فوائد وفرائد
فوائد وفرائد
June 18, 2025 at 08:47 PM
*زمن العزة 63* (أيام عمر 22) ((معركة القادسية 6 - اليوم الثالث : عماس )) * استشهد في يوم أغواث وحده : 2000 شهيد ... .. ، و لكن قتل فيه من الفرس 10 آلاف ...... !! .. ، و على الرغم من الإعياء الشديد الذي أصاب المسلمين بسبب القتال الذي استمر إلى ما بعد منتصف الليل أمر سيدنا سعد أن يحمل الشهداء على الإبل ليدفنوا على بعد 5 كم جنوب القادسية تطبيقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .. !!! .. ، و في وقت متأخر من ليلة السواد أراد القعقاع بن عمرو أن يعيد الحيلة التي دخل بها أرض المعركة في يوم أغواث ، فقام بتسريب هؤلاء الألف مقاتل الذين جاءوا معه مددا من الشام .. سربهم خارج المعسكر في هدوء الليل حتى ابتعدوا حوالي 2 كم إلى جهة الشمال ، و قد اتفق معهم أن يعودوا إلى أرض المعركة في صباح اليوم الثالث .. يوم عماس .. على أن يدخلوا في مجموعات متتابعة مائة .. مائة .. وهم يكبرون بأعلى صوت حتى يظهروا و كأنهم مدد جديد جاء للمسلمين فترتفع بذلك معنوياتهم ، و يصاب الفرس بالإحباط ... !! .. ، و أعجب عاصم بن عمرو .. أخو القعقاع .. بتلك الفكرة فقام بتنفيذها في كتيبته ، فسربهم إلى جهة الجنوب ، و أمرهم أن يفعلوا نفس الشيء .... !!! ...... ....... ...... ........ ....... * واقترب موعد وصول قاهر الأسود / هاشم بن عتبة بن أبي وقاص القادم بباقي جيش المدد من الشام .. ، فلما سمع بتلك الحيلة القعقاعية المثيرة قرر أن ينفذها هو أيضا أثناء دخوله إلى أرض المعركة .. ، فقسم جيشه فرقا صغيرة ، و دخل بهم متتابعين و هم يكبرون ..... .. ، فهزت تلك المشاهد جند الفرس و أرعبت قلوبهم .. !! .. ، لقد وصل هاشم بن عتبة إلى القادسية و معه مفاجأة سارة للمسلمين .. ، فقد كان قائد ميمنته بطلا شجاعا من أبطال العرب .. رجل بألف فارس .. إنه قيس بن مكشوح .... تذكرونه .... ؟!!! قيس كان أحد الوزراء الثلاثة الذين دبروا لاغتيال مدعي النبوة الأسود العنسي، ثم ارتد قيس بن مكشوح عن الإسلام مع الأسف طمعا في السلطة ، و اعتلى عرش اليمن ، و حارب جيوش أبي بكر الصديق .. ، ثم تاب الله عليه ، و حسن إسلامه ، و بعدها خرج مجاهدا في فتوحات الشام في عهد عمر بن الخطاب .. ، و ها هو الآن قادم ليشارك في القادسية بعد أن انتصر المسلمون على الروم في معركة اليرموك ... ، جاء قيس رحمة الله عليه ليقاتل في القادسية على الرغم من أنه فقد إحدى عينيه في اليرموك ..... !!!!! ....... ........ ........ ........ * و في ليلة السواد .. أخذ المسلمون يقصون على القعقاع بن عمرو تلك الأهوال التي حدثت لهم في اليوم الأول من القتال .. ، و حكوا له عن الأفيال العملاقة التي كانت تنفر خيولهم ، و تفرق جمعهم .. ، فأخذ القعقاع يفكر في حل لهذه المشكلة الكبيرة التي قد تتكرر في اليوم الثالث إذا دخلت الأفيال في القتال مرة أخرى .... !!!! .. ، و بعد تفكير عميق توصل القعقاع إلى فكرة لعلها تفلح ... .. حيث أمر المسلمين أن يحضروا عددا من الإبل ، و كميات مناسبة من صوف الخيام و الخرق .. ، ثم أمرهم أن يصنعوا أكسية ، و براقع للجِمال من هذا الصوف بحيث تغطيهم بالكامل فلا يظهر من الجمال إلا عيونهم فقط .. !! .. ، ثم علق القعقاع قطعا من الحديد في أعناق الإبل لتحدث جلبة عالية أثناء الهجوم ، و جعل على كل جمل أكثر من راكب يقوده ، و حوله مجموعة من الفرسان يحرسونه .. !! .. ، أراد القعقاع أن تظهر هذه الجمال المغطاة و كأنها أفيال لتفزع خيول الفرس ...!!! .......... عودة الأفيال ......... و بدأ القتال في صباح اليوم