
سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
May 23, 2025 at 07:32 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaFEaLK7DAWtV3tQvM43
قناتنا على تلغرام: https://t.me/talebsira
صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/talebsira/posts/pfbid02pUfd5SKigpcx7D6VPJRcrqCN35pNfnv9QxznPPL8LMEdDA1brQMomHNtrGEzAxBgl
نتابع مع *سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه*
نتابع مع *معركة الجمل*
ثانيًا: *اختلاف الصحابة في الطريقة التي يؤخذ بها القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه*:
إن الخلاف الذي نشأ بين أمير المؤمنين علي من جهة،
وبين طلحة والزبير وعائشة من جهة أخرى،
ثم بعد ذلك بين علي ومعاوية
لم يكن سببه ومنشؤه أن هؤلاء كانوا يقدحون في خلافة أمير المؤمنين علي
وإمامته وأحقيته بالخلافة والولاية على المسلمين،
فقد كان هذا محل إجماع بينهم.
قال ابن حزم:
ولم ينكر معاوية قط فضل عليّ واستحقاقه الخلافة،
ولكن اجتهاده أداه إلى أن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان رضي الله عنه على البيعة،
ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان.
وقال ابن تيمية:
ومعاوية لم يدّع الخلافة،
ولم يبايع له بها حين قاتل عليًا،
ولم يقاتل على أنه خليفة،
ولا أنه يستحق الخلافة،
ويقرون له بذلك،
وقد كان معاوية يقر بذلك لمن سأله عنه،
ولا كان معاوية وأصحابه يرون أن يبتدئوا عليًا وأصحابه بالقتال، ولا فعلوا...
وقال أيضًا:...
وكل فرقة من المتشيعين مقرّة مع ذلك بأن معاوية ليس كفئًا لعلي بالخلافة،
ولا يكون خليفة مع إمكان استخلاف علي،
فإن فضل علي وسابقته وعلمه ودينه وشجاعته وسائر فضائله
كانت عندهم ظاهرة معلومة كفضل إخوانه أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
إن منشأ الخلاف لم يكن قدحًا في خلافة أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه
وإنما اختلافهم في قضية الاقتصاص من قتلة عثمان،
ولم يكن خلافهم في أصل المسألة،
وإنما كان في الطريقة التي تعالج بها هذه القضية،
إذ كان أمير المؤمنين علي موافقًا من حيث المبدأ على وجوب الاقتصاص من قتلة عثمان،
وإنما كان رأيه أن يرجئ الاقتصاص من هؤلاء إلى حين استقرار الأوضاع وهدوء الأمور واجتماع الكلمة,
قال النووي:
واعلم أن سبب تلك الحروب أن القضايا كانت مشتبهة،
فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة أقسام:
- قسم ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في هذا الطرف، وأن مخالفه باغ، فوجب عليهم نصرته، وقتال الباغي فيما اعتقدوه ففعلوا ذلك،
ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة إمام العدل في قتال البغاة في اعتقاده،
- وقسم عكس هؤلاء: ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في الطرف الآخر، فوجب عليهم مساعدتهم وقتال الباغي عليه،
- وقسم ثالث: اشتبهت عليهم القضية، وتحيروا فيها، ولم يظهر لهم ترجيح أحد الطرفين فاعتزلوا الفريقين،
وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم
لأنه لا يحل الإقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك،
ولو ظهر لهؤلاء رجحان أحد الطرفين، وأن الحق معه،
لما جاز لهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه.
ثالثًا: *خروج الزبير وطلحة وعائشة ومن معهم إلى البصرة للإصلاح*:
قدم طلحة والزبير إلى مكة
ولقيا عائشة رضي الله عنهم جميعًا
وكان وصولهما إلى مكة بعد أربعة أشهر من مقتل عثمان تقريبًا،
أي في ربيع الآخر من عام36هـ،
ثم بدأ التفاوض في مكة مع عائشة رضي الله عنها للخروج،
وقد كانت هناك ضغوط نفسية كبيرة على أعصاب الذين وجدوا أنفسهم لم يفعلوا شيئًا لإيقاف عملية قتل الخليفة المظلوم،
فقد اتهموا أنفسهم بأنهم خذلوا الخليفة
وأنه لا تكفير لذنبهم هذا حسب قولهم إلا الخروج للمطالبة بدمه،
علمًا بأن عثمان هو الذي نهى كل من أراد أن يدافع عنه في حياته تضحية في سبيل الله،
فعائشة تقول:
إن عثمان قُتل مظلومًا والله لأطالبن بدمه,
وطلحة يقول:
إنه كان مني في عثمان شيء ليس توبتي إلا أن يسفك دمي في طلب دمه,
والزبير يقول:
نُنهض الناس فيدرك بهذا الدم لئلا يَبْطل،
فإن في إبطاله توهين سلطان الله بيننا أبدًا،
إذا لم يُفطم الناس عن أمثالها لم يبق إمام إلا قتله هذا الضرب.
