
سيرة الحسن والحسين رضي الله عنهما
June 10, 2025 at 06:04 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaIpLCnKgsNoNYNX0445
قناتنا على تلغرام: https://t.me/HASANHOSAINSEERA
صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/103693332339294/posts/103794525662508/
نتابع مع *خلافة أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما*
نتابع مع *أقوال وخطب ومواعظ حفظها الناس عن أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما*:
ب ـ *الحرص*:
قول الحسن: والحرص عدو النفس، وبه أخرج آدم من الجنة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
*ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه*
فهذا مثل عظيم جداَ ضربه النبي صلى الله عليه وسلم
لفساد دين المسلم بالحرص على المال والشرف في الدنيا،
وأنَّ فساد الدين بذلك ليس بدون فساد الغنم بذئبين جائعين ضاريين
باتا في الغنم قد غاب عنها رِعاؤها ليلاً،
فهما يأكلان في الغنم ويفترسان فيها،
ومعلوم أنه لا ينجو من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين والحالة هذه إلا قليل،
وهذا يشير إلى أنه لا يسلم من دين المسلم مع حرصه على المال والشرف في الدنيا إلا القليل،
فأما الحرص على المال فهو على نوعين:
ـ حال من حرص على جمع المال:
= أحدهما *شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجوهه المباحة والمبالغة في طلبه*،
والجدُّ في تحصيله واكتسابه من وجوهه مع الجهد والمشقة
وقد ورد أن سبب الحديث كان وقوع بعض أفراد هذا النوع،
كما أخرجه الطبراني من حديث عاصم بن عديّ رضي الله عنه قال:
اشتريت مائة سهم من سهام خيبر
فبلغ ذلك النبيَّ صلّى الله عليه وسلم فقال:
*ما ذئبان ضاريان ضَلاَّ في غنم أضاعها ربُّها بأفسد في طلب المسلم المال والشرف لدينه*.
وقد علق ابن رجب ـ رحمه الله ـ على الحديث فقال:
ولو لم يكن في الحرص على المال إلا تضييع العمر الشريف الذي لا قيمة له،
وقد يُمكِّن صاحبه فيه اكتساب الدرجات العلى والنعيم المقيم،
فضيَّعه بالحرص في طلب رزق مضمون مقسوم لا يأتي منه إلا ما قُدِّر وقُسم،
ثمَّ لا ينتفع به، بل يتركه لغيره، ويرتحل عنه
فيبقى حسابه عليه ونفعه لغيره
فيجمع لمن لا يحمده،
ويقدَّم على مَنْ لا يعذره ..
لكفاه بذلك ذماً للحرص،
فالحريص يضيع زمانه الشريف،
ويخاطر بنفسه التي لا قيمة لها في الأسفار وركوب الأخطار
لجمع مال ينتفع به غيره،
كما قيل:
ومن ينفق الأيام في جمع مالِه
مخافةَ فقر فالذي فعلَ الفقرُ
وقال ابن مسعود رضي الله عنه:
اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله
ولا تحسدنَّ أحداً على رزق الله،
ولا تلوم أحداً على ما لم يؤتك الله،
فإنّ الرزق لا يسوقه حِرصُ حريصٍ،
ولا ترده كراهة كاره،
فإن الله بقسطه جعل الروح والفرح في اليقين والرِّضا،
وجعل الهمَّ والحزن في الشك والسَّخط.
وكان عبد الواحد بن زيد يحلف بالله
لحرص المرء على الدنيا أخوف عليه عندي من أعْدَى أعدائه.
وكان يقول:
يا أخوتاه لا تغبطوا حريصاً على ثروته وسعته في مكسب ولا مال
وانظروا له بعين المقت له في اشتغاله اليوم بما يرديه غداً في المعاد ثمَّ يتكبَّر
وكان يقول:
الحرص حرصان:
حرص فاجع،
وحرص نافع،
فأما النافع فحرص المرء على طاعة الله،
وأما الحرص الفاجع، فحرص المرء على الدنيا.
وكتب بعض الحكماء إلى أخ له كان حريصاً على الدنيا:
أما بعد:
فإنك أصبحت حريصاً على الدنيا
تخدمها وهي تخرجُك من نفسها بالأعراض والأمراض والآفات والعلل،
كأنك لم تر حريصاً محروماً ولا زاهداً مرزوقاً .
وقال بعض الحكماء:
أطول الناس هماً الحسود،
وأهنؤهم عيشاً القنوع
وأصبرهم على الأذى الحريص،
وأخفضهم عيشاً أرفضهم للدنيا
وأعظم ندامة العالم المفرِط .
قال الشاعر:
الحرص داء قد أضرَّ
بمن ترى إلاَّ قليلا
كم من حريص طامع
والحرص صيَّرهُ ذليلاً
وقال الشاعر محمود الوراق:
ونازح الدار لا ينفك مغترباً
عن الأحبة لا يدرون بالحالِ
بمشرق الأرض طوراً ثم مغربها
لا يخطر الموت من حرص على بالِ
ولو قنعت أتاك الرزق في دعةٍ
إنَّ القنوع الغِنَى لا كثرة المالِ
وقال أيضاً:
أيها المتعب جهداً نفسه
يطلب الدنيا حريصاً جاهداً
لا لك الدنيا ولا أنتَ لها
فاجعلِ الهمينِ هماً واحداً
وأما النوع الثاني من الحرص على المال:
أن يزيد على ما سبق ذكره في النوع الأول،
*حتى يطلب المال من الوجوه المحرّمة ويمنع الحقوق الواجبة*،
فهذا من الشحِّ المذموم،
قال الله تعالى:
( *وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* ) (التغابن، الآية: 16).
وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
*اتقوا الشحَّ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا*. (صحيح)
وقال طائفة من العلماء:
الشُّحُّ هو الحرص الشديد الذي يحمل صاحِبَهُ على أن يأخذ الأشياء من غير حِلِّها،
ويمنعها حقوقها،
والبخل هو إمساك الإنسان ما في يده.
والشّحُ تناول ما ليس له ظلماً وعُدْواناً من مال أو غيره.
حتى قيل: إنه رأس المعاصي كلِّها،
وبهذا فسَّرَ ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من السلف الشحَّ والبخل..
وقد يستعمل الشُّح بمعنى البخل وبالعكس،
ولكنَّ الأصل هو التفريق بينهما على ما ذكرناه
ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة
نقص بذلك الدين والإيمان نقصاً بيِّناً،
فإن منع الواجبات وتناول المحرمات ينقص بهما الدين والإيمان بلا ريب
حتى لا يبقى منه إلا القليل،
وأما *حرص المرء على الشرف*:
فهو أشد إهلاكاً من الحرص على المال،
فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها،
والرياسة على الناس،
والعُلُوِّ في الأرض
أضرُّ على العبد من طلب المال،
وضرره أعظم،
والزهد فيه أصعب،
فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف ..
والحرص على الشرف قسمين:
= أحدهما: *طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال*،
وهذا خطر جِدَّاً
وهو في الغالب يمنع خير الآخرة وشرفها وكرامتها وعزَّها،
قال تعالى:
( *تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ* ) (القصص، الآية: 83)،
وقلَّ من يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فيُوفَّقُ،
بل يُوكَلُ إلى نفسه،
كما قال صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه:
*يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكِّلْتَ إليها، وإن أُعطيتها من غير مسألة أُعنت عليها*.
واعلم أنَّ الحرص على الشرف يستلزم ضرراً عظيماً قبل وقوعه في السّعي في أسبابه،
وبعد وقوعه بالحرص العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظُّلم والتكبر
وغير ذلك من المفاسد .
= وأما القسم الثاني، *فطلب الشرف والعلوِّ على الناس بالأمور الدينية كالعلم والعمل والزهد*
فهذا أفحش من الأول،
وأقبح فساداً وخطراً،
فإن العلم والعمل والزهد إنما يطلب به ما عند الله من الدرجات العُلى والنعيم المقيم،
القُرب منه، والزُّلفى لديه..
وأما طريقة العلاج من الحرص المذموم،
فيكون بالزهد
وفيه أسباب عديدة منها:
ـ نظر العبد إلى سوء عاقبة الشرف في الدنيا بالولاية والإمارة لمن لا يؤدي حقها في الآخرة.
ـ نظر العبد إلى عقوبة الظالمين والمتكبرين، ومن ينازع الله رداء الكبرياء.
ـ نظر العبد إلى ثواب المتواضعين لله في الدنيا بالرفعة في الآخرة، فإن من تواضع لله رفعه الله.
ـ وليس هو في قدرة العبد، ولكنه من فضل الله ورحمته،
ما يعوِّض الله عباده العارفين به
الزاهدين فيما يغني المال والشرف
مما يعجِّلُهُ الله لهم في الدنيا من شرف التقوى وهيبة الخلق لهم في الظاهر،
ومن حلاوة المعرفة والإيمان والطاعة في الباطن،
وهي الحياة الطيبة التي وعدها الله لمن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن
وهذه الحياة الطيبة لم يذقها الملوك في الدُّنيا ولا أهل الرياسات،
والحرص على الشرف كما قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله:
لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجادلونا عليه بالسيوف.
ومن رزقه الله ذلك اشتغل به عن طلب الشرف الزائل، والرياسة الفانية ،
قال تعالى:
( *وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ* ) (الأعراف، الآية: 26)
وقال:
( *مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا* ) (فاطر، الآية: 10).
فالحسن بن علي رضي الله عنه يحذرنا من الحرص المذموم ولذلك قال:
الحرص عدو النفس، وبه أخرج آدم من الجنة.
==
من كتاب *سيرة الحسن بن علي رضي الله عنهما* للدكتور علي محمد الصلابي، المنشور رقم [62].
نشر يومي لسيرة الحسن والحسين رضي الله عنهما على واتساب
للانضمام اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/Baz63yJeFMBAq6qhpKRaBN
أو
https://chat.whatsapp.com/IYxHr7CYjksISUa0SH6dGY
أو
https://chat.whatsapp.com/KRPoA8AU8nrC4KV1hHEhNM
أو
https://chat.whatsapp.com/CYENVX0qMVHGivNZK8BuKc
أو
https://chat.whatsapp.com/Li9ZuWhkl4qFpzNBvAObTB
أو
https://chat.whatsapp.com/CWrkSthERSxIXtYOm9KOnH
أو
https://chat.whatsapp.com/Kvu2N8tu0acFW6BWiInBhD
أو
https://chat.whatsapp.com/Eoo50QudoJSFBihASNZMuX
أو
https://chat.whatsapp.com/Fg8HrcIOndFDEKq8MAqB0J
أو
https://chat.whatsapp.com/CHzDD0wxdm48A3INE3Do2m
وعلى فيسبوك:
https://www.facebook.com/103693332339294/posts/103794525662508/
وعلى تلغرام:
https://t.me/HASANHOSAINSEERA
ساهم في نشر هذا المنشور لأصدقائك ومجموعاتك
فالدال على الخير كفاعله
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.