
رَياحِــؔينٌ|| مِن آثارِ السَّلَفِ
May 20, 2025 at 05:01 AM
كان الحبيب المصطفى -صلواتُ رَبي وسلامُه عليه- إذا ظُلِم صبر، وإذا أُوذيَ غَفر، وإذا خُيِّر عفا، لا ينتقم لنفسه ولا يثور لغرضٍ شخصي، بل كان غضبه لله ورضاه لله وكان خُلقه القرآن وسيرته الرحمة، وشعاره في مواطن الإساءة: *"اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".*
ما ضَرب بيده خادمًا ولا نَهَر ضعيفًا ولا ردّ سائلًا، كما رَوَت أحب الخلق إليه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-:
"ما ضَرب رسولُ اللهِ -ﷺ- شيئًا قطُّ بيدِه، ولا امرأةً، ولا خادمًا، إلا أن يُجاهِدَ في سبيلِ اللهِ، وما نِيلَ منه شيءٌ قطُّ فينتقِمَ من صاحبِه، إلا أن يُنتهَك شيءٌ من محارمِ اللهِ، فينتقِمَ للهِ عزَّ وجلَّ".
-رواه مسلم
دخل مكة يوم الفتح منتصرًا بعزةٍ لا يُدانيها كِبر، وبقوةٍ لا تُنقصها رحمة، فوقف أمام من آذوه وطردوه وكذبوه، وقال: *"اذهبوا فأنتم الطلقاء!"* بأبي هو وأمي ﷺ
فأين نحن من عفوه؟ وأين صدورنا من سعة صدره؟
إن هذا الخلق الكريم ما كان حكرًا عليه ﷺ، بل سار عليه أصحابه رضوان الله عليهم، فهذا أبو بكر الصديق لما خاض ابن خالته مِسطَحُ في حادثة الإفك وتكلَّمَ عن السيدة عائشة، وكان ممن أنفق عليه، فحلف أبو بكرٍ ألا يُنفق عليه -أي يُنفقَ على مِسطَح- بعد ذلك، فنزل قول الله تعالى:
﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
فقال أبو بكر: *"بلى، والله إني لأحب أن يغفر الله لي"*
ثم أعاد النفقة وعفا
فمن أحب رسول اللهﷺ فليتحلّ بخلقه، ومن ادّعى محبته فليتأدب بأدبه، فإن الحبّ ليس دعوى تُقال بل خلق يُنال!
اللهمَّ اجمعنا بهِ في جنتك.
🥹
2