فوائد وفرائد
فوائد وفرائد
June 11, 2025 at 06:48 PM
*زمن العزة 56* (أيام عمر 15) (( الطريق إلى القادسية 3 )) تحرك الوفد الإسلامي رفيع المستوى ، و على رأسهم الصحابي الجليل / النعمان بن مقرن نحو المدائن ليلتقوا كسرى / يزدجرد .. ، و يعرضوا عليه الإسلام ...!!! .. ، و استطاع الوفد أن يصل إلى عاصمة الفرس بعد أن حصلوا على تصريح رسمي لهم بدخولها .. من كسرى شخصيا .. ، فتحركوا في طرقات المدائن بخيولهم حتى وصلوا إلى باب الإيوان .. إيوان كسرى .. !! و توقفوا عنده في انتظار أن يفتح لهم .. كان هذا الإيوان مبهرا .. يذهب بالعقول من فخامته .. !! .. ، و المسلمون لم يروا في مثل جماله من قبل ... !!!! .. ، و قبل أن أكمل القصة .. سأخذكم في جولة بداخله .. إيوان كسرى عبارة عن مساحة واسعة جدا من الحدائق و الغابات ذات الأشجار الكثيفة تحيط بالقصر الأبيض الذي يتوسطها ... ، و كان كسرى يخرج في تلك الغابات ليقوم برحلات لصيد الغزلان .. إذا أراد الترفيه عن نفسه .. !!! .. ، و يحيط بهذا كله من الخارج سور عال جدااااا .. ، فلا يستطيع من يقف خارج الإيوان أن يرى ذلك القصر الأبيض الذي بداخله .. ، على الرغم من أن ارتفاع القصر كان حوالي 29 مترا .. يعني تقريبا كارتفاع برج مكون من عشر طوابق في زماننا ... !!!! ..... ..... ...... ...... ...... ..... و أخيرا .. فتحت بوابة الإيوان .. و دخل الوفد الإسلامي .. ، و أخذوا يتحركون في حدائقه بخيولهم ، وقد تواصوا فيما بينهم بألا تظهر عليهم علامات الانبهار و الدهشة أمام الفرس .. ، و كأن هذا كله لا يلفت انتباههم .. ، ولا يعيرونه أي اهتمام ... !!! .. ، فلما اقترب الوفد من القصر الأبيض بدأت تظهر أمامهم قبته البيضاء الضخمة .. فقد كان ارتفاعها أعلى من أشجار الغابات الكثيفة .... !!! .. حتى وصلوا إلى باب القصر ... .. و ساعتها اضطروا إلى أن ينزلوا من على الخيول ليتحركوا مع الحرس سيرا على الأقدام .. ، فأدخلوهم القاعة الملكية الضخمة التي يجلس فيها كسرى على عرشه ... . فإذا بهم في قاعة واسعة جدااا جدااا جدااا .... ... و على أرضيتها بساط ضخم رائع الجمال ...!!! .. و هو يعد أكبر بساط في التاريخ .. كما يصفه المؤرخون .. ، و يقدر طوله بحوالي 80 متر و عرضه حوالي 60 متر .. ، و خيوطه التي نسج منها مرصعة بالجواهر و الحلي الثمينة ...!! و يقال في وصفه أنه كان من عجائب الدنيا وقتها ..!! ... وقد أورثه الله سبحانه للمسلمين كما سنرى .. ، و ستكون له قصة طريفة مع سيدنا / عمر بن الخطاب ... فلا تنسوا هذا البساط الجميل حتى نعود إليه ... !!!! .. و أخذ الوفد الإسلامي يمشي بخطوات متباطئة على هذا البساط الطوووويل الضخم نحو العرش ....، حتى أوقفهم الحرس عند الحد الذي لا ينبغي أن يتجاوزوه ....!!! .. ، فإذا بكسرى يزدجرد أمامهم جالس بمنتهى الكبر ، و الاستعلاء على عرشه الذي يبلغ عرضه أربعة أمتار .. ، و مرصع بالذهب و الجواهر النادرة و الأحجار الكريمة ..!! و على رأس كسرى تاج ذهبي ضخم طوله أكثر من مترين .... ، ووزنه يزيد على ال 90 كيلو جرام ..!! و طبعا لا يستطيع رأس كسرى أن يتحمل وزن ذلك التاج .. ، فكانوا يعلقونه بسلاسل ضخمة من الذهب الخالص تتدلى من السقف .. ، و يخفون تلك السلاسل بستائر تحجبها عن الرؤية .. ، حتى يظهر كسرى تحت التاج أمام الناظرين ، و كأنه يلبس التاج الضخم على رأسه ...