سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
June 4, 2025 at 08:11 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaFEaLK7DAWtV3tQvM43 قناتنا على تلغرام: https://t.me/talebsira صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/talebsira/posts/pfbid02pUfd5SKigpcx7D6VPJRcrqCN35pNfnv9QxznPPL8LMEdDA1brQMomHNtrGEzAxBgl نتابع مع *سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه* *معركة صفِّين بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما* (37هـ) أولاً: *تسلسل الأحداث التي قبل المعركة*: 1- *أم حبيبة بنت أبي سفيان ترسل النعمان بن بشير بقميص عثمان إلى معاوية وأهل الشام*: لما قُتل عثمان رضي الله عنه، أرسلت أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى أهل عثمان؛ أرسلوا إليّ بثياب عثمان التي قُتل فيها، فبعثوا إليها بقميصه مضرّجًا بالدم، وبخصلة الشعر التي نتفت من لحيته، ثم دعت النعمان بن بشير، فبعثته إلى معاوية، فمضى بذلك وبكتابها، وجاء في رواية: خرج النعمان بن بشير ومعه قميص عثمان مضمخ بالدماء، ومعه أصابع نائلة زوجة عثمان التي أصيبت حين دافعت عنه بيدها, وكانت نائلة بنت الفرافصة الكلبية زوج عثمان كلبية شامية, فورد النعمان على معاوية بالشام، فوضعه معاوية على المنبر ليراه الناس، وعلق الأصابع في كم القميص يرفع تارة ويوضع تارة، والناس يتباكون حوله، وحث بعضهم بعضًا على الأخذ بثأره, وجاء شرحبيل بن السمط الكندي وقال لمعاوية، كان عثمان خليفتنا، فإن قويت على الطلب بدمه وإلا فاعتزلنا. وآلى رجال الشام أن لا يمسوا النساء ولا يناموا على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان ومن عرض دونهم بشيء، أو تفنى أرواحهم, وكان ذلك ما يريده معاوية، فقد كانت الصورة التي نقلها النعمان بن بشير إلى أهل الشام بشعة بشعة؛ مقتل الخليفة، سيوفًا مصلتة من الغوغاء على رقاب الناس، بيت المال منتهكًا مسلوبًا، وأصابع نائلة مقطوعة، فهاجت النفوس والعواطف، واهتزت المشاعر، وتأثرت بها القلوب، وذرفت منها العيون، ولا غرابة بعد هذا إطلاقًا أن نرى إصرار معاوية ومن معه من أهل الشام بالإصرار على المطالبة بدم عثمان، وتسليم القتلة للقصاص قبل البيعة، وهل نتصور أن يتم مقتل أمير المؤمنين وسيد المسلمين من حاقدين محتلين متآمرين، ولا يتماوج العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه للقصاص من أصحاب هذه الجريمة البشعة؟!. 2- *دوافع معاوية في عدم البيعة*: كان معاوية رضي الله عنه واليًا على الشام في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما، ولما تولى الخلافة عليٌّ أراد عزله وتولية عبد الله بن عمر، فاعتذر ابن عمر، فأرسل عليٌّ *سهل بن حنيف* بدلاً منه، إلا أنه ما كاد يصل مشارف الشام (وادي القرى) حتى عاد من حيث جاء، إذ لقيته خيل لمعاوية عليها حبيب بن مسلمة الفهري، فقالوا له: إن كان بعثك عثمان فحيهلا بك وإن كان بعثك غيره فارجع. لقد امتنع معاوية وأهل الشام عن البيعة ورأوا أن يقتص علي رضي الله عنه من قتلة عثمان ثم يدخلون البيعة, وقالوا: لا نبايع من يؤوي القتلة, وتخوفوا على أنفسهم من قتلة عثمان الذين كانوا في جيش علي، فرأوا أن البيعة لعلي لا تجب عليهم، وأنهم إذا قاتلوا على ذلك كانوا مظلومين، قالوا: لأن عثمان قتل مظلومًا باتفاق المسلمين، وقتلته في عسكر علي، وهم غالبون لهم شوكة، فإذا بايعنا ظلمونا واعتدوا علينا وضاع دم عثمان، وكان معاوية رضي الله عنه يرى أن عليه