
🌺إستفد وأفد📝
June 16, 2025 at 09:49 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال: ما هي الكتب التي يمكن لطالب العلم أن يَدرسَها في المحاضر الموريتانية؟
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أقول جوابا عن هذا السؤال: إن الكتب التي يمكن لطالب العلم أن يَدرسَها في المحاضر الموريتانية كثيرة ومتنوعة.
⏪ فإن الشناقطة يُدرسُون في علوم اللغة كتبا في النحو كالآجرومية، والقطر، والألفية، والاحمرار، والكافية، وكتبا في الصرف كاللامية، وطرتها، وكتبا في البلاغة كمئة المعاني، والجوهر، والعقود، وكتبا في اللغة كنظم مثلث قطرب، والمقصور والممدود لابن مالك، ومقصورة ابن دريد، ونظم الفصيح لابن المرحل، وقصائد الشعر المختلفة، كالمعلقات، ولامية العرب، ولامية العجم، وبانت سعاد، وغيرها، كما يُدرسون بعض الأنظام في الإملاء، والعَروض، والقوافي، واهتمامهم بالنظم في كل العلوم أكثر من اهتمامهم بالنثر؛ لجماله، وسهولة حفظه، وسرعة استحضاره، وطول بقائه.
⏺️ وأعتقد أن أهم ما يمكن لطالب العلم أن يستفيده في تلك البلاد علوم اللغة؛ لأنهم متخصصون فيها، ومهتمون بها من مدة ليست بالقصيرة، حتى قال قائلهم:
شُغِلتُ بالنحو وبالبيان...
وإن هذان لساحران.
⏪ وفي الفقه يُدرسون متون الفقه المالكي بجميع مستوياتها كالرسالة، والكفاف، وأسهل المسالك، ومختصر خليل، وما دون ذلك، وأعتقد أن هذا الفن هو ثاني فن يهتمون به بعد علوم اللغة، إلا أن أكثرهم يُدرِّسه على طريقة أهل التقليد، لا على طريقة أهل التحقيق.
ومنهم من قد يُدرِّس متونا ليست على المذهب المالكي في الفقه، وقد دَرستُ منظومة "السبل السوية" في فقه الدليل على أحد المشايخ من أهل السنة في تلك البلاد، وكان مفيدا في تدريسه لها.
⏪ ويُدرسون في أصول الفقه وقواعده متونا كالورقات، والمرتقى، والمراقي، والمنهج المنتخب، ومنهم من يُدرس جمع الجوامع، ونظمه الكوكب الساطع، ورأيت أحد المشايخ يُدرس منظومة وسيلة الحصول للحكمي، ونظم القواعد الفقهية للسعدي، ويمكن اعتبار هذا الفن هو فنهم الثالث من حيث ضبطهم له، واهتمامهم به، ويُذكَر أن صاحب المراقي هو من جدده في تلك البلاد، ونشره فيها.
⏪ ويُدرسون متونا في الحديث ومصطلحه كالعمدة، والبلوغ، والبيقونية، والنخبة، وألفية العراقي، واختصارها طلعة الأنوار، وضبطُ أكثر المدرسين في المحاضر لهذا الفن نظرا أوسع من ضبطهم له تطبيقا.
⏪ كما يُدرسون متونا أخرى في علوم شتى كأصول التفسير، والتجويد، والقراءات، والرسم، والسيرة، والأنساب، وغيرها.
ومن العلوم التي يُدرسون فيها بعض المتون ولا فائدة منها علم المنطق، فإنه كما قال عنه ابن تيمية رحمه الله: لا يحتاجه الذكي، ولا يستفيد منه البليد، وكثير من الإخوة الذين درسوا "السلم المنورق" في المحاضر رأيتهم يتندمون عن ذلك، ويذكرون أنهم ضيعوا فيه أوقاتهم من غير فائدة.
⏺️ وأكبر العيوب في غالب المحاضر الموريتانية قلةُ المدرسين فيها من أهل السنة المحضة، وخلوُّها ممن يُتقن علوم العقيدة والتوحيد على طريقة أهل السنة والجماعة، وعدمُ وجود من يُدرِّس المتون العلمية في هذا الفن الشريف إلا قليلا.
⏺️ وقد كنا لما نَدرس في المحاضر نحاول استدراك هذا الخلل وإصلاح هذا العيب بمدارستنا لمتون التوحيد والعقيدة فيما بيننا حفظا ومذاكرة، واستماعا لشروح مشايخ أهل السنة المسموعة عليها، وتلخيصا لها، واجتهادا في فهمها، كما كنا نستعين في ذلك ببعض إخواننا الذين سبق لهم أن دَرسُوها في بعض البلاد؛ فحصل بذلك خير كثير والحمد لله.
⏺️ وقد تحسن الحال الآن حيث وُجد بعض الإخوة السلفيين الذين يهتمون بتدريس العقيدة والتوحيد خاصة في العاصمة نواكشوط، وفي محضرة أهل الحديث بمدينة تجݣجة شيء من الاهتمام بذلك، والحمد لله.
⏺️ وينبغي لمن رحل من طلاب العلم إلى تلك البلاد أن يَحذر من الانتساب لبعض المحاضر المشهورة بانحراف سلوكها، وفساد منهجها، خاصة تلك التي ينتسب شيوخها والمدرسون فيها للطريقة التجانية الزائغة، كمحضرة النباغية، ومحضرة التيسير، وما كان على شاكلتهما، فحذرا ثم حذار من هذه المحاضر التجانية؛ فإن في غيرها غنية عنها، وفي فساد طريقتها رادعا عن الذهاب إليها، والدراسة فيها، وقد قال محمد بن سيرين وغيره من السلف: «إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم»، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم.
كتبه أبو الزبير محمد بن موسى بن محمد الأزوادي وفقه الله
٢٠ ذو الحجة ١٤٤٦هــ