وقفة مع آية 📚 ودروس تفسير
وقفة مع آية 📚 ودروس تفسير
June 8, 2025 at 02:13 AM
وقفة مع آية 📚🌺 (٣٣٦) ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعلَمُ أَنَّكَ تَقومُ أَدنى مِن ثُلُثَيِ اللَّيلِ وَنِصفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَن لَن تُحصوهُ فَتابَ عَلَيكُم فَاقرَءوا ما تَيَسَّرَ مِنَ القُرآنِ عَلِمَ أَن سَيَكونُ مِنكُم مَرضى وَآخَرونَ يَضرِبونَ فِي الأَرضِ يَبتَغونَ مِن فَضلِ اللَّهِ وَآخَرونَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَاقرَءوا ما تَيَسَّرَ مِنهُ وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقرِضُوا اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا وَما تُقَدِّموا لِأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا وَاستَغفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [المزمل: ٢٠] إن ربك - أيها الرسول - يعلم أنك تصلّي أقلّ من ثلثي الليل تارة، وتقوم نصفه تارة، وثلثه تارة، وتقوم طائفة من المؤمنين معك، والله يقدر الليل والنهار، ويحصي ساعاتهما، علم سبحانه أنكم لا تقدرون على إحصاء وضبط ساعاته، فيشقّ عليكم قيام أكثره تحرّيًا للمطلوب، فلذلك تاب عليكم، فصلّوا من الليل ما تيسّر، علم الله أن سيكون منكم - أيها المؤمنون - مرضى أجهدهم المرض، وآخرون يسافرون يطلبون رزق الله، وآخرون يقاتلون الكفار ابتغاء مرضاة الله ولتكون كلمة الله هي العليا، فهؤلاء يشقّ عليهم قيام الليل، فصلّوا ما تيسر لكم من الليل، وائتوا بالصلاة المفروضة على أكمل وجه، وأعطوا زكاة أموالكم، وأنفقوا من أموالكم في سبيل الله، وما تقدّموا لأنفسكم من أيّ خير، تجدوه هو خيرًا وأعظم ثوابًا، واطلبوا المغفرة من الله، إن الله غفور لمن تاب من عباده، رحيم بهم. قال القرطبي رحمه الله:( قوله تعالى : (والله يقدر الليل والنهار) أي يعلم مقادير الليل والنهار على حقائقها ، وأنتم تعلمون بالتحري والاجتهاد الذي يقع فيه الخطأ . علم أن لن تحصوه أي لن تطيقوا معرفة حقائق ذلك والقيام به...)أ.هـ قيام الليل عبادة مشروعة ومرغب فيها ومن العبادات التي حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم في حضره وسفره ، وهي هدي وصفة لسلف هذه الأمة ، لهم فيها أخبار مشهورة وصفات محمودة ، لما علموا مافيها من الفضل والخير والخلوة بالله في ظلمة الليل ، والناس يغطون في نومهم أو يسهرون على لهوهم. ومنهم من جعله مؤكداً جداً على حملة القرآن قال ابن كثير رحمه الله:( وهذا ظاهر من مذهب الحسن البصري : أنه كان يرى حقا واجبا على حملة القرآن أن يقوموا ولو بشيء منه في الليل ; ولهذا جاء في الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل نام حتى أصبح ، فقال : " ذاك رجل بال الشيطان في أذنه " . فقيل معناه : نام عن المكتوبة . وقيل : عن قيام الليل . وفي السنن : " أوتروا يا أهل القرآن " . وفي الحديث الآخر : " من لم يوتر فليس منا " ...)أ.هـ قال القرطبي رحمه الله:(...وروي عن عمر بن الخطاب أنه اتخذ حيسا - يعني تمرا بلبن - فجاءه مسكين فأخذه ودفعه إليه . فقال بعضهم : ما يدري هذا المسكين ما هذا ؟ فقال عمر : لكن رب المسكين يدري ما هو وكأنه تأول : (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا) أي مما تركتم وخلفتم ، ومن الشح والتقصير...)أ.هـ قال ابن كثير رحمه الله:( وقوله : ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ) أي : جميع ما تقدموه بين أيديكم فهو خير لكم حاصل ، وهو خير مما أبقيتموه لأنفسكم في الدنيا .....قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه؟ " . قالوا : يا رسول الله ، ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه . قال : " اعلموا ما تقولون " . قالوا : ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله ؟ قال : " إنما مال أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخر " . ورواه البخاري من حديث حفص..)ا.هـ قال الشيخ السعدي رحمه الله:( وليعلم أن مثقال ذرة من الخير في هذه الدار، يقابله أضعاف أضعاف الدنيا، وما عليها في دار النعيم المقيم، من اللذات والشهوات، وأن الخير والبر في هذه الدنيا، مادة الخير والبر في دار القرار، وبذره وأصله وأساسه، فواأسفاه على أوقات مضت في الغفلات، وواحسرتاه على أزمان تقضت بغير الأعمال الصالحات، وواغوثاه من قلوب لم يؤثر فيها وعظ بارئها، ولم ينجع فيها تشويق من هو أرحم بها منها ، فلك اللهم الحمد، وإليك المشتكى، وبك المستغاث، ولا حول ولا قوة إلا بك...)أ.هـ فيامسلمون: تأملوا هذه الآية ومافيها من التوجيه فقدموا خيرا واستغفروا كثيرا. اللهم اجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه وممن يسابق لفعل الخيرات ورفعة الدرجات. وتقبل الله منا ومنكم صالح العمل

Comments