
سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
May 27, 2025 at 05:58 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaFEaLK7DAWtV3tQvM43
قناتنا على تلغرام: https://t.me/talebsira
صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/talebsira/posts/pfbid02pUfd5SKigpcx7D6VPJRcrqCN35pNfnv9QxznPPL8LMEdDA1brQMomHNtrGEzAxBgl
نتابع مع *سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه*
نتابع مع *معركة الجمل*
سادسًا: *نشوب القتال*:
1- *دور السبئية في نشوب الحرب*:
كان في عسكر عليّ رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان:
- من لم يعرف بعينه،
- ومن تنتصر له قبيلته،
- ومن لم تقم عليه حجة بما فعله،
- ومن في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره,
وحرص أتباع ابن سبأ على إشعال الفتنة وتأجيج نيرانها حتى يفلتوا من القصاص.
فلما نزل الناس منازلهم واطمأنوا،
خرج علي
وخرج طلحة والزبير،
فتوافقوا وتكلموا فيما اختلفوا فيه
فلم يجدوا أمرًا هو أمثل من الصلح وترك الحرب
حين رأوا أن الأمر أخذ في الانقشاع،
فافترقوا على ذلك،
ورجع عليّ إلى عسكره،
ورجع طلحة والزبير إلى عسكرهما،
وأرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما،
وأرسل علي إلى رؤساء أصحابه،
ماعدا أولئك الذين حاصروا عثمان رضي الله عنه
فبات الناس على نية الصلح والعافية وهم لا يشكون في الصلح،
فكان بعضهم بحيال بعض،
وبعضهم يخرج إلى بعض،
لا يذكرون ولا ينوون إلاّ الصّلح.
وبات الذين أثاروا الفتنة بشر ليلة باتوها قط؛
إذ أشرفوا على الهلاك وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها،
وقال قائلهم:
أما طلحة والزبير فقد عرفنا أمرهما،
وأما علي فلم نعرف أمره حتى كان اليوم؛
وذلك حين طلب من الناس أن يرتحلوا في الغد
ولا يرتحل معه أحد أعان على عثمان بشيء،
ورأى الناس فينا – والله – واحد،
وإن يصطلحوا مع علي فعلى دمائنا.
وتكلم ابن السوداء عبد الله بن سبأ – وهو المشير فيهم – فقال:
يا قوم إن عزّكم في خلطة الناس فصانعوهم،
وإذا التقى الناس غدًا فأنشبوا القتال،
ولا تفرغوهم للنظر،
فإذا من أنتم معه لا يجد بدًا من أن يمتنع،
ويشغل الله عليًا وطلحة والزبير ومن رأى رأيهم عما تكرهوه،
فأبصروا الرأي وتفرقوا عليه والناس لا يشعرون.
فاجتمعوا على هذا الرأي بإنشاب الحرب في السّر،
فغدوا في الغلس وعليهم ظلمة،
وما يشعر بهم جيرانهم،
فخرج مضريّهم إلى مضريهم،
وربيعيهم إلى ربيعيّهم،
ويمانيهم إلى يمانّيهم،
فوضعوا فيهم السيوف،
فثار أهل البصرة،
وثار كل قوم في وجوه الذين باغتوهم،
وخرج الزبير وطلحة في وجوه الناس من مصر،
فبعثا إلى الميمنة،
وهم ربيعة يرأسها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام،
والميسرة، يرأسها عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد
وثبتا في القلب،
فقالا: ما هذا؟
قالوا: طرقنا أهل الكوفة ليلاً،
فقالا: ما علمنا أن عليًا غير منته حتى يسفك الدّماء ويستحل الحرمة،
وإنه لن يطاوعنا،
ثم رجعا بأهل البصرة،
وقصف أهل البصرة أولئك حتى ردّوهم إلى عسكرهم,
فسمع علي وأهل الكوفة الصوت،
وقد وضع السبئية رجلاً قريبًا من علي ليخبره بما يريدون،
فلما قال: ما هذا؟
قال ذلك الرجل: ما فجئنا إلا وقوم منهم بيتونا فرددناهم،
وقال عليّ لصاحب ميمنته: ائت الميمنة،
وقال لصاحب ميسرته: ائت الميسرة،
والسبئية لا تفتر إنشابًا.
