فوائد وفرائد
فوائد وفرائد
June 13, 2025 at 06:39 PM
*زمن العزة 58* (أيام عمر 17) (( معركة القادسية 1 )) أخيرا وصل رستم بجيشه الجرار إلى القادسية .. ، و كان معه 33 فيلا من الأفيال الملكية المقاتلة .. ، فعسكر بجيشه على نهر العتيق ، و بذلك أصبح هذا النهر هو الفاصل بين الفرس ، و بين معسكر المسلمين ... .. ، ثم حاول رستم محاولة أخرى لإضاعة الوقت .. ، حيث أرسل إلى سيدنا / سعد يطلب منه أن يبعث إليه من المسلمين مبعوثا رسميا للتفاوض معه ... !!! .. ، فأرسل إليه سيدنا / ربعي بن عامر رضي الله عنه .. .. ، وكان الفرس قد أعدوا لرستم قاعة متنقلة فخمة على أرض المعركة ، ووضعوا له فيها عرشا من ذهب .. ، و فرشوا الأرض أمام مدخل القاعة ببساط فاخر منسوج من خيوط الذهب ، و مرصع بالجواهر .. ، و جعلوا الكثير من الوسائد الحريرية المطرزة بالذهب و الجواهر على جانبي القاعة .. !! .. ، فأقبل عليهم سيدنا / ربعي بن عامر بفرسه ، و كان يلبس ثوبا متواضعا ممزقا ... ، ومعه رمحه و سيفه .. .. ، فلما وصل إلى قاعة رستم مشى على بساطها الفاخر بأقدام فرسه ... !!! .. ، ثم نزل .. ، و ربط فرسه في إحدى الوسائد الحريرية ، و أراد أن يدخل .. ، فأشاروا إليه أن يضع سلاحه أولا قبل الدخول .. ، فرفض قائلا لهم : (( إنما أنتم الذين دعوتموني )) .. .. ، ثم أخذ يمشي على البساط بخطوات متقاربة كلها ثقة متكئا على رمحه .. ، فكان كلما مر على وسادة من تلك الوسائد الحريرية الفاخرة مزقها برمحه.. ، و ذلك ليفهم رستم أنه غير مبال بكل تلك البهرجة و الزخارف المبالغ فيها جدا .. .. ، حتى اقترب سيدنا / ربعي من عرش رستم .. ، فجلس على الأرض .. ، وركز رمحه في البساط .. ثم قال : (( إنا لا نقعد على زينتكم )) ... و دار بينه و بين رستم حوار تاريخي رائع .. لانزال حتى يومنا هذا نعلمه لأبنائنا و شبابنا ليتربوا على معاني العزة و الكرامة .. ، و ليفهموا رسالتهم في الحياة .. ، و ليدركوا ذلك الدور العظيم الذي قامت به الفتوحات الإسلامية لإنقاذ البشرية كلها من ظلمات الكفر .. ، و من ويلات الظلم و الاستعباد في الدنيا .. ، و لإنقاذهم من العذاب الأليم في الآخرة ....!!!! .... ، و سأنقل إليكم الآن هذا الحوار الماتع ... * قال رستم لربعي .. عبر الترجمان : (( ما الذي جاء بكم .... ؟!!! )) ... ، فرد سيدنا / ربعي بكل ثقة : (( الله جاء بنا .. هو الذي بعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله .. ، و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة .. ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .. ، فأرسل إلينا رسوله بدينه إلى خلقه .. ، فمن قبله قبلنا منه ، و رجعنا عنه ، و تركناه و أرضه .. .. ، و مَن أبَى قاتلناه حتى نفضِي إلى الجنة ، أو الظفر .. )) .. ، فقال رستم : (( قد سمعت كلامك .. ، فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه ...؟!!! )) .. ، قال سيدنا / ربعي : (( نعم .. نمهلكم ثلاثة أيام ليس أكثر .. ، فانظر في أمرك .. و اختر واحدة من ثلاث قبل اليوم الرابع : الإسلام .. أو الجزية .. أو القتال .. )) انظرو أين كنا عندما تمسكنا بالدين الحق كانو يدفعون الجزية وهم صاغرون واليوم بعد أن فرطنا في قادتنا وابتعدنا عن الدين والاعتصام بحبل الله صرنا ندفع حق التأمين إلى دول غربية مقابل أن يأمنوننا في بلداننا ، بعد أن كان الوطن العربي أو الجزيرة العربية وطنا واحدا قسموه إلى أكثر من 22 دولة لكي نكون أذلة صاغرين نعود إلى حديثنا... ** المذهل أن سيدنا ربعي بن عامر يتكلم و كأنه هو الأقوى عسكريا ... ، و تشعر من كلامه أنه يثق في النصر بنسبة 100% ... !!! .. ، تعجب رستم من ثبات سيدنا / ربعي بن عامر ، و من رجاحة عقله ، و كيف أنه يتخذ القرارات الفورية بهذا الشكل دون الرجوع إلى أحد ...!! .. ، فقال له : (( أسَيّدهم أنت .... ؟!!!! )) .. فرد سيدنا / ربعي بن عامر : (( لا .. ولكن المسلمين كالجسد الواحد .. بعضهم من بعض .. يجِيز أدناهم أعلاهم )) .. .. ، ثم تركهم .. ، و انصرف عائدا إلى المسلمين ... .. ، فقال رستم لأصحابه : (( هل رأيتم مِن قبل كلاما مثل كلام هذا الرجل .. ؟!! )) .. ، فأخذوا يستخفون به ، و يسخرون من شكله و منظره .. ، فقال لهم رستم : (( إن العرب لا يهتمون بالملابس و المظاهر ، .. ولكنهم يصونون الأحساب )) ..... ...... ...... ....... ..... .... ... و في اليوم التالي طلب رستم من سيدنا / سعد أن يرسل إليه مفاوضا ثانيا .. .. ، فأرسل إليه سيدنا / حذيفة بن محصن .. ، فكانت أسئلة رستم له هي نفس أسئلته لسيدنا / ربعي بن عامر في اليوم الأول .... !! .. ، و العجيب أنه سمع من سيدنا ( حذيفة ) نفس الإجابات التي سمعها من سيدنا ربعي .... !!! ... ثم انصرف حذيفة عائدا إلى معسكره .. ..... ..... ..... ...... ........ .. ، وفي اليوم الثالث و الأخير من المهلة .. طلب رستم مفاوضا ثالثا .. فأرسل إليه سعد الصحابي الجليل سيدنا /المغيرة بن شعبة .. ، فدار بينهما نفس الحوار .. ،فكان المغيرة رضي الله عنه يرد بنفس الردود .. ، .. ثم أخذ يسفه عقول الفرس ، و ينتقد ظلمهم ، واستعبادهم لشعوبهم المقهورة ، و يستنكر عليهم تكبرهم ، واستعلاءهم على خلق الله .. ، حتى استفز كلامه رستم استفزازا شديدا .. فثار غاضبا .. .. ، و أقسم أن يبدأ القتال في اليوم التالى مباشرة كي ينسف جيش المسلمين من الوجود ...!! .. ، و قال لجنوده : (( غدا ندقهم دقا .. )) ...!! .. ، فعقب أحد أعوانه قائلا : (( إن شاء الرب )) ... ، فقال رستم بمنتهى الكبر : (( و إن لم يشأ )) ... ..... ...... ...... ...... ......... *" و بعد انتهاء المهلة ... بدأ الجيشان يتجهزان للقتال ... .. ، جيش / سعد عدده 32 ألف مقاتل حتى الآن ، و لكن أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب كان قد أرسل إلى أبي عبيدة بن الجراح في الشام .. بعد انتصار المسلمين في اليرموك .. يطلب منه أن يبعث جيوشا من عنده لتكون مددا للمسلمين في القادسية ... .. ، بينما كان جيش رستم 240 ألف مقاتل .... !!! .. و ضاقت بهم أرض القادسية ، فلم تتسع لكل هذا الجيش الضخم .. ، فاضطر رستم إلى أن يجهز نصفه فقط .. 120 ألفا .. لخوض المعركة ، على أن يكون النصف الثاني كقوات احتياطية تتدخل إذا لزم الأمر .. ، و كلفهم ببعض الأعمال الخدمية التي قد يحتاجها الجيش أثناء المعركة .. ، كما اضطر رستم بسبب ضيق المساحة أن يضغط جيشه ، فجعل مقدمته إلى جوار الميمنة .. ، و جعل قلب الجيش إلى جوار الميسرة ... ، و بذلك عجز عن الاستفادة من تلك الأعداد الكبيرة التي جاء بها ، فقد أصبح مقاتلو الصفوف الأمامية فقط هم المشاركون الفعليون في القتال ، بينما الصفوف الخلفية لا قيمة لها ، بل صارت عبأ على الجيش الفارسي ، فهم يقيدون مناوراتهم ، و يحدون من حركتهم ... ... ، فسبحان الله العظيم ..... !!!!! ** و كان مع رستم في الجيش خمسة من أعظم جنرالات الفرس .. ، و هم : * الهرمزان : قائد الميمنة التي قوامها 28 ألفا + 7 أفيال * جالينوس : قائد المقدمة ، و عددها 24 ألفا + 6 أفيال * مهران : قائد الميسرة المكونة من 24 ألفا + 6 أفيال * البيرزان : قائد المؤخرة ومعه 24 ألفا + 6 أفيال * بهمن جاذويه : و يقود القلب ومعه 20 ألفا + 5 أفيال ..... تذكرون هذا المجرم / بهمن جاذويه ... ؟!! .... إنه قائد الفرس الوحيد الذي استطاع تحقيق انتصار على المسلمين .. ، و ذلك في معركة الجسر ، و التي راح ضحيتها 4000 شهيد مسلم .. !!!! .. ، أما المفاجأة التي لم تكن في الحسبان ، و التي أحزنت جميع المسلمين ... فهي أن الصحابي الجليل ، و الأسد الضاري / سعد بن أبي وقاص قد ابتلي قبيل المعركة بمرض جعله عاجزا عن الحركة ، و عن ركوب الفرس .. ، و لذلك .. لن يشارك في القتال .. !!!!! ... يتبع ..
😢 1

Comments