
فوائد وفرائد
June 15, 2025 at 11:46 AM
حين رأى هذا الرجل الفذ الداهية "السنوار" أن اليهود قد استكملوا مخططهم القدز للسيطرة التامة على المسجد الأقصى، واستعدادهم الفعلي لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم فوق أنقاضه، ورأى مسجدنا الأقصى يدنّس، وكرامة نبي الأمة تهان، ويُشتم حبيب قلوبنا صلى الله عليه وسلم في عين قبلة المسلمين الأولى، وفي موطن تشريفه وتكريمه من الله، في رحلة الإسراء والمعراج..
حين رأى أسرانا الأبطال الذين افنوا زهرة شبابهم بل وشيبتهم في مسالخ العدو وسجونه النازية، دفاعاً عن وطننا ومقدساتنا؛ وحينما سمع أنّاتهم وصرخاتهم وهم يموتون قهراً وتعذيباً وعزلاً وإهمالاً في السجون، حينما رأى حرائرنا وشرف أمهاتنا وأخواتنا يُهان ويُنتهك، ويُعتدى عليهنّ في حارات القدس وفي باحات المسجد الأقصى من قبل سفلة الأرض وشذاذ الآفاق..
قرر السنوار وإخوانه المخلصين ورجاله الصادقين -وهو يثق أنّ من خلفه شعبٌ عظيم يأبى الضيم ويأنف الظلم ويرفض العبودية- أن يضرب العدو ضربةً قاسية، كان قد بُحّ صوته وهو يحذّر منها ومن آثارها العابرة للحدود والقارات.
لقد وضع السنوار الجميع "الحلفاء والخصوم" أمام مسؤلياتهم تجاه فلسطين والمشروع الصهيوني التوسعي، فأطلق وإخوانه "طوفان الأقصى" المبارك، وقلب المنطقة والعالم رأساً على عقب، وأجبر القوى الكبرى أن تكون جزءاً من هذه المعركة، وأغلب الظن أن القوى العظمى ستدخل المعركة مرغمةً عما قريب.
إنّ أكبر وأعظم خدمة قدّمها مهندسو طوفان الأقصى، يوم عبروا بالأمة يوم السابع من أكتوبر العظيم؛ أن حوّلوا بوصلة الصراع ووجهة القتال نحو الكيان الصهيوني، بعد أن استنزفت الصراعات الطائفية مقدرات الأمة وأرهقت شعوبها وأهدرت طاقاتها، في بيئتها الداخلية، بينما كانت "إسرائيل" تواصل توسعها مستثمرة حالة الاحتراب القائمة في مختلف الأقطار.
وإنّ من نافلة القول؛ أنّ طوفان الأقصى وضع المشروع الصهيوني وداعميه أمام خطر وجودي حقيقي داهم، وذلك لأول مرة من قيام هذا الكيان النازي على أنقاض بلادنا العزيزة، فقد شعر قادة الكيان بعد تدمير فرقة غزة وسحقها بالكامل، أنهم باتوا عُراة أمام أكذوبة "الردع" التي هددوا بها المنطقة لعقود، وفقدوا زمام المبادرة، وباتوا يستجدون الحماية والدفاع من أمريكا وأوروبا.
لذلك نجد الحكومات العميلة باتت لا ترعوي عن الإعلان الصريح بخيانتها وعمالتها للمشروع الصهيوني، وهي تسخّر كل طاقتها لحماية أمنه القومي، وخنق ومحاصرة كل القوى التي تسعى لضربه والإضرار به، وتمعن في حصار وخنق غزة منذ عامين كاملين، وتتركه تحت الإبادة والجوع ورغبةً في دفعه للاستسلام والركوع، حتى تتسيّد "إسرائيل" على المنطقة، ويكونوا هم عبيداً مخلصين للسيد الصهيوني!
لقد كان للسنوار وإخوانه ما أرادوا، وعبر طوفان الأقصى بآثاره الرهيبة حدود فلسطين المحتلة، نحو سوريا ولبنان والعراق واليمن والأردن ومصر والخليج والمغرب العربي وإيران، بل وزلزل العالم وأحدث فيه هزات سياسية وأيدولوجية رهيبة، وباتت الإصطفافات العسكرية والأمنية والسياسية واضحة كما لم تكن من قبل.
واليوم تقف الأمة وشعوبها وقواها الحية على مفترق طرق خطير، خصوصا بعد طوفان الأقصى الذي هشّم منظومة الردع "الإسرائيلية، ولاحقاً الضربات الإيرانية الكبيرة التي عرّت ضعف هذا الكيان واظهرت هشاشته وإمكانية هزيمته، لولا التردد وضعف الإرادة لدى القوى المناهضة للكيان وتشتتها، واختلاف حساباتها، ما استغله العدو في تفتيت جبهاتها واحدة تلو الأخرى!
الأمة الآن تقف أمام لحظة تاريخيّة، فإما أن تتحد وتقفز عن خلافاتها الداخلية وتواجه المشروع الصهيوصليبي بمسؤلية عالية وبشكل موحّد، من فلسطين إلى لبنان وسوريا وتركيا مروراً بالعراق وإيران وباكستان وغيرها، وتجتث هذا الكيان السرطاني من جذوره وتتسيد على المنطقة والعالم، وإما أن تدخل مرغمةً إلى حظيرة الطاعة للسيد الصهيوني، وتبقى أسيرة كسيرة، بعد أن تبتلع "إسرائيل" عواصم وحواضر الأمة، بينما تنتظر كل دولة دورها في الذبح وهي تنتظر إلى الكيان نظر المغشي عليه من الموت.
أحمد قنيطة
❤️
👍
2