مسؤولية الانتصار لعثمان والقود من قاتليه، فهو ولي دمه، والله يقول: ( *وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا* ) [الإسراء:33]، لذلك جمع معاوية الناس، وخطبهم بشأن عثمان، وأنه قتل مظلومًا على يد سفهاء منافقين لم يقدروا الدم الحرام، إذ سفكوه في الشهر الحرام في البلد الحرام، فثار الناس، واستنكروا وعلت الأصوات – وكان منهم عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أحدهم – واسمه مرة بن كعب – فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تكلمت، وذكر الفتن فقربها، فمر رجل متقنع في ثوب، فقال: *هذا يومئذ على الهدى*، فقمت إليه، فإذا هو عثمان بن عفان، فأقبلت عليه بوجهه فقلت: هذا؟ قال: *نعم*. وهناك حديث آخر له تأثيره في طلب معاوية القود من قتلة عثمان، وكان منشطًا ودافعًا قويًا للتصميم على تحقيق الهدف، وهو: عن النعمان بن بشير عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان من آخر كلمة أن ضرب منكبه، فقال: « *يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك قميصًا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني* » ثلاثًا، فقلت لها: يا أم المؤمنين فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله ما ذكرته، قال: فأخبرته معاوية بن أبى سفيان، فلم يرض بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إليَّ به، فكتبت إليه به كتابًا. لقد كان الحرص الشديد على تنفيذ حكم الله في القتلة السبب الرئيسي في رفض أهل الشام بزعامة معاوية بن أبى سفيان بيعة عليّ بن أبي طالب، ورأوا أن تقديم حكم القصاص مقدم على البيعة، وليس لأطماع معاوية في ولاية الشام، أو طلبه ما ليس له بحق، إذ كان يدرك إدراكًا تامًا أن هذا الأمر في بقية الستة من أهل الشورى، وأن عليًا أفضل منه وأولى بالأمر منه, وقد انعقدت البيعة له بإجماع الصحابة بالمدينة، *وكان اجتهاد معاوية يخالف الصواب*. 3- *معاوية يرد على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنهما*: بعث عليّ رضي الله عنه كتبًا كثيرة إلى معاوية فلم يرد عليه جوابها، وتكرر ذلك مرارًا إلى الشهر الثالث من مقتل عثمان في صفر، ثم بعث معاوية طُومارًا (صحيفة) مع رجل، فدخل به على عليّ فقال له علي: ما وراءك؟ قال: جئتك من عند قوم لا يريدون إلا القَوَد, كلهم موتور تركت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان، وهو على منبر دمشق، فقال علي: اللهم إنيّ أبرأ إليك من دم عثمان. ثم خرج رسول معاوية من بين يدي علي فهمَّ به أولئك الخوارج الذين قتلوا عثمان يريدون قتله، فما أفلت إلا بعد جهد. 4- *تجهيز أمير المؤمنين علي لغزو الشام واعتراض الحسن على ذلك*: بعد وصول رد معاوية لأمير المؤمنين علي، عزم الخليفة على قتال أهل الشام، وكتب إلى *قيس بن سعد* بمصر يستنفر الناس لقتالهم، وإلى *أبي موسى الأشعري* بالكوفة، وبعث إلى عثمان بن حُنيف بذلك، وخطب الناس فحثّهم على ذلك، وعزم على التجهز، وخرج من المدينة، واستخلف عليها قُثم بن العباس، وهو عازم أن يقاتل بمن أطاعه: من عصاه وخرج من أمره ولم يبايعه مع الناس، وجاء إليه ابنه الحسن بن علي فقال: يا أبه دَعْ هذا فإنّ فيه سفك دماء المسلمين، ووقوع الاختلاف بينهم، فلم يقبل منه ذلك، بل صمم على القتال، ورتّب الجيش، فدفع اللواء إلى محمد ابن الحنفية، وجعل ابن العباس على الميمنة، وعمر بن أبي سلمه على الميسرة، ولم يبق شيء إلا أن يخرج من المدينة قاصدًا الشام، حتى جاءه ما شغله عن ذلك, وقد تم تفصيل ذلك من خروج عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة إلى معركة الجمل. 