، و في الحقيقة كان التاج هو الذي يلبس كسرى ، و ليس العكس ... !! .. ، و تتوزع على جانبي العرش وسائد حريرية كبيرة مرصعة بالجواهر و الذهب هي الأخرى ...!!! * كل هذه الكنوز و الأموال لشخص واحد فقط .. ، جمعها من خيرات الشعوب المغلوبة على أمرها .... .. و لاحظ الوفد أن حاشية كسرى من الوزراء و القادة العسكريين و كبار رجال الدولة يقفون بخضوع تام على مسافة لا تقل عن ثلاثة أمتار من هذا العرش ....!! و بدأ يزدجرد يخاطب الوفد المسلم عبر الترجمان .. فقال لهم : (( ما الذي دعاكم إلى دخول أراضينا ... ؟!! )) ... فرد عليه سيدنا / النعمان بن مقرن .. رئيس الوفد .. بكل ثبات قائلا : (( أمرنا نبينا أن ندعو غيرنا من الأمم إلى الإسلام .. فجئنا لندعوك إليه ، فهو دين عظيم .. حسن الحسن كله ، و قبح القبيح كله .. فإن أبيتم .. فعليكم أن تدفعوا لنا الجزية .. .. ، و إلا قاتلناكم حتى يحكم الله بيننا و بينكم )) .. ، فغضب يزدجرد غضبا شديدا ... ، فلم يكن يتصور أن رجلا عربيا بسيطا يمكنه أن يتجرأ عليه بهذا الشكل .. ، و أن يخاطبه بتلك اللهجة .... !! .... فرد عليه قائلا : (( إني لا أعلم على الأرض أمة أسوأ منكم .. ، و لا أهون منكم.. ، و لا أقل عددا منكم .. فعلام تغترون بأنفسكم .. ؟!!! ... نحن نملك أمما من الناس نقاتلكم بهم .. ، و عندنا جنود لا يحصيها العدد .. ، فإن كان الجهد قد لحق بكم ، و أصبح الطعام لا يكفيكم ، فنحن نطعمكم و نكسوكم .. )) ... فرد عليه النعمان قائلا : (( يا كسرى فارس .. لقد كنا أسوأ من ذلك بكثير .. ، حتى بعث الله لنا رسوله الكريم فدعانا إلى الله ، و علمنا الخير ... ، و أمرنا أن نعرض عليك إحدى ثلاث : الإسلام ... ، فإن أبيت .. فالجزية ، و أنت صاغر ... ، فإن أبيت .. فالسيف ..... )) ... ، و لم يستطع المترجم أن يترجم كلمة : و أنت صاغر .. فنطقها كما هي .. صاغر .....!!!!! ... ، فسألهم يزدجرد : (( وما معنى صاغر )) .. ، فقال له النعمان .. بصوت كله عزة و ثقة : (( يعني : أن تعطينا الجزية .. فنرفضها .. ، ثم تعطيها لنا .. فنرفضها .. ... ، ثم ترجونا ، و تتوسل إلينا أن نقبلها .. ، فنقبلها منك )) .. ، فاحمر وجه يزدجرد من شدة الغضب .. .. ، و قال له بمنتهى الغيظ : (( أتقول لي أنا هذا الكلام ..... ؟!!!! )) .. ، فرد عليه النعمان بمنتهى الهدوء : (( أنت الذي تتكلم .. ، و أنا أرد عليك أنت )) ... ، و هنا صااااح يزدجرد في الوفد قائلا : (( لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم جميعا .. اذهبوا .... ، فلا شيء لكم عندي ... )) .. ثم أراد كسرى أن يهين المسلمين .. .. ، فأمر أحد حاشيته أن يحضر إناء ممتلئا بالتراب .. ، و أن يضعه فوق رأس أحد أفراد هذا الوفد ليعود به إلى سعد بن أبي وقاص في القادسية ... !!! .. ، فأحضر الإناء المطلوب .. ، و وضعه على رأس سيدنا / عاصم بن عمرو التميمي .. ، فقبل الوفد الإسلامي تلك الهدية من يزدجرد .. و خرجوا من عنده و هم يضحكون .... !!! .. ، فلما عادوا إلى القادسية .. ، سلموا إناء التراب إلى سيدنا سعد .. ، و قالوا له : (( لقد أعطانا كسرى أرض فارس .. ، فسنملك أرضهم بإذن الله )) .. فضحك سعد هو الآخر ... و تفاءل المسلمون جميعا بهدية يزدجرد .. .. فهذا الإناء يحتوي على تراب من أرض فارس .. فاعتبرها المسلمون من المبشرات بالنصر عليه .. !!! ..... .... .... .. ..... ..... ..... .. ، ولما دخل رستم اللعين على كسرى بعد هذا اللقاء .. ، و عرف ما دار فيه .. ، و سمع بقصة إناء التراب .. تشائم جدااا .. ، و قال لكسرى معاتبا له : (( لقد أعطيتهم أرض فارس )) .... !!!! .. ، فأرسل كسرى جنوده بسرعة ليستعيدوا إناء التراب من الوفد الإسلامي ..... ، ولكنهم لم يتمكنوا من اللحاق بهم .. ، حيث كان الوفد قد وصل بالفعل إلى القادسية ... .. ، و سلم الهدية ..... !!!! ** يتبع.. المرجع : كتابات الدكتور / راغب السرجاني
❤️ 😂 2

Comments