
سيرة الحسن والحسين رضي الله عنهما
June 12, 2025 at 08:35 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaIpLCnKgsNoNYNX0445
قناتنا على تلغرام: https://t.me/HASANHOSAINSEERA
صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/103693332339294/posts/103794525662508/
نتابع مع *خلافة أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما*
نتابع مع *أقوال وخطب ومواعظ حفظها الناس عن أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما*:
*مقام الرضا بين الحسن بن علي وأبي ذر الغفاري رضي الله عنهم*:
قال أبو العباس محمد بن يزيد المبّرِّدُ:
قيل للحسن بن عليِّ:
إن أبا ذرِّ يقول:
الفقر أحبُّ إليَّ من الغنى،
والسَّقم أحبُ إليَّ من الصحة،
فقال الحسن:
رحم الله أبا ذرَّ،
أما أنا فأقول:
*من اتَّكل على حسن اختيار الله له، لم يتمنَّ أن يكون في غير الحالة التي اختار الله له*.
وهذا حد الوقوف على الرِّضا بما تصرَّف به القضاء.
إن الحسن بن علي رضي الله عنه في حديثه هذا
يصف لنا شيئاً من أعمال القلوب
وهذا دليل على معرفته بهذا العمل العزيز،
فالرضا من أعمال القلوب،
نظير الجهاد من أعمال الجوارح،
فإنَّ كل واحد منهما ذروة سنام الإيمان،
فالرضا ثمرة من ثمار المحبة لله عز وجل
وهو أعلى مقامات المقرّبين،
وحقيقته غامضة على الأكثرين.
وهو باب الله الأعظم،
ومستراح العارفين،
وجنة الدنيا،
فجدير بمن نصح نفسه أن تشتد رغبته فيه،
وأن لا يستبدل بغيره منه
ورضا الله على العبد أكبر من الجنة وما فيها،
لأن الرضا صفة الله والجنة خلقه
قال تعالى:
( *وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ* ) (التوبة، الآية: 72)،
بعد قوله:
( *وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* ) (التوبة، الآية: 72).
وهذا الرضا جزاء من رضاهم عنه في الدنيا،
ولما كان هذا الجزاء أفضل الجزاء،
كان سببُه أفضال الأعمال.
أما السخط
فهو باب الهمِّ والغمِّ وشتات القلب،
وكَسْف البال، وسُوء الحال،
والظنَّ بالله خلاف ما هو أهله،
والرضا يخلّصه من ذلك كلّه،
ويفتح له باب جنة الدنيا قبل جنة الآخرة،
فالرضا يوجب له الطمأنينة وبَرد القلب وسكونه وقراره،
والسُّخط يُوجب اضطراب قلبه، وريبته وانزعاجه، وعدم قراره،
والسُّخط يوجب تلون العبد، وعدم ثباته مع الله،
فإنه لا يرضى إلاَّ بما يلائم طبعه ونفسه،
والمقادير تجري دائماً بما يلائمه وما لا يلائمه،
وكلّما جرى عليها منه ما لا يلائمه أسخطه
فلا تثبت له قدم على العبودية،
فإذا رضي عن ربه في جميع الحالات
استقرت قدمه في مقام العبودية،
فلا يُزيل التلوُّن عن العبد شيء مثل الرضا،
والرضا يفرِّغ القلب لله،
والسُّخط يُفرِّغ القلب من الله،
فإنّ من ملأ قلبه من الرضا،
ملأ الله صدره غنىً وأمناً وقناعة
وفرّغ قلبه لمحبّته والإنابة إليه والتوكل عليه،
ومن فاته حظُّه من الرضا
امتلأ قلبه بضدّ ذلك واشتغل عمّا فيه سعادته وفلاحه،
وبداية الرضا مكتسبة للعبد وهي من جملة المقامات،
ونهايته من جملة الأحوال وليس مكتسبة،
فأوَّله مقام ونهايته حال
وقد مدح الله أهله وأثنى عليهم وندبهم إليه،
فدلّ ذلك على أنّه مقدور لهم.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
*ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً*،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
*من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً. غفر الله له ما تقدم من ذنوبه*.