5- *بعد معركة الجمل أرسل أمير المؤمنين عليٌّ: جرير بن عبد الله إلى معاوية*: ذُكر أن المدة بين خلافة أمير المؤمنين علي إلى فتنة السبئية الثانية (أو ما يُسمى البصرة أو معركة الجمل)، خمسة أشهر وواحد وعشرون يومًا، وبين دخوله الكوفة شهر، وبين ذلك وخروجه إلى صفين ستة أشهر, وروي شهران أو ثلاثة. وقد كان دخول أمير المؤمنين الكوفة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة ست وثلاثين، فقيل له: انزل بالقصر الأبيض، فقال: لا، إن عمر بن الخطاب كان يكره نزوله، فأنا أكره لذلك، فنزل في الرحبة وصلى بالجامع الأعظم ركعتين، ثم خطب الناس فحثهم على الخير، ونهاهم عن الشر، ومدح أهل الكوفة في خطبته هذه، ثم بعث إلى جرير بن عبد الله وكان على همذان من زمان عثمان، وإلى الأشعت بن قيس وهو على نيابة أذربيجان من أيام عثمان يأمرهما أن يأخذا البيعة له على من هُنالك ثم يُقبلان إليه، ففعلا ذلك، فلما أراد على أن يبعث إلى معاوية رضي الله عنه يدعوه إلى بيعته، قال جرير بن عبد الله البجلي: أنا أذهب إليه يا أمير المؤمنين، فإنّ بيني وبينه وُدًا، فآخذ لك البيعة منه، فقال الأشتر: لا تبعثه يا أمير المؤمنين، فإني أخشى أن يكون هواه معه. فقال علي: دعه. فبعثه وكتب معه كتابًا إلى معاوية يعلمه باجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته، ويخبره بما كان في وقعة الجمل، ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس، فلمّا انتهى إليه جرير بن عبد الله، أعطاه الكتاب، وطلب معاوية عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام فاستشارهم، فأبوا أن يبايعوا حتى يقتل قتلة عثمان، أو أن يسلم إليهم قتلة عثمان، وإن لم يفعل قاتلوه ولم يبايعوه حتى يقتلهم عن آخرهم، فرجع جرير إلى علي فأخبره بما قالوا، فقال الأشتر: ألم أنْهك يا أمير المؤمنين أن تبعث جريرًا؟ فلو كنت بعثتني لما فتح معاوية بابًا إلا أغلقته. فقال له جرير: لو كنت ثمّ لقتلوك بدم عثمان، فقال الأشتر: والله لو بعثتني لم يُعْيِني جواب معاوية، ولأعجلنّه عن الفكرة، ولو أطاعني فيك أمير المؤمنين لحبسك وأمثالك حتى يستقيم أمر هذه الأمَّة. فقام جرير مُغْضبًا فأقام بقرقيساء، وكتب إلى معاوية يخبره بما قال وقيل له، فكتب إليه معاوية يأمره بالقدوم عليه, وهكذا كان الأشتر سببًا في إبعاد الصحابي جرير بن عبد الله الذي كان واليًا على قرقيسياء وعلى غيرها ورأسًا في قبيلته بجيلة، ويضطره إلى مفارقة أمير المؤمنين علي. وهذا الصحابي جرير بن عبد الله البجلى قال: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي، وقال صلى الله عليه وسلم: « *يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن، على وجهه مسحةُ مَلَك* ». 6- *مسير أمير المؤمنين إلى الشام*: استعد أمير المؤمنين على لغزو الشام، فبعث يستنفر الناس, وجهز جيشًا ضخمًا اختلفت الروايات في تقديره، وكلها روايات ضعيفة إلا رواية واحدة حسنة الإسناد ذكرت أنه سار في خمسين ألفًا. وكان مكان تجمع جند أمير المؤمنين بالنخيلة, وهو على ميلين من الكوفة آنذاك، فتوافدت عليه القبائل من شتى إقليم العراق, واستعمل أمير المؤمنين عليٌّ أبا مسعود الأنصاري، وبعث من النخيلة زياد بن النضر الحارثي طليعة في ثمانية آلاف مقاتل، وبعث شريح بن هانئ في أربعة آلاف، ثم خرج عليّ رضي الله عنه بجيشه إلى المدائن (بغداد) فانضم إليه فيها من المقاتلة، وولى عليها سعد بن مسعود