وعلى الرغم من تلك البداية للمعركة
فإن الطرفين ما لبثا يملكان الرويّة حتى تتضح الحقيقة،
فعلي ومن معه يتفقون على ألا يبدؤوا بالقتال حتى يبدؤوا
طلبًا للحجة واستحقاقًا على الآخرين بها،
وهم مع ذلك لا يقتلون مدبرًا،
ولا يجهزون على جريح،
ولكن السبئية لا تفتر إنشابًا,
وفي الجانب الآخر ينادي طلحة وهو على دابته وقد غشيه الناس فيقول:
يا أيها الناس أتنصتون؟
فجعلوا يركبونه ولا ينصتون،
فما زاد أن قال: أف أف فراش نار وذبان طمع,
وهل يكون فراش النار وذبان الطمع غير أولئك السبئية؟
بل إن محاولات الصلح لتجري حتى آخر لحظة من لحظات المعركة.
ومن خلال هذا العرض يتبين أثر ابن سبأ وأعوانه «السبئية» في المعركة
ويتضح – بما لا يدع مجالاً للشك – حرص الصحابة رضي الله عنهم على الإصلاح وجمع الكلمة؛
وهذا هو الحق الذي تثبته النصوص وتطمئن إليه النفوس.
وقبل الحديث عن جولات المعركة
نشير إلى أن أثر السبئية في معركة الجمل
مما يكاد يجمع عليه العلماء سواء أسموهم بالمفسدين،
أو بأوباش الطائفتين،
أو أسماهم البعض بقتلة عثمان،
أو نبزوهم بالسفهاء، أو بالغوغاء،
أو أطلقوا عليهم صراحة السبئية..
وإليك بعض النصوص التي تؤكد ذلك:
- وقال الباقلاني:
وتم الصلح والتفرق على الرضا،
فخاف قتلة عثمان من التمكن منهم، والإحاطة بهم،
فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا،
ثم اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فرقتين،
ويبدؤوا بالحرب سحرة في المعسكرين ويختلطوا،
ويصيح الفريق الذي في عسكر علي: غدر طلحة والزبير،
ويصيح الفريق الذي في عسكر طلحة والزبير: غدر علي،
فتم لهم ذلك على ما دبروه ونشبت الحرب،
فكان كل فريق منهم دافعًا لمكروه عن نفسه ومانعًا من الإشاطة بدمه،
وهذا صواب من الفريقين وطاعة لله تعالى إذ وقع،
والامتناع منهم على هذا السبيل،
فهذا هو الصحيح المشهور، وإليه نميل، وبه نقول.
- ويقول القاضي أبو بكر بن العربي:
وقدم عليّ على البصرة، وتدانوا ليتراءوا،
فلم يتركهم أصحاب الأهواء،
وبادروا بإراقة الدماء،
واشتجرت الحرب،
وكثرت الغوغاء على البوغاء،
كل ذلك حتى لا يقع برهان،
ولا يقف الحال على بيان،
ويخفى قتلة عثمان،
وإنّ واحدًا في الجيش يفسد تدبيره،
فكيف بألف.
و- ويقول ابن حزم:
وبرهان ذلك أنهم اجتمعوا ولم يقتتلوا ولا تحاربوا،
فلما كان الليل عرف قتلة عثمان أن الإراغة والتدبير عليهم،
فبيتوا عسكر طلحة والزبير وبذلوا السيف فيهم،
فدفع القوم عن أنفسهم حتى خالطوا عسكر عليّ،
فدفع أهله عن أنفسهم،
كل طائفة تظن – ولا شك – أن الأخرى بدأتها القتال،
واختلط الأمر اختلاطًا،
ولم يقدر أحد على أكثر من الدفاع عن نفسه،
والفسقة من قتلة عثمان لا يفترون من شن الحرب وإضرابها،
فكلتا الطائفتين مصيبة في غرضها ومقصدها، مدافعة عن نفسها،
ورجع الزبير وترك الحرب بحالها،
وأتى طلحةَ سهم غارب،
وهو قائم لا يدري حقيقة ذلك الاختلاط،
فصادف جرحًا في ساقه كان أصابه يوم أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فانصرف ومات من وقته رضي الله عنه،
وقُتِل الزبير بوادي السباع- بعد انسحابه من المعركة- على أقل من يوم من البصرة،
فهكذا كان الأمر.
