رابطة علماء المسلمين
رابطة علماء المسلمين
June 2, 2025 at 03:15 PM
المؤثرات السياسية على واقع مسلمي الهند (7) تحديات وآمال المؤثرات السياسية على واقع مسلمي الهند (7) تحديات وآمال يحمل الحاضر كثيراً من التحديات الداخلية والخارجية.. فمن الداخلي، هناك التفرق بين المسلمين على مستويات عدة؛ فضمن حيز المسلمين توجد فرق ضالة، كالبريلوية والرافضة بتنوعاتها، ثم إن ثمة اختلافات بين مدارس أهل السنة ذاتهم، وتراشق أحياناً يوسع الهوة بين المسلمين. وهناك ضعف الثقافة الإسلامية بين المسلمين، وعدم إدراكهم لطبيعة دورهم والرسالة التي يتعين عليهم أن يحملوها لغيرهم، والحياة التي ينبغي أن يعيشوها ليستأهلوا نصرة الله تعالى لهم. وهناك بعض الأمراض الاجتماعية التي انتقلت إلى المسلمين من الهندوس، إذ تفشت الطبقية داخل الحيز الإسلامي، فتعاظمت الفُرقة بين ما يُسمى بالطبقة العليا من المسلمين، وطبقة الباسماندا (الأضعف اقتصاداً من الحرفيين والرعاة وغيرهم)، حيث يزداد الشعور السلبي من تلك الطبقة ضد "العليا" المفترضة من المسلمين، وهو ما عمل على تضخيمه الحزب الحاكم لاستقطاب هؤلاء بعيداً عن الجسد الإسلامي، للحد الذي جعل الحزب يؤكد على كوادره تجنيب هذه الطبقة التمييز نسبياً ضدها لتوسيع الشقاق بينهم وبين بقية المسلمين، واستقطابهم نحو الحزب الذي يدعي دفاعه عن تلك الطبقة المهمشة من المسلمين أنفسهم! فيستفيد الهندوس من ذلك في الانتخابات وغيرها، هذا علاوة على ما ينجم عن ذلك من ضياع لحمة المسلمين وذهاب ريحهم في كل مواجهة. وهناك عجز الهيئات الإسلامية عن صياغة وحدة حقيقية للمسلمين على غرار ما قد نجحت فيها بعض الأقليات المسلمة في إفريقيا وآسيا، من إنشاء مجلس موحد للمسلمين يتحدث باسم جميع المسلمين، ويحظى باحترام القوة الإسلامية برمتها. ومن الخارجي، هناك الضعف العام للمسلمين في العالم، وغياب التنسيق مع هيئاتهم ومؤسساتهم الدولية والإقليمية المختلفة، لاسيما مع تفجر الأوضاع في أكثر من بقعة أشغلت المسلمين في العالم بعضهم عن بعض بعد أن اتسع الخرق على الراقعين. وهناك التنسيق والتخادم الكبير بين الهند والكيان الصهيوني، الذي جعل من "إسرائيل" غطاء دولياً للهند وجرائمها، ومشجعاً على مزيد من تحقيق التكامل بينهما في ضرب مفاصل القوة الإسلامية في العالم، خصوصاً بعد المساندة القوية من الهندوس للصهاينة في عملية تدمير غزة. وهناك تراجع مؤشرات الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، والذي لم يجعل نفسه مهموماً بانتهاكات هنا أو هناك، وبخاصة أن ما تم هدمه من مساجد في كل من سوريا وفلسطين واليمن والعراق يفوق كل منها على حدة ما تم هدمه في الهند بحجمها الكبير وجغرافيتها الواسعة، كما أن عمليات القتل في كل من تلك الدول ما يفوق بمراحل كل جرائم نظام مودي رغم بشاعتها، ما أفسح المجال لنظام مودي لارتكاب جرائمه وتسريعها بتلك الوتيرة التي لم تكن متاحة بهذا القدر من قبل من جهة، ومن جهة أخرى تغليب القومية الهندوسية على علمانية الدولة، والمساواة الظاهرية بين ديانات وطوائف الهند، وإنهاء الهوية النهروية الغاندية لحساب خطاب وممارسة الهندوتفا المتطرفة. وهناك القوة الاقتصادية الصاعدة للهندوس وتأثيرها في إضعاف المسلمين وإسكات أصواتهم بين الدول الإسلامية ذاتها إذ باتت مصالح الدول الإسلامية مع الهند أولى لديها من الدفاع عن حقوق المسلمين الهنود حتى لو توافرت الحمية الدينية لدى تلك الدول للاحتجاج على ممارسات النظام الهندوسي المتطرف! وهناك الضعف الشديد لنظامي إسلام آباد ودكا، وعجزهما على تحدي القوة الهندية الصاعدة، وانشغالاهما بمشاكل داخلية، تسبب فيها خضوع الدولة العميقة فيهما للإرادة الأمريكية، للطرفين، والتأثير الهندي للثانية، كما أن العقيدة العسكرية لباكستان كانت تقليدياً موجهة ناحية العدو الهندي التقليدي، وثمة ما يحاول الآن بقوة أن يحرفها عن هذا المسار؛ فمن تحرش واضح بأفغانستان، إلى جعل الأولوية الأهم