
فوائد وفرائد
June 16, 2025 at 07:18 PM
*زمن العزة 61*
(أيام عمر 20)
(( معركة القادسية 4))
وكانت حيلة سيدنا / عاصم بن عمرو للتخلص من الأفيال كالتالي ..
انتخب فرقة من أمهر الرماة من قبيلته .. بني تميم .. ، و أمرهم أن يركزوا الرمي بسهامهم على قائدي الفيلة ..
فقد كان لكل فيل على ظهره تابوت يجلس عليه أكثر من سائق يتحكمون في حركة هذا الفيل ..
.. ، كما انتخب عاصم فرقة أخرى من شجعان بني تميم ليندسوا داخل الجيش الفارسي من أجل أن يصلوا إلى تلك الأفيال فيقطعوا أحزمة التوابيت بسيوفهم ..
، و بذلك تفقد الأفيال من يقودها ...
.. و نجحت الفكرة بشكل مذهل .. !!!
.. ، و تساقطت التوابيت ....!!
، فانطلق المسلمون نحو قادة الأفيال الذي سقطوا على الأرض ليضربوا أعناقهم .. ، فبدأت الأفيال تتحرك بعشوائية .. ، و استدارت راجعة بين صفوف جيش الفرس ففرقتهم ، و نفرت خيولهم .. ، و أحدثت فيهم اضطرابا عظيما ..!!
.. ، و بعدما تخلص المسلمون من هجمات الفيلة ، كبر سيدنا سعد التكبيرة الرابعة .. تكبيرة الهجوم الشامل .. فانطلق المسلمون و هجموا جميعا على جيش الفرس .. ، ودارت رحى الحرب دورانا عنيفا مخيفا ... !!
.. كان القتال شرسا داميا .. ، و بدأت أعداد الشهداء تتزايد ... ، و كذلك أخذ قتلى من الفرس يتساقطون في كل مكان ... ، و استمر القتال بهذا الشكل حتى وقت العشاء ..!!
.. ، ولأول مرة لا يستطيع المسلمون إنهاء المعركة في يوم واحد .. ، فإلى أن دخل الليل كان الفريقان يقاتلان بقوة و ثبات ،حتى أننا لا نستطيع أن نعتبر أحدا منهما قد أحرز تقدما ملحوظا على خصمه ..
.. ، و لذلك سمي اليوم الأول بيوم أرماث ...
.. ، و وصل عدد الشهداء في اليوم الأول إلى 500 شهيد .. معظمهم من قبيلتي أسد و بجيلة اللتين تلقيتا الضربات العنيفة في أول القتال كما ذكرنا ....!!!!!
.. ، بينما كان عدد القتلى من الفرس 2000 فقط .. ، وهذا على غير المعتاد في الفتوحات الإسلامية التي كان يتساقط فيها عشرات الآلاف من القتلى من قوات العدو في يوم واحد .. ، و هذا دليل على ثبات ، و استماتة الفرس في القادسية ...!!
.. ، و كعادة المعارك قديما .. عندما يدخل الليل يتوقف القتال .. ، فرجع كل فريق إلى معسكره ليأخذ استراحة قصيرة .. ، و للتجهيز لليوم التالي ..، و سميت تلك الليلة الأولى من ليالي معركة القادسية بليلة الهدأة ..لأنها الليلة الوحيدة التي هدأ فيها القتال و توقف مع دخول الليل .. بخلاف باقي الليالي .. كما سنرى إن شاء الله تعالى ...
....... ....... ........ ...... .....
هنااااك ....
و على بعد حوالي خمسة كيلومترات من القادسية .. في منطقة تسمى العذيب .. بضم العين ، و فتح الذال .. كان معسكر نساء المسلمين المجاهدين اللاتي خرجن مع أزواجهن ، و بصحبة أبنائهن لينصرن دين الله تعالى ... ،
.. تركن متع الدنيا .. ، و تركن لذة الأمن و الاستقرار ..
.. ، وخرجن لله .... !!!!
.. ، و تخيل معي ما يمكن أن يتعرضن له من الجوع و البرد ، و من مخاطر و أهوال قد تؤدي بهن إلى القتل ، أو إلى ذل الأسر .. ، أو مرارة فقد الابن أو الزوج ..!!!
.. إنها لبطولة حقيقية من تلك المرأة الضعيفة التي تميل إلى اللين و الرفق ، و تحب الزينة و الحياة المترفة ..، بطولة لا يستطيع الرجال في زماننا أن يستوعبوها بعقولهم ، فضلا عن أن يخوضوها بأنفسهم ... !!!!!
.. كان معسكر النساء في العذيب هو المستشفى الميداني الذي ينقل إليه الجرحى بعد توقف القتال ..
، و كانت النساء المسلمات هن الطبيبات الماهرات اللاتي يقمن على رعاية الجرحى و علاجهم ..، فالرجال كلهم مشغولون بأعمال القتال ..
.. ، كما كان للمرأة المسلمة عمل آخر في معسكر النساء .. ، عمل صعب جدا على نفس الأنثى .. ضعيفة القلب ، مرهفة المشاعر .. ،ففي الظروف العادية لا يقوم بهذا العمل إلا الرجال ، لأنه يحتاج إلى قوة نفسية و عضلية .. ، ولكن في معارك الفتوحات اضطرت النساء إلى القيام به .... !!
.. إنه حفر مقابر الشهداء .... !!!!
.. ، و لك أن تتصور تلك المرأة الضعيفة و هي تمسك
بالمعول ، و تضرب في الأرض لتحفر قبرا ..
