وقفة مع آية 📚📚📚 (٣٤٠) ﴿فَإِذا جاءَتِ الطّامَّةُ الكُبرى ۝ يَومَ يَتَذَكَّرُ الإِنسانُ ما سَعى ۝ وَبُرِّزَتِ الجَحيمُ لِمَن يَرى ۝ فَأَمّا مَن طَغى ۝ وَآثَرَ الحَياةَ الدُّنيا ۝ فَإِنَّ الجَحيمَ هِيَ المَأوى ۝ وَأَمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوى ۝ فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوى﴾ [النازعات: ٣٤-٤١] قال الطبري رحمه الله:( وقوله: ( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ) يقول تعالى ذكره: فإذا جاءت التي تطم على كلّ هائلة من الأمور، فتغمر ما سواها بعظيم هولها..). عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: ( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ) من أسماء يوم القيامة عظمه الله، وحذّره عباده . قال الشيخ السعدي رحمه الله:( أي: إذا جاءت القيامة الكبرى، والشدة العظمى، التي يهون عندها كل شدة، فحينئذ يذهل الوالد عن ولده، والصاحب عن صاحبه وكل محب عن حبيبه. { يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى } في الدنيا، من خير وشر، فيتمنى زيادة مثقال ذرة في حسناته، ويغمه ويحزن لزيادة مثقال ذرة في سيئاته. ويعلم إذ ذاك أن مادة ربحه وخسرانه ما سعاه في الدنيا، وينقطع كل سبب ووصلة كانت في الدنيا سوى الأعمال)أ.هـ قال القرطبي رحمه الله:( وبرزت الجحيم) أي ظهرت . لمن يرى قال ابن عباس : يكشف عنها فيراها تتلظى كل ذي بصر). قال الطبري رحمه الله:( قوله: ( وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) يقول: وآثر متاع الحياة الدنيا على كرامة الآخرة، وما أعدّ الله فيها لأوليائه، فعمل للدنيا، وسعى لها، وترك العمل للآخرة . ( فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ) يقول: فإن نار الله التي اسمها الجحيم، هي منـزله ومأواه، ومصيره الذي يصير إليه يوم القيامة). قال القرطبي رحمه الله:( وقال سهل : ترك الهوى مفتاح الجنة ; لقوله - عز وجل - : (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى) قال عبد الله بن مسعود : أنتم في زمان يقود الحق الهوى ، وسيأتي زمان يقود الهوى الحق فنعوذ بالله من ذلك الزمان). قال ابن عاشور رحمه الله:(...وبه يظهر أن مناط الذم في إيثار الحياة الدنيا هو إيثارها على الآخرة ، فأما الأخذ بحظوظ الحياة الدنيا التي لا يفيت الأخذُ بها حظوظ الآخرة فذلك غير مذموم ، وهو مقام كثير من عِباد الله الصالحين حكاه الله تعالى عن صالحي بني إسرائيل من قولهم لقارون : { وابْتَعِ فيما آتاك اللَّه الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا }). قوله :( وَأَمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوى ) قال الكلبي رحمه الله: ( نزلت في من هم بمعصية وقدر عليها في خلوة ثم تركها من خوف الله ). يعني من خاف عند المعصية مقامه بين يدي الله ، فإن الجنة ومافيها من نعيم هي لمن هذا وصفه. قال ابن القيم رحمه الله:( دخل النّاس النّار من ثَلاثَة أبْواب: باب شُبْهَة أورثت شكا في دين الله، وباب شَهْوَة أورثت تَقْدِيم الهوى على طاعَته ومرضاته، وباب غضب أورث العدوان على خلقه). يامسلمون: يوم القيامه يتذكر كل  إنسان سعيه وما قدمت يداه من خير أو شر وهو يدرك في أي طريق كان سعيه في الدنيا ، وساعتها تبرز الجحيم لمن يرى ولا ينفع صاحب ندم ندمه. فأحسنوا السعي والعمل قبل أن تندموا حين لاينفع ندم. وكونوا ممن خاف ربه ونهى نفسه عن هواها فإن الجنة ومافيها من نعيم لمن هذا وصفه. اللهم إنا نسألك الجنة وماقرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وماقرب إليها من قول أو عمل.