قال ابن القيم:
وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين، وإليهما ينتهي.
وقد تضمّنا الرضا بربوبيته سبحانه وألوهيته،
والرضا برسوله،
والانقياد له والرضا بدينه، والتسليم له.
ومن اجتمعت له هذه الأربعة،
فهو الصديق حقّاً،
وهي سهلة بالدعوى واللسان،
وهي من أصعب الأمور عند الحقيقة والامتحان،
ولاسيما إذا جاء ما يخالف هوى النفس ومرادها،
ومن ذلك تبيّن أن الرضا كان لسانه به ناطقاً،
فهو على لسانه لا على حاله.
ـ فالرضا بإلهيته:
يضمن الرضا بمحبته وحده وخوفه،
ورجائه والإنابة إليه، والتبتُّل إليه،
وانجذاب قوى الإرادة والحبّ كلها إليه،
فعل الراضي بمحبوبه كلّ الرضا،
وذلك يتضمّن عبادته والإخلاص له.
ـ والرضا بربوبيّته:
يتضمّن الرضا بتدبيره لعبده،
ويتضمّن إفراده بالتوكل عليه،
والاستعانة به، والثقة به، والاعتماد عليه،
وأن يكون راضياً لكل ما يفعل به،
فالأول، يتضمن رضاه بما يؤمر به،
والثاني: يتضمّن رضاه بما يُقدِّر عليه.
ـ وأما الرضا بنبيّه رسولاً:
فيتضمن كمال الانقياد له،
والتسليم المطلق إليه
بحيث يكون أولى به من نفسه
وأن يكون متميزاً بمكانته عن غيره من البشر
فلا يشاركه أحداً مكانته ولا خصوصيته،
فلا يتلقّى الهدى إلا من مواقع كلماته،
ولا يحاكم إلا إليه،
ولا يحكّم عليه غيره،
ولا يرضى بحكم غيره البتة،
ولا في شيء من أسماء الربّ وصفاته وأفعاله،
ولا في شيء من أذواق حقائق الإيمان ومقاماته،
ولا في شيء من أحكام ظاهره وباطنه،
ولا يرضى في ذلك بحكم غيره،
ولا يرضى إلا بحكمه،
فإن عجز عنه:
كان تحكيمه غيَره من باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يعينُهُ إلا من الميتة والدم،
وأحسن أحواله:
أن يكون من باب التراب،
الذي إنما يُتيمَّم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور،
وأما الرضا بدينه،
فإذا قال، أو حكم، أو أمر، أو نهى: رضي كل الرضا،
ولم يبق في قلبه حرج من حكمه،
وسَلَّم له تسليماً،
ولو كان مخالفاً لمراد نفسه أو هواها
أو قوْل مُقلِّده وشيخه وطائفته ..
فإن الرضا آخر التوكّل،
فمن رسخ قدمه في التوكل والتسليم والتفويض
حصل له الرضا ولا بدّ،
ولكن لعزَّته وعدم إجابة أكثر النفوس له، وصعوبته عليها ـ
لم يُوجبه الله على خلقه، رحمة بهم، وتخفيفاً عنهم،
لكن ندبهم إليه، وأثنى على أهله،
وأخبر أن ثوابه رضاه عنهم، الذي هو أعظم وأكبر وأجل من الجنان وما فيها،
فمن رضي عن ربِّه رضي الله عنه،
بل رضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عنه،
فهو محفوف بنوعين من رضاه عن عبده:
- رضا قلبه، أوجب له أن يرضى عنه،
- ورضاً بعده، وهو ثمرة رضاه عنه،
ولذلك كان الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العارفين، وحياة المحبّين، ونعيم العابدين، وقُرّة عيون المشتاقين.