، و قد يكون ذلك القبر هو الذي ستدفن فيه زوجها ، أو أباها .. ، أو أحد أبنائها ...!!
.. إنه لصبر يفوق التصور ، و يتخطى حدود الخيال .. !!
.. إنه ثبات كثبات الجبال ...
.. ، فمن أين لك هذا أيتها المرأة الضعيفة ... ؟!!!
** لقد قال الله سبحانه في كتابه العزيز :
(( .. لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين )) ..
... ، فالله هو الذي ربط على قلوب المسلمات في تلك المواقف الصعبة .. !!
.. ، و لم تكن ليلة الهدأة ليلة استرخاء و راحة قبل معاودة القتال .. ، إنما كان المسلمون فيها يحملون شهداءهم ، و جرحاهم على الإبل إلى المستشفى الميداني في العذيب
.. ، فقد أوصى سيدنا / سعد بسرعة دفن الشهداء لأنه كان حريصا أشد الحرص على تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، على الرغم من التعب الشديد الذي أصاب المسلمين من القتال طوال اليوم الأول ... !!
.. و سبحان الله العظيم ...
.. ، لقد كان هذا الحرص على (( تطبيق السنة )) سببا في تقدم المسلمين على الفرس في اليوم الثاني من القتال ..
، و ذلك لأن دفن الشهداء أدى إلى انهيار معنويات جند الفرس ، و إصابتهم بالإحباط ... !!!!
.. كيف هذا .. ، و ما العلاقة ... ؟!!!
.. ، عندما استيقظ الفرس في صباح اليوم الثاني فوجئوا بأرض القادسية خالية من جثث المسلمين تماما .. ، بينما كانت جثث الفرس ، و أشلاءهم المقطعة تملأ الأرض .. ، فالفرس كانوا لا يعبأون بدفن قتلاهم ..
.. ، فهذا المشهد أفزع جنود الفرس لأنهم شعروا و كأنه لا يقتل في المعركة إلا هم .... !!
فالحمد لله على نعمة الإسلام ،
و على نعمة السنة المطهرة .. ، وكفى بها نعمة
.... ....... ... .. ..... ..........
* أخيراااااا ...... ، و بعد طول انتظار ...
وصل البطل المغوار .. القعقاع بن عمرو التميمي .. إلى أرض القادسية بعد أن انتهى من المشاركة في معركة اليرموك .. !!
.. ، فبمجرد أن انتصر جند الشام على الرومان في اليرموك حرك أمين الأمة / أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه جيوش المدد التي أمره بها أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب إلى العراق ..، و كان هذا المدد من 6000 مقاتل ..
تحركوا على دفعتين :
* الدفعة الأولى كانت من 1000 مقاتل فقط .. ، ولكنها بقيادة رجل بألف ، ألا وهو القعقاع بن عمرو التميمي ... !!!
* أما الدفعة الثانية فكانت من 5000 مقاتل ، و يقودها
قاهر الأسود ، و مفرق الحشود ..
البطل / هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ... !!
.. وهو ابن أخ سيدنا / سعد .. رضي الله عنه ...
.. ، و سنعرف قريبا لماذا لقب هاشم بقاهر الأسود ... !!!
.. ، و عندما اقترب سيدنا / القعقاع بجيش المدد من معسكر القادسية أحب أن يرفع معنويات المسلمين جميعا بوصوله ، و أن يزلزل قلوب الفرس ...!!!
فقرر أن يدخل عليهم بطريقة غير تقليدية ...
.. ، فلم يدخل على المعسكر بجيشه دفعة واحدة ، بل قسم الألف الذين معه فجعلهم عشرة فرق .. ، كل فرقة فيها مائة فارس .. ، وأمرهم أن يدخلوا مكبرين بصوت عال .. تباعا .. ، فرقة وراء فرقة .. ، فدخل هو أولا مع الفرقة الأولى .. ، و أخذ يكبر بصوته القوي المرعب ، و جنوده يكبرون معه .. ، ففرح جند العراق بقدومه فرحة عظيمة ... !!!!
.. ، ثم تتابع وصول الفرق العشرة .. مع فارق زمني متعمد بينهم حتى يشعر جنود الفرس وكأن مدد المسلمين لا ينتهي ..!!!!
.. ، و كان قدوم القعقاع بالمدد في صباح اليوم الثاني من أيام القادسية ، و لذلك سمي هذا اليوم بيوم أغواث ..
حيث جاء فيه الغوث و المدد للمسلمين ...
كانت الرحلة من الشام إلى القادسية طويييلة جداااا ، و شاقة ، و لكن القعقاع و فرسانه نزلوا أرض المعركة ، و شاركوا في القتال بمجرد وصولهم ، و دون أية استراحة ..!!
كبر سيدنا / سعد بن أبي وقاص التكبيرة الأولى فاصطفت الصفوف ، و تهيأ الجيش ..
، ثم كبر الثانية .. ، ثم الثالثة .. ، فخرج سيدنا / القعقاع بنفسه يطلب المبارزة ....
.................. و كانت المفاجأة ..... !!!!!
.. ، فقد أخرج رستم اللعين واحدا من أشرس و أخطر قادة جيشه لمبارزة القعقاع بن عمرو ....!!!!!
..... أخرج له : بهمن جاذويه ... هذا الخبيث الذي كان سببا في النكسة التي أصابت المسلمين في معركة الجسر ..!!
** فتابعونا لنتعرف على فعاليات (( يوم أغواث )) ... !!
يتبع ..
المرجع : مؤلفات الدكتور / راغب السرجاني
❤️
1