ويقول الذهبي: كانت وقعة الجمل أثارها سفهاء الفريقين.
ويقول:
إن الفريقين اصطلحا،
وليس لعلي ولا لطلحة قصد القتال،
بل ليتكلموا في اجتماع الكلمة،
فترامى أوباش الطائفتين بالنبل،
وشبت نار الحرب،
وثارت النفوس.
ولا ننسى أن للفتنة وأجوائها دورًا في الإسهام بتلك الأحداث،
فمما لا شك فيه أن الناس في الفتن قد تحجب عنهم أشياء يراها غيرهم رأي العين،
وقد يتأولون فيها صانعين أشياء يرى من سواهم حقيقتها ناصعة لا تحتاج إلى عناء،
وكفى بسواد الفتنة حاجبًا عن التروي والإبصار,
ولا نبعد كثيرًا؛
فهذا *الأحنف بن قيس*
وهو أحد الذين عايشوا أحداث الجمل
يخرج وهو يريد نصرة عليّ بن أبي طالب،
حتى لقيه أبو بكرة,
فقال: يا أحنف ارجع
فإني سمعته صلى الله عليه وسلم يقول:
*إذا تَواَجَه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار*،
فقلت أو قيل: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: *إنه كان قد أراد قتل صاحبه*.
إن القتال مع عليّ كان حقًا وصوابًا
ومن قتل معه فهو شهيد وله أجران،
ولكن أبا بكرة رضي الله عنه حمل حديثًا ورد في غير الحالة التي قاتل فيها عليٌّ على حالة قتال الباغين،
وهو فهم منه رضي الله عنه ولكنه فهم في غير محله.
ومن هذه الرواية ندرك أن عقبات متعددة واجهت عليًا رضي الله عنه في معركته مع الآخرين،
منها أمثال هذه الفتاوى التي هي أثر عن ورع أكثر منها أثرًا عن فتوى تصيب محلها.
هذا وقد امتنع الأحنف من الدخول مع علي رضي الله عنهما،
فلم يشهد الجمل مع أحد من الفريقين,
ونقترب أكثر فإذا الزبيرَ رضي الله عنه
– وهو طرف أساسي في المعركة –
يكشف لنا عن حقيقة الأمر:
إن هذه لهي الفتنة التي كنا نحدّث عنها،
فقال له مولاه: أتسميها فتنة وتقاتل فيها؟
قال: ويحك؛ إنا نبصر ولا نبصر،
ما كان أمر قط إلا علمت موضع قدمي فيه،
غير هذا الأمر،
فإني لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر.
ويشير إلى ذلك طلحة فيقول:
بينما نحن يد واحدة على من سوانا،
إذ صرنا جبلين من حديد يطلب بعضنا بعضًا.
وفي الطرف الآخر يؤكد أصحاب عليّ رضي الله عنه على الفتنة
فيقول عمار بن ياسر رضي الله عنه في الكوفة عن خروج عائشة:
إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة،
ولكنها مما ابتليتم.
==
من كتاب *سيرة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه* للدكتور علي محمد الصلابي، المنشور رقم (180)
نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الرابع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على واتساب
للانضمام اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/J1Q2fFi1lm39A9OFj2rlMD
أو
https://chat.whatsapp.com/C3jaBv16fCi4pREoUc7BfL
أو
https://chat.whatsapp.com/DZeYxykglRt6r0vQNC41eM
أو
https://chat.whatsapp.com/IOPhN2rk4oy5B2dsPq3wxv
أو
https://chat.whatsapp.com/DziGxd8tXOB64Cyx2kaAj2
أو
https://chat.whatsapp.com/BCsWlnrskNsJGBzEkqRYwn
أو
https://chat.whatsapp.com/BUXtBBRcFPULDPkpN061vC
أو
https://chat.whatsapp.com/Jke0VMAUZ1tKiabyTsX7L3
أو
https://chat.whatsapp.com/BXbxrYt1RvKCtzSeQQScum
أو
https://chat.whatsapp.com/FMy0zjkJhyMKaXyVx5MO79
ملاحظة: في حال امتلاء المجموعات السابقة اطلب رابطا جديدا من مشرف المجموعة.
ساهم في نشر هذه المجموعات أو نشر ما يُنشَر فيها
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.