*كيف تحقق الرضا*؟:
إن من أعظم أسباب حصول الرضا:
أن يلزم ما جعل الله رضاه فيه،
فإنه يوصله إلى مقام الرضا ولابد.
قيل ليحي بن معاذ: متى يبلغ العبد مقام الرضا؟
فقال: إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يُعامل به ربَّه،
فيقول:
إن أعطيتني قبلت،
وإن منعتني رضيت،
وإن تركتني عَبَدْت،
وإن دعوتني أجَبْت.
وقال الجنيد:
الرضا هو صحة العلم الواصل إلى القلب،
فإذا باشر القلب حقيقة العلم، أدّاه إلى الرضا،
وليس "الرضا والمحبة" كالرجاء والخوف،
فإنّ الرضا والمحبة حالان من أحوال أهل الجنة،
لا يفارقان المتلبِّس بها في الدنيا، ولا في البرزخ، ولا في الآخرة،
بخلاف الخوف والرجاء،
فإنهما يفارقان أهل الجنة بحصول ما كانوا يرجونه،
وأمّنهم مما كانوا يخافونه،
وإن كان رجاؤهم لما ينالون من كرامته دائماً
لكنّه ليس رجاءً مشوباً بشكٍّ،
بل هو رجاء واثق بوعد صادق، من حبيب قادر،
فهذا لون
ورجاؤهم في الدنيا لون.
وقال ابن عطاء:
الرضا سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد
أنَّه اختار له الأفضل، فيرضى به.
قال الشاعر:
العبد ذو ضجَر والربُّ ذو قدَرٍ
والدهر ذو دُوَلٍ والرزقُ مقسومُ
والخير أجمعُ في ما اختار خالقُنا
وفي اختيار سواه اللَّوْمُ والشُّومُ
وقال الشاعر:
إذا ارتحل الكرام إليك يوماً
ليلتمسوكَ حالاً بعد حال
فإنَّ رحالنا حطت لترضى
بحلمك عن حلول وارتحال
أنخنا في فنائك يا إلهي
إليك مُعَرَّضين بلا اعتلال
فسُسْنَا كيف شئت ولا تكلنا
إلى تدبيرنا يا ذا المعالي
فهذه بعض المعاني في مقام الرضا
توضح قول أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنه عندما قال:
*من اتكل على حسن اختيار الله له، لم يتمنَّى أن يكون في غير الحالة التي اختار الله له*
وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرَّف به القضاء .
==
من كتاب *سيرة الحسن بن علي رضي الله عنهما* للدكتور علي محمد الصلابي، المنشور رقم [64].
نشر يومي لسيرة الحسن والحسين رضي الله عنهما على واتساب
للانضمام اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/KRPoA8AU8nrC4KV1hHEhNM
أو
https://chat.whatsapp.com/CYENVX0qMVHGivNZK8BuKc
أو
https://chat.whatsapp.com/Li9ZuWhkl4qFpzNBvAObTB
أو
https://chat.whatsapp.com/CWrkSthERSxIXtYOm9KOnH
أو
https://chat.whatsapp.com/Kvu2N8tu0acFW6BWiInBhD
أو
https://chat.whatsapp.com/Eoo50QudoJSFBihASNZMuX
أو
https://chat.whatsapp.com/Fg8HrcIOndFDEKq8MAqB0J
أو
https://chat.whatsapp.com/CHzDD0wxdm48A3INE3Do2m
أو
https://chat.whatsapp.com/Baz63yJeFMBAq6qhpKRaBN
أو
https://chat.whatsapp.com/IYxHr7CYjksISUa0SH6dGY
وعلى فيسبوك:
https://www.facebook.com/103693332339294/posts/103794525662508/
وعلى تلغرام:
https://t.me/HASANHOSAINSEERA
ساهم في نشر هذا المنشور لأصدقائك ومجموعاتك
فالدال على الخير كفاعله
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.