
سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
May 26, 2025 at 07:58 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaFEaLK7DAWtV3tQvM43
قناتنا على تلغرام: https://t.me/talebsira
صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/talebsira/posts/pfbid02pUfd5SKigpcx7D6VPJRcrqCN35pNfnv9QxznPPL8LMEdDA1brQMomHNtrGEzAxBgl
نتابع مع *سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه*
نتابع مع *معركة الجمل*
4- *اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية*:
وهذا القول ينطبق على حال الصحابة في هذه الفتنة،
فمع اختلافهم في الرأي، لم يدخل قلب أحد الضَّغن على أخيه،
وإليك هذه القصة التي حدثت بالكوفة،
فقد روى البخاري عن أبى وائل قال:
دخل أبو موسى الأشعري، وأبو مسعود وعقبة بن عمرو الأنصاري
على عمّار حين بعثه عليٌّ إلى أهل الكوفة يستنفرهم،
فقالا: ما رأيناك أتيت أمرًا أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت.
فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرًا أكره عندي من إبطائكما في هذا الأمر..
وفي رواية: فقال أبو مسعود – وكان موسرًا -:
يا غلام هات حلتين فأعط إحداهما أبا موسى، والأخرى عمارًا،
وقال: روحا فيه إلى الجمعة.
فأنت ترى أبا مسعود وعمارًا وكلاهما يرى الآخر مخطئًا
ومع ذلك فأبو مسعود يكسو عمارًا حلة ليشهد بها الجمعة لأنه كان بثياب السفر وهيئة الحرب،
فكره أبو مسعود أن يشهد الجمعة في تلك الثياب،
وهذا تصرف يدل على غاية الود
مع أن كليهما جعل تصرف صاحبه نحو الفتنة عيبًا،
فعمار يرى إبطاء أبي موسى وأبى مسعود عن تأييد علي عيبًا،
وأبو موسى وأبو مسعود رأيا إسراع عمار في تأييد أمير المؤمنين علي عيبًا،
وكلاهما له حجته التي اقتنع بها؛
فمن أبطأ فذلك لما ظهر لهم من ترك مباشرة القتال في الفتنة،
تمسكًا بالأحاديث الواردة في ذلك وما في حمل السلاح على المسلم من الوعيد،
وكان عمّار على رأى عليًّ في قتال الباغين والناكثين،
والتمسك بقوله: ( *فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي* ) [الحجرات:9]
وحمل الوعيد الوارد في القتال على من كان متعديًا على صاحبه،
وكلا الفريقين لم يكن حريصًا على قتل صاحبه،
ويتعلق الطرفان بأدنى سبب لمنع الاشتجار قبل أن يقع،
ومضي الالتحام إن وقع،
لأن الطرفين كانا كارهين الاقتتال.
5- *تساؤلات على الطريق*:
أ- *ما سأله أبو رفاعة* بن رافع بن مالك العجلان الأنصاري لما أراد الخروج من الرّبذة،
فقال: يا أمير المؤمنين، أي شيء تريد؟ وإلى أين تذهب بنا؟
فقال: أما الذي نريد وننوي فالإصلاح، إن قبلوا منا وأجابونا إليه،
قال: فإن لم يجيبونا إليه؟ قال: ندعهم بعذرهم ونعطيهم الحق ونصبر،
قال: فإن لم يرضوا؟ قال: ندعهم ما تركونا،
قال: فإن لم يتركونا؟ قال: امتنعنا منهم،
قال: فنعم إذًا.
فسمع تلك السلسلة من الأسئلة والإجابات فاطمأن إليها وارتاح لها،
وقال: لأرضينك بالفعل كما أرضيتني بالقول، وقال:
دراكها دراكها قبل الفوْتْ
وانفر بنا واسْمُ بنا نحو الصوْتْ
لا وَألَتْ نفسيَ إنْ هِبْتُ الموتْ
ب- *أهل الكوفة يسألون عليًا بمن فيهم الأعور بن بنان المنقري*:
لما قدم أهل الكوفة إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه فيِ ذي قار،
قام إليه أقوام من أهل الكوفة يسألونه عن سبب قدومهم،
فقام إليه فيمن قام الأعور بن بُنان المنْقري،
فقال له عليّ رضي الله عنه: عليَّ الإصلاح وإطفاء النائرة (العداوة),
لعل الله يجمع شمل هذه الأمة بنا ويضع حربهم، وقد أجابوني،
قال: فإن لم يجيبونا؟
قال: تركناهم ما تركونا.
قال: فإن لم يتركونا؟
قال: دفعناهم عن أنفسنا،
قال: فهل لهم مثل ما عليهم من هذا؟
قال: نعم.
جـ- *أبو سلامة الدألاني*، ممن سأل أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال:
أترى لهؤلاء القوم حجّة فيما طلبوا من هذا الدم، إن كانوا أرادوا الله عز وجل بذلك؟
قال: نعم.