فهذا الإحساس الضاغط على الأعصاب والنفوس كان كفيلاً بأن يحرك الناس
ويخرجهم من راحتهم واستقرارهم،
بل كانوا يخرجون وهم يدركون أنهم يخرجون إلى أهوال قادمة مجهولة،
فكل واحد منهم خرج من بيته وهو غير متوقع العودة مرة أخرى؛
فشيعه أولاده بالبكاء
وسمي يوم خروجهم من مكة نحو البصرة *بيوم النحيب*،
فلم يُرَ يوم كان أكثر باكيًا على الإسلام، أو باكيًا له من ذلك اليوم.
لقد توافرت *مجموعة من العوامل* في مكة جعلتهم يفكرون في طريقة جادة لتحقيق مطلبهم،
ومن هذه العوامل:
- أن بني أمية قد هربوا من المدينة واستقروا في مكة،
- ومنها: أن عبد الله بن عامر – أمير البصرة في عهد عثمان- كان في مكة، وهو يحث على الخروج ويعرض المعونة المادية،
- ومنها: أن يعلى بن أمية الذي خرج من اليمن لإعانة الخليفة عثمان وصل إلى مكة، وقد قتل الخليفة
ومعه من المال والسلاح والدواب شيء لا بأس به،
فعرض كل ذلك للمساعدة في قتل عثمان،
فكان هذا كفيلاً لتشجيع الباحثين عن طريقة لمطاردة قتلة عثمان،
وما دامت العوامل قد توافرت لجمع قوة تطالب بدم عثمان فمن أين يبدؤون؟
دار حوار بينهم حول الجهة التي يتوجهون إليها
- فقال بعضهم – على رأسهم السيدة عائشة-: إن المدينة هي وجهتهم،
- وظهر رأي آخر يطلب التوجه إلى الشام ليتجمعوا معًا ضد قتلة عثمان،
وبعد نظر طويل قرَّ رأيهم على البصرة،
لأن المدينة فيها كثرة ولا يقدرون على مواجهتهم لقلتهم،
ولأن الشام صار مضمونًا لوجود معاوية،
ومن ثم يكون دخولهم البصرة أولى في هذه الخطة لأنها أقل البلدان قوة وسلطة،
ويستطيعون من خلالها تحقيق خطتهم,
وكانت خطتهم ومهمتهم واضحة سواء قبل خروجهم،
أو أثناء طريقهم،
أو عند وصولهم إلى البصرة وهي:
- المطالبة بدم عثمان،
- والإصلاح،
- وإعلام الناس بما فعل الغوغاء،
- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر,
- وأن هذا المطلب هو لإقامة حد من حدود الله,
- وأنه إذا لم يؤخذ على أيدي قتلة عثمان رضي الله عنه فسيكون كل إمام معرضًا للقتل من أمثال هؤلاء,
وأما الطريقة التي تصورها فهي الدخول إلى البصرة ثم الكوفة،
والاستعانة بأهلها على قتلة عثمان منهم أو من غيرهم
ثم يدعون أهل الأمصار الأخرى لذلك
حتى يُضيقوا الخناق على قاتلي عثمان الموجودين في جيش عليّ
فيأخذونهم بأقل قدر ممكن من الضحايا.
لم يكن الخروج إلى البصرة والغضب الذي حرك الصحابة من البساطة التي ظهرت للناس كثأر لعثمان رضي الله عنه،
وكأنه رجل من عوام الناس قُتل،
فخرجت الجيوش في الطلب له بثأره،
رغم كونه حدًا من حدود الله يستوجب الغضب ويستدعي حدوث ذلك،
ولكن مكانة عثمان وشخصيته ومكانته المعنوية كخليفة،
وقتله بالصورة التي تمت، كان فوق ذلك،
ومعه اغتيال لصفة شرعية هي «الخلافة» التي يفهمها المسلمون:
نيابة عن صاحب الشرع في حفظ الدين، وسياسة الدنيا به,
فالاعتداء عليها دون وجه حق اعتداء على صاحب الشرع وتوهين لسلطانه،
وضياع لنظام المسلمين.