للجيش الباكستاني هي مكافحة الإرهاب، ومناهضة الحركات الانفصالية في بلوشستان ووزيرستان، وكذا بنغلاديش التي جعلت همها الأكبر مناهضة التيار الإسلامي (في النظام السابق، ولا يبدو الأمر واضحاً في ظل النظام الحالي الذي لا تبعد الدولة العميقة عنه كثيراً). كما أن الدولتين قد ألهيتا بأزمات اقتصادية مفتعلة ومقصودة، وأرهنتا عمداً لصندوق النقد الدولي، ووقعتا تحت مقصلة شروطه التدميرية لاقتصاديهما. كما لم تزل الدولتان العميقتان غارقتين في وحل الفرقة بينهما، محاربتين لأي مشروع وحدوي بينهما رغم توق الغالبية العظمى من شعبيهما لذلك، بما تجلى بوضوح أثناء "ثورة" بنغلاديش 2024م. ..... في مقابل كل ما تقدم؛ فإن الآمال لم تتبدد بعد، والكثير من الأفكار والأعمال يمكن لأكبر كتلة إسلامية في العالم أن تفعله، بمساندة من إخوانها في الخارج. يطرح الداعية الهندي البارز د. ذاكر نايك رؤيته حول سبل النهوض السياسي بحالة مسلمي الهند، تتلخص فيما يلي: "يجب على المسلمين إنشاء حزب آخر، حصريًا، للمسلمين فقط". "يجب على هذا الحزب السياسي أن يتعاون مع الأحزاب السياسية الأخرى التي ليست فاشية ولا طائفية". "مثل هذا الحزب السياسي الإسلامي يجب أن يتعاون مع الداليت[1]، الذين هم في الواقع ليسوا هندوسًا، ليشكلوا معاً قوة تقدر بنحو 600 مليون نسمة ستصير قوة رئيسة في البلاد". الهجرة من الولايات التي تضطهد المسلمين، كأوتار براديش التي يهيمن عليها حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف، إلى أخرى داخل الهند "متسامحة" كمثل كيرالا حيث "إن شعب كيرالا ليس طائفيًا بطبيعته، يعيش أتباع الديانات المختلفة في وئام، ولا يوجد احتكاك بين الديانات المختلفة" ثم بومباي وحيدر آباد. وكذلك الهجرة داخل المدن إلى أحياء يغلب عليها المسلمون (وهي في الغالب أحياء فقيرة)، كما في ببلدتي دونجري وبيكولا في مومباي كخيارين، مؤكدًا على ارتفاع عدد المسلمين في هذه المناطق. إعادة النظر في مسألة القيادة العامة للمسلمين لأن "المسلمين الهنود يفتقرون إلى القيادة السياسية". إعلان العدد الحقيقي للمسلمين لإشعار المسلمين بحجمهم (في تقديره ما بين 250-300 مليوناً في العام 2017م – أي في حدود 300 مليوناً الآن على الأقل)[2]. والحقيقة أن فيما يطرح د. ذاكر نايك ما يستحق أن يوضع على طاولة النقاش بين المسلمين ليس في الهند وحدها[3] ، ولكن أمام قادة الفكر من المسلمين في العالم، الذين يتعين عليهم أن ينضجوا مشروعاً نهضوياً للمسلمين أو يضعوا لبناته، في بلد مهم كثيراً للمسلمين يمثل نحو 14% من تعدادهم في العالم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] الداليت هم فئة المنبوذين وتعتبر هذه الطبقة منبوذة في الهند لاعتقادهم أنها قد خلقت من قدم الإله (تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً)، ويصبح النبذ بها لصيقاً لا ينفك عن أهلها أبداً، وهذه الفئة هي الأكثر إقبالاً على الدخول في الإسلام من بين الطبقات الهندوسية لعدالته ومحاربته للعنصرية والطبقية. [2] ترجمة مجلة ذا ويك، لكلمة د. ذاكر نايك على موقع يوتيوب بعنوان: (Solution to Overcome the Harassment and Oppression of the Muslims in India by the Fascist BJP Govt.) أو (الحل للتغلب على المضايقات والقمع الذي يتعرض له المسلمون في الهند من قبل حكومة حزب بهاراتيا جاناتا الفاشية). (21/8/2020م) https://www.youtube.com/watch?v=VKsCAy8V6E8 [3] لعل من بين أبرز ما حدا بالهند إلى ملاحقة الداعية ذاكر نايك في كل الدول التي لجأ إليها تقريباً هي خشيتها من شعبيته، وما يطرحه من أفكار تهدف إلى النهوض بالمسلمين في الهند، وهي أكثر ما تخشاه من بين علماء ودعاة الهند أن يولد من بينهم زعيم سياسي يستأثر بألباب جماهير المسلمين ويقودهم إلى المطالبة بحقوقهم، ولذا، تظل حريصة على وأد أي محاولة لبناء تلك الزعامة من بين العلماء والقادة السياسيين، وما أمر د. اسد عويسي عن ذلك ببعيد.

Comments