قال: فترى لك حجة بتأخيرك ذلك؟
قال: نعم، إنّ الشيء إذا كان لا يدرك فالحكم فيه أحوطه وأعمّه نفعًا،
قال: فما حالنا وحالهم إن ابتلينا غدًا؟
قال: إني لأرجو ألاّ يقتل أحد نقيّ قلبه لله منّا ومنهم إلا أدخله الله الجنة.
د- وسأل مالك بن حبيب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب،
فقال: ما أنت صانع إذا لقيت هؤلاء القوم؟
قال: قد بان لنا ولهم أن الإصلاح: الكفّ عن هذا الأمر،
فإن بايعونا فذلك،
فإن أبوا وأبينا إلا القتال فصدع لا يلتئم،
قال: فإن ابتلينا فما بال قتلانا؟
قال: من أراد الله عز وجل نفعه ذلك وكان نجاءه.
إن هدف أمير المؤمنين الإصلاح وإطفاء الفتنة،
وإن القتال ليس واردًا في تدابيره،
لأنه إن حصل، فهو داء لا يُرجى شفاؤه،
أما من يقتل بين الطرفين فهو مرهون بنيّته،
سواء قاتل مع أمير المؤمنين أو قاتل ضده،
وبذلك يقرر أمير المؤمنين أن المسلمين الذين خرجوا في هذا الأمر،
بعد استشهاد عثمان – رضي الله عنه –
يبتغون الإصلاح والقضاء على الفتنة
مجتهدون وأجرهم على قدر إخلاص نواياهم ونقاء قلوبهم.
خامسًا: *محاولات الصلح*:
قبل أن يتحرك عليّ رضي الله عنه بجيشه نحو البصرة أقام في ذي قار أيامًا،
وكان غرضه رضي الله عنه القضاء على هذه الفرقة والفتنة بالوسائل السلمية،
وتجنيب المسلمين شر القتال والصدام المسلح بكل ما أُوتى من قوة وجهد،
وكذلك الحال بالنسبة لطلحة والزبير،
وقد اشترك في محاولات الصلح عدد من الصحابة وكبار التابعين ممن اعتزلوا الأمر،
منهم:
1- *عمران بن حصين* رضي الله عنه:
فقد أرسل في الناس يخذل الفريقين جميعًا،
ثم أرسل إلى بني عدي وهم جمع كبير انضموا للزبير،
فجاء رسوله وقال لهم في مسجدهم:
أرسلني إليكم عمران بن حصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ينصحكم ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو
لأن يكون عبدًا حبشيًّا مجدعًا يرعى أعنزًا في رأس جبل حتى يدركه الموت،
أحب إليه من أن يرمي في أحد من الفريقين بسهم أخطأ أو أصاب،
فأمسكوا فدى لكم أبى وأمي.
فقال القوم: دعنا منك، فإنا والله لا ندع ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لشيء أبدًا.
2- *كعب بن سور*:
أحد كبار التابعين،
فقد بذل كل جهد، وكلف نفسه فوق طاقتها،
وقام بدور يعجز عنه كثير من الرجال،
فقد استمر في محاولة الصلح إلى أن وقع المحذور،
وذهب ضحية جهوده؛
إذ قُتل وهو بين الصفين يدعو هؤلاء ويدعو هؤلاء إلى تحكيم كتاب الله وكف السلاح.
3- *القعقاع بن عمرو التميمي*:
أرسل أمير المؤمنين عليٌّ القعقاع بن عمرو التميمي رضي الله عنهما في مهمة الصلح إلى طلحة والزبير،
وقال: القَ هذين الرجلين، فادعهما إلى الألفة والجماعة، وعظّم عليهما الاختلاف والفرقة.
وذهب القعقاع إلى البصرة،
فبدأ بعائشة رضي الله عنها وقال لها: ما أقدمك يا أمّاه إلى البصرة؟
قالت له: يا بني من أجل الإصلاح بين الناس.
فطلب القعقاع منها أن تبعث إلى طلحة والزبير ليحضرا،
ويكلمهما في حضرتها وعلى مسمع منها.
*محاورة القعقاع لطلحة والزبير*:
ولما حضرا سألهما عن سبب حضورهما،
فقالا كما قالت عائشة: من أجل الإصلاح بين الناس.
فقال لهما: أخبراني ما وجه هذا الإصلاح؟
فوالله لئن عَرفناه لنصلحنَّ معكم،
ولئن أنكرناه لا نصلح،
قالا له: قتلة عثمان رضي الله عنه، ولابد أن يُقتلوا،
فإن تُركوا دون قصاص كان هذا تركًا للقرآن وتعطيلاً لأحكامه،
وإن اقُتصَّ منهم كان هذا إحياء للقرآن.