كانت السيدة عائشة والزبير وطلحة ومن معهم يسعون لإيجاد رأي إسلامي عام
في مواجهة الطغمة السبئية التي قتلت عثمان،
وأصبحت ذات شوكة لا يستهان بها،
وذلك من خلال تعريف المسلمين بما أتى هؤلاء السبئيون والغوغاء من أهل الأمصار ونزّاع القبائل،
ومن ظاهرهم من الأعراب والعبيد،
فلقد بات واضحًا عند الصحابة من الفريق الذي كان يرى رأي عائشة رضي الله عنها
أن الغوغاء والسبئيين لهم وجود في جيش عليّ،
وأنه لأجل ذلك فإن عليًا رضي الله عنه يصعب عليه مواجهتهم خشية منه على أهل المدينة،
ومن ثم فإنه ينبغي عليهم أن يحاولوا السعي لإفهام المسلمين،
وتقوية الجانب المطالب بإقامة الحدود،
لتتم إقامتها بأقل الخسائر في دماء الأبرياء،
وهو هدف لا نشك أن عليًا كان يسعى إليه، ويحاوله،
بل إن الروايات التي مرت معنا في المحاورة بين الزبير وطلحة وعلىّ تدل على ذلك،
ثم إن هذا السلوك منهم، وهذه النية في تعريف الناس، وتوضيح الأمور لهم،
دليل على وعي تام منهم بأساليب السبئية في اللعب بأفكار العامة،
وتوجيهها على النحو الذي ينخر في الأمة حتى لا تستقر على حال،
فكان لابد من مواجهتها في ميدان الأفكار لإبطال عملها،
ولقد تبين هذا العمل واضحًا وصريحًا في الروايات الصحيحة التي تحدثت فيها السيدة عائشة رضي الله عنها عن أهداف هذا الخروج،
فروى الطبري أن *عثمان بن حنيف*
– وهو والى البصرة من قبل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب –
أرسل إلى عائشة رضي الله عنها عند قدومها البصرة يسألها عن سبب قدومها،
فقال: والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، ولا يغطي لبنية الخبر،
إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثوا فيه الأحداث،
وآووا فيه المحدثين،
واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله
مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر؛
فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه،
وانتهبوا المال الحرام،
وأحلوا البلد الحرام والشهر الحرام،
ومزقوا الأعراض والجنود،
وأقاموا في دار قوم كانوا كارهين لمقامهم،
ضارين مضرين غير نافعين ولا متقين،
ولا يقدرون على امتناع ولا يأمنون،
فخرجت في المسلمين أُعلمهم ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا،
وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا،
وقرأت:
( *لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ* ) [النساء:114]،
فنهض في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصغير والكبير والذكر والأنثى،
فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به وتحضكم عليه ومنكر ننهاكم عنه ونحثكم على تغييره.
وروى ابن حبان أن عائشة رضي الله عنها كتبت إلى أبى موسى الأشعري
– والي عليّ على الكوفة-:
فإنه قد كان من قتل عثمان ما قد علمت،
وقد خرجت مصلحة بين الناس،
فمُرْ من قبلك بالقرار في منازلهم،
والرضا بالعافية حتى يأتيهم ما يحبون من صلاح أمر المسلمين.
ولما أرسل عليُّ القعقاعَ بن عمرو لعائشة ومن كان معها يسألها عن سبب قدومها،
دخل عليها القعقاع فسلم عليها،
وقال: أي أٌماه، ما أشخصك وما أقدمك هذه البلدة؟
قالت: أي بني، إصلاح بين الناس.
==
من كتاب *سيرة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه* للدكتور علي محمد الصلابي، المنشور رقم (176)
نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الرابع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على واتساب
للانضمام اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/BUXtBBRcFPULDPkpN061vC
أو
https://chat.whatsapp.com/Jke0VMAUZ1tKiabyTsX7L3
أو
https://chat.whatsapp.com/BXbxrYt1RvKCtzSeQQScum
أو
https://chat.whatsapp.com/FMy0zjkJhyMKaXyVx5MO79
أو
https://chat.whatsapp.com/J1Q2fFi1lm39A9OFj2rlMD
أو
https://chat.whatsapp.com/C3jaBv16fCi4pREoUc7BfL
أو
https://chat.whatsapp.com/DZeYxykglRt6r0vQNC41eM
أو
https://chat.whatsapp.com/IOPhN2rk4oy5B2dsPq3wxv
أو
https://chat.whatsapp.com/DziGxd8tXOB64Cyx2kaAj2
أو
https://chat.whatsapp.com/BCsWlnrskNsJGBzEkqRYwn
ملاحظة: في حال امتلاء المجموعات السابقة اطلب رابطا جديدا من مشرف المجموعة.
ساهم في نشر هذه المجموعات أو نشر ما يُنشَر فيها
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.