الثقفي، ووجه منها طليعة في ثلاثة آلاف إلى الموصل, وسلك رضي الله عنه طريق الجزيرة الرئيسي على شط الفرات الشرقي حتى بلغ قرب قرقيسياء, فأتته الأخبار بأن معاوية قد خرج لملاقاته وعسكر بصفين، فتقدم علي إلى الرقة, وعبر منها الفرات غربًا ونزل على صفين. 7- *خروج معاوية إلى صفين*: كان معاوية جادًا في مطاردة قتلة عثمان رضي الله عنه، فقد استطاع أن يترصد بجماعة ممن غزوا المدينة من المصريين أثناء عودتهم وقتلهم، ومنهم أبو عمرو بن بديل الخزاعي, ثم كانت له أيد في مصر وشيعة في أهل «خربتا» تطالب بدم عثمان رضي الله عنه، وقد استطاعت هذه الفرقة إيقاع الهزيمة بمحمد بن أبي حذيفة في عدة مواجهات عام 36هـ، كما استطاع أيضًا أن يوقع برؤوس مدبري ومخططي غزو المدينة من المصريين، مثل عبد الرحمن بن عديسي، وكنانة بن بشر، ومحمد بن حذيفة فحبسهم في فلسطين، وذلك في الفترة التي سبقت خروجه إلى صفين، ثم قتلهم في شهر ذي الحجة عام 36هـ, وعندما علم معاوية بتحرك جيش العراق جمع مستشاريه من أعيان أهل الشام، وخطب فيهم وقال: إن عليًا نهد إليكم في أهل العراق.. فقال ذو الكلاع ألحميري: عليك أمرأي وعلينا امفعال (أي عليك الرأي وعلينا الفعال بلغة حمير). وكان أهل الشام قد بايعوا معاوية على الطلب بدم عثمان رضي الله عنه، والقتال, وقد قام عمرو بن العاص رضي الله عنه بتجهيز الجيش وعقد الألوية، وقام في الجيش خطيبًا يحرضهم، فقال: إن أهل العراق قد فرقوا جمعهم وأوهنوا شوكتهم، وفلوا حدهم، ثم إن أهل البصرة مخالفون لعلي قد وترهم وقتلهم، وقد تفانت صناديد أهل الكوفة يوم الجمل، وإنما سار في شرذمة قليلة، ومنهم من قد قتل خليفتكم، فالله الله في حقكم أن تضيعوه وفي دمكم أن تبطلوه, وسار معاوية في جيش ضخم، اختلفت الروايات في تقديره، وكلها روايات منقطعة أسانيدها، وهي عين الروايات التي قدرت جيش عليّ رضي الله عنه، فقدر بمائة ألف وعشرين ألفًا,وقدر بسبعين ألف مقاتل، وقدر بأكثر من ذلك بكثير, إلا أن الأقرب للصواب أنهم ستون ألف مقاتل، وكان قادة جيش معاوية على النحو التالي: عمرو بن العاص على خيول أهل الشام كلها، والضحاك بن قيس على رجالة الناس كلهم، وذو الكلاع الحميري على ميمنة الجيش، وحبيب بن مسلمة على ميسرة الجيش، وأبو الأعور السلمي على المقدمة. هؤلاء هم القادة الكبار وتحت كل قائد من هؤلاء قادة وزعوا حسب القبائل، وكان هذا الترتيب عند مسيرهم إلى صفين، ولكن أثناء الحرب تغير بعض القادة وظهر قادة آخرون مما اقتضته الظروف، ولعل هذا يكون السبب في اختلاف أسماء القادة في بعض المصادر. وبعث معاوية أبا الأعور السلمي مقدمة للجيش، وكان خط سيرهم إلى الشمال الشرقي من دمشق، ولما بلغ صفين أسفل الفرات، عسكر في سهل فسيح، إلى جانب شريعة في الفرات، ليس في ذلك المكان شريعة غيرها، وجعلها في حيزه. 8- *القتال على الماء*: وصل جيش عليّ رضي الله عنه إلى صفين، حيث عسكر معاوية، ولم يجد موضعًا فسيحًا سهلاً يكفي الجيش، فعسكر في موضع وعر نوعًا ما؛ إذ أغلب الأرض صخور ذات كدي وأكمات, فوجئ جيش العراق بمنع معاوية عنهم الماء، فهرع البعض إلى عليّ رضي الله عنه يشكون إليه هذا الأمر، فأرسل علي إلى الأشعت بن قيس فخرج في ألفين ودارت أول معركة بين الفريقين انتصر فيها الأشعث واستولى على الماء, إلا أنه قد وردت رواية تنفي وقوع القتال في أصله مفادها أن الأشعت بن قيس جاء إلى معاوية فقال: الله الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم! هبوا أنكم قتلتم أهل العراق، فمن للبعوث والذراري؟ إن الله يقول: ( *وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا* ) [الحجرات:9] قال معاوية: فما تريد؟ قالوا: خلوا بيننا وبين الماء. فقال لأبي الأعور: خلِّ بين إخواننا وبين الماء. وقد كان القتال على الماء في أول يوم تواجها فيه في بداية شهر ذي الحجة، فاتحة شر على الطرفين المسلمين، إذ استمر القتال بينهما متواصلاً طوال هذا الشهر، وكان القتال على شكل كتائب صغيرة، فكان عليّ رضي الله عنه يخرج من جيشه كتيبة صغيرة يؤمر عليها أميرًا، فتقتتلان مرة واحدة في اليوم، في الغداة أو العشي، وفي بعض الأحيان تقتتلان مرتين في اليوم، وكان أغلب من يخرج من أمراء الكتائب في جيش علي: الأشتر، وحجر بن عدي، وشبث بن ربعي، وخالد بن المعتمر، ومعقل بن يسار الرياحي، ومن جيش معاوية أغلب من يخرج، حبيب بن مسلمة، وعبد الرحمن بن خالد ابن الوليد، وعبيد الله بن عمر بن الخطاب، وأبو الأعور السلمي، وشرحبيل بن السمط، وقد تجنبوا القتال بكامل الجيش خشية الهلاك والاستئصال، وأملاً في وقوع صلح بين الطرفَين، تصان به الأرواح الدماء. 9- *الموادعة بينهما ومحاولات الصلح*: ما إن دخل شهر المحرم، حتى بادر الفريقان إلى الموادعة والهدنة طمعًا في صلح يحفظ دماء المسلمين، فاستغلوا هذا الشهر في المراسلات بينهم، ولكن المعلومات عن مراسلات هذه الفترة – شهر المحرم – وردت من طرق ضعيفة مشهورة، إلا أن ضعفها لا ينفي وجودها، وكان البادئ بالمراسلة أمير المؤمنين على ابن أبي طالب رضي الله عنه، فأرسل بشير بن عمرو الأنصاري، وسعيد بن قيس الهمداني، وشبث بن ربعي التميمي إلى معاوية رضي الله عنه، يدعوه كما دعاه من قبل إلى الدخول في الجماعة والمبايعة، فرد معاوية عليه برده السابق المعروف، بتسليم قتلة عثمان أو القود منهم أولاً، ثم يدخل في البيعة، وقد تبين لنا موقف علي من هذه القضية (توحيد الصف أولا ثم القصاص), كما أن قراء الفريقين، قد عسكروا في ناحية من صفين، وهم عدد كبير، قد قاموا بمحاولات للصلح بينهما، فلم تنجح تلك المحاولات لالتزام كل فريق منهما برأيه وموقفه, وقد حاول اثنان من الصحابة، وهما أبو الدرداء، وأبو أمامة، رضي الله عنهما، الصلح بين الفريقين، فلم تنجح مهمتهما أيضًا لنفس الأسباب السابقة، فتركا الفريقين ولم يشهدا معهما أمرهما, وكذلك حضر مسروق بن الأجدع – أحد كبار التابعين- فوعظ، وخوف ولم يقاتل. == من كتاب *سيرة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه* للدكتور علي محمد الصلابي، المنشور رقم (188) نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الرابع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على واتساب للانضمام اختر أحد الروابط التالية: https://chat.whatsapp.com/BXbxrYt1RvKCtzSeQQScum أو https://chat.whatsapp.com/FMy0zjkJhyMKaXyVx5MO79 أو https://chat.whatsapp.com/J1Q2fFi1lm39A9OFj2rlMD أو https://chat.whatsapp.com/C3jaBv16fCi4pREoUc7BfL أو https://chat.whatsapp.com/DZeYxykglRt6r0vQNC41eM أو https://chat.whatsapp.com/IOPhN2rk4oy5B2dsPq3wxv أو https://chat.whatsapp.com/DziGxd8tXOB64Cyx2kaAj2 أو https://chat.whatsapp.com/BCsWlnrskNsJGBzEkqRYwn أو https://chat.whatsapp.com/BUXtBBRcFPULDPkpN061vC أو https://chat.whatsapp.com/Jke0VMAUZ1tKiabyTsX7L3 ملاحظة: في حال امتلاء المجموعات السابقة اطلب رابطا جديدا من مشرف المجموعة. ساهم في نشر هذه المجموعات أو نشر ما يُنشَر فيها وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.

Comments