قال القعقاع:
لقد كان في البصرة ستُّمائة من قتلة عثمان
وأنتم قتلتموهم إلا رجلاً واحدًا،
وهو حرقوص بن زهير السعدي،
فلما هرب منكم احتمى بقومه من بني سعد،
ولما أردتم أخذه منهم وقَتْله منعكم قومه من ذلك،
وغضب له ستة آلاف رجل اعتزلوكم،
ووقفوا أمامكم وقفة رجل واحد،
فإنه تركتم حرقوصًا ولم تقتلوه،
كنتم تاركين لما تقولون وتنادون به وتطالبون عليًا به،
وإن قاتلتم بني سعد من أجل حرقوص،
وغلبوكم وهزموكم وأديلوا عليكم،
فقد وقعتم في المحذور وقوَّيتموهم وأصابكم ما تكرهون،
وأنتم بمطالبتكم بحرقوص أغضبتم ربيعة ومضر من هذه البلاد،
حيث اجتمعوا على حربكم وخذلانكم نصرة لبنى سعد،
وهذا ما حصل مع علي، ووجود قتلة عثمان في جيشه.
*الحل عند القعقاع*:
التأني والتسكين ثم القصاص:
تأثرت أمُّ المؤمنين ومن معها بمنطق القعقاع وحجته المقبولة؛
فقالت له: فماذا تقول أنت يا قعقاع؟
قال: أقول:
«هذا أمر دواؤه التسكين،
ولابد من التأني في الاقتصاص من قتلة عثمان،
فإذا انتهت الخلافات،
واجتمعت كلمة الأمة على أمير المؤمنين
تفرغ لقتلة عثمان،
وإن أنتم بايعتم عليًا واتفقتم معه،
كان هذا علامة خير وتباشير رحمة،
وقدرة على الأخذ بثأر عثمان،
وإن أنتم أبيتم ذلك،
وأصررتم على المكابرة والقتال
كان هذا علامة شر وذهابًا لهذا الملك،
فآثروا العافية ترزقوها،
وكونوا مفاتيح خير كما كنتم أولاً،
ولا تُعرَّضونا للبلاء، فتتعرضوا له،
فيصرعنا الله وإياكم،
وأيم الله إني لأقول هذا وأدعوكم إليه،
وإني لخائف أن لا يتم، حتى يأخذ الله حجته من هذه الأمة
التي قلَّ متاعها، ونزل بها ما نزل،
فإنّ ما نزل بها أمر عظيم،
وليس كقتل الرجل الرجل،
ولا قتل النفر الرجل،
ولا قتل القبيلة القبيلة».
اقتنعوا بكلام القعقاع المقنع الصادق المخلص،
ووافقوا على دعوته إلى الصلح،
وقالوا له: قد أحسنت وأصبت المقالة، فارجع،
فإن قدم علي، وهو على مثل رأيك، صلح هذا الأمر إن شاء الله.
عاد القعقاع إلى علي في «ذي قار» وقد نجح في مهمته،
وأخبر عليًا بما جرى معه، فأُعجب علي بذلك،
وأوشك القوم على الصلح، كرهه من كرهه، ورضيه من رضيه.
*بشائر الاتفاق بين الفريقين*:
لما عاد القعقاع وأخبره بما فعل،
أرسل عليّ رضي الله عنه رسولين إلى عائشة والزبير ومن معهما
يستوثق مما جاء به القعقاع بن عمرو،
فجاءا عليًا، بأنه على ما فارقنا عليه القعقاع فأقدم،
فارتحل عليّ حتى نزل بحيالهم،
فنزلت القبائل إلى قبائلهم،
مضر إلى مضر، وربيعة إلى ربيعة،
واليمن إلى اليمن، وهم لا يشكون في الصلح،
فكان بعضهم بحيال بعض،
وبعضهم يخرج إلى بعض،
ولا يذكرون ولا ينوون إلا الصلح,
وكان أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه لما نوى الرحيل قد أعلن قراره الخطير:
ألا وإني راحل غدًا فارتحلوا – يقصد إلى البصرة –
ألا ولا يرتحلن غدًا أحد أعان على عثمان بشيء في شيء من أمور الناس.
==
من كتاب *سيرة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه* للدكتور علي محمد الصلابي، المنشور رقم (179)
نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الرابع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على واتساب
للانضمام اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/FMy0zjkJhyMKaXyVx5MO79
أو
https://chat.whatsapp.com/J1Q2fFi1lm39A9OFj2rlMD
أو
https://chat.whatsapp.com/C3jaBv16fCi4pREoUc7BfL
أو
https://chat.whatsapp.com/DZeYxykglRt6r0vQNC41eM
أو
https://chat.whatsapp.com/IOPhN2rk4oy5B2dsPq3wxv
أو
https://chat.whatsapp.com/DziGxd8tXOB64Cyx2kaAj2
أو
https://chat.whatsapp.com/BCsWlnrskNsJGBzEkqRYwn
أو
https://chat.whatsapp.com/BUXtBBRcFPULDPkpN061vC
أو
https://chat.whatsapp.com/Jke0VMAUZ1tKiabyTsX7L3
أو
https://chat.whatsapp.com/BXbxrYt1RvKCtzSeQQScum
ملاحظة: في حال امتلاء المجموعات السابقة اطلب رابطا جديدا من مشرف المجموعة.
ساهم في نشر هذه المجموعات أو نشر ما يُنشَر فيها
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.