت العتيق فقال:(وطهر بيتي... المساجد وإن كانت لله ملكا وتشريفا فإنها قد تنسب إلى غيره تعريفا فيقال : مسجد فلان).
قال الشيخ السعدي رحمه الله:( {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } أي: لا دعاء عبادة، ولا دعاء مسألة، فإن المساجد التي هي أعظم محال العبادة مبنية على الإخلاص لله، والخضوع لعظمته، والاستكانة لعزته)أ.هـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أَحَبُّ البلاد إلى الله مساجدُها وأبغضُ البلاد إلى الله أسواقها) رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله:(أحب البلاد إلى الله مساجدها ) لأنها بيوت الطاعات، وأساسها على التقوى، (وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) لأنها محل الغش والخداع والربا، والأيمان الكاذبة، وإخلاف الوعد، والإعراض عن ذكر الله، وغير ذلك مما في معناه...والمساجد محل نزول الرحمة، والأسواق ضدها).
المساجد لها المكانة والمنزلة الكبيرة في الدين والواجب تعظيمها والعناية بها من عموم المسلمين، وأول ذلك إقامتها في مواضعهم التي يسكنونها ويجتمعون فيها فقد بادر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء مسجده أول ما هاجر إلى المدينة، وحث على بنائها.
حتى لو كانت الإقامة مؤقته لنزهة ورعي ونحو ذلك تحدد بقعة من الأرض مسجداً يجتمعون فيه ويصلون.
المساجد بيوت الله وأماكن نزول رحمته ، تعمر بقراءة القرآن وتعلمه وتعليمه وذكر الله تعالى، بالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وغيرها من الأذكار، قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذَر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن) رواه مسلم. ويجتنب اللغو واللغط، والخوض في أعراض الناس، وكثرة الحديث في أمور الدنيا مما يقسي القلب، ويبعد عن الله تعالى وذكره.
ويؤكد على الحذر مما جدّ في عصرنا من هذه الأجهزة كالجوال ونحوه لايشتغل بها في المسجد إلا لحاجة أو مما هو ذكر لله أو إعانة ودلالة عليه.
يجوز في المساجد الكلام في شؤون الدنيا على وجه لا يشغل القراء أو المصلين ، عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويبتسم) رواه مسلم.
فيامسلمون:
بيوت الله تناديكم كونوا من عمارها وممن عرفوا بالتردد عليها.
أكثروا من الجلوس فيها ، قياما بالواجب كحضور الصلوات الخمس المفروضة ، وحرصا على التزود من الخير والخلوة بالله والتضرع والدعاء والابتهال تجدوا راحة وبعداً عن هموم الدنيا.
اللهم اجعلنا من عمار المساجد وممن حببت إليه الجلوس فيها وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.