الثالث .. يوم عماس .. ، و دخل الفرس بأفيالهم المقاتلة من جديد .. ، و تصدرت إبل القعقاع المغطاة الصفوف الأمامية للجيش الإسلامي ، و أحدث جلبة واسعة في صفوف الفرس .. ، و نفرت خيولهم .. !! .. ، و لكن أيضا خيول المسلمين فرت من أمام أفيال الفرس ، و أخذت تلك الأفيال تحدث خسائر في جيش المسلمين .. ، فأراد سيدنا / سعد أن يجد حلا سريعا لهذه الأفيال حتى لا يخسر المعركة ... !!!! .. ، و لاحظ سيدنا / سعد أن أفيال الفرس تتحرك في مجموعتين .. مجموعة تتبع فيلا ضخما أبيض اللون هو قائدهم و يتحركون وراءه أينما توجه .. ، و المجموعة الثانية تتبع فيلا ضخما أجرب اللون .. ، ففهم سعد أن هذين الفيلين هما اللذان يقودان باقي الفيلة ..، فأرسل رسالة سريعة إلى القعقاع بن عمرو ، و أخيه عاصم قائلا لهما : (( اكفياني الفيل الأبيض )) .. ، كما أرسل رسالة أخرى إلى اثنين من أبطال المسلمين من قبيلة أسد ، وهما : حمال بن مالك ، و الربيل بن عمرو قائلا لهما : (( اكفياني الفيل الأجرب )) .... .. ، فأخذ هؤلاء الأبطال يسألون من معهم من الفرس الذين أسلموا .. مثل الرفيل و مسلم .. ليعرفوا كيف يضرب الفيل في مقتل .. ؟!! .. ، فقالوا لهم : (( إن مقاتلها في مشافرها و عيونها )).. ، فانطلق القعقاع و أخوه عاصم بكل شجاعة ، و هاجما ذلك الفيل الأبيض .. ، و استطاعا أن يضربا عينيه برماحهما .. فهاج .. و أخذ يصيح ... ، فضربه القعقاع بسيفه على مشفره .. خرطومه .. فقطعه ..فخر الفيل صريعا ..!! .. ، وكذلك هاجم الربيل ، و حمال الفيل الأجرب ، واستطاعا أن يفقآ له عينا واحدة .. ثم قطعا مشفره .. فهاج الفيل و ماج ... ، و أخذ يصيح و يجري في الاتجاه العكسي .. بين صفوف الفرس ، فتبعه باقي الأفيال حتى أحدثوا اضطرابا ، و إصابات شديدة في صفوف الفرس .. !! ، و أخذ الأفيال يجرون نحو نهر العتيق .. ، ثم اجتازوه إلى الضفة الأخرى .. .. ، و بذلك خلت منهم أرض المعركة تماما .. !!! .. ، ثم قام البطل/ قيس بن مكشوح يخطب في المسلمين ليرفع حماستهم ..، فنادى بأعلى صوته قائلا : (( يا معشر المسلمين .. انصروا الله ينصركم ... إن إخوانكم في الشام قد من الله عليهم بامتلاك القصور الحمر )) .. ، كان لتلك الخطبة أثر عميق في نفوس المسلمين لأن قيس بن مكشوح منذ أيام قليلة كان في الشام ، و قاتل في اليرموك ، و رأى نصر الله بعينه .. رأى موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يتحقق .. حين وعدهم في غزوة الخندق بامتلاك قصور الشام الحمر .. !!! .. ، فكما ملكوا القصور الحمر فسيملكون قصر المدائن الأبيض ... !! كان القتال في هذا اليوم الثالث قتالا شديدا جدا .. !! .. ، وأثناء القتال وصلت أخبار خطيرة إلى سيدنا سعد .. وصله أن هناك مخاضة .. بركة ماء ضحلة .. على يمين جيش المسلمين لم ينتبهوا إليها من قبل ، ولم يتم تأمينها بالحراسة .. ، فخشي سعد أن يلاحظها الفرس فيهاجموا المسلمين من خلالها ..!! .. ، فأرسل على الفور إلى بطلين من أبطال المهام الصعبة .. و هما : طليحة بن خويلد ، و عمرو بن معديكرب . ، و أمرهما أن يأخذا فرقتين لتأمين تلك المخاضة ... ............ ليلة الهرير ............ وصل البطلان بفرقتيهما إلى المخاضة في منتصف الليل .. ، فاختلفا في طريقة تأمينها ، و عزم كل واحد منهما أن ينفذ ما يراه صوابا .. ، فقد كان عمرو متحفظا جدا ، و خشي أن تطوق فرقته من جيش الفرس ، فليس معه إلا 60 فارسا فقط ، فقرر أن يعبر بفرقته المخاضة ليحرسها من الجانب الآخر دون توغل ... .. ، بينما جازف طليحة مجازفة خطيرة ، حيث قرر أن يعبر بفرقته المخاضة ، ثم يتوغل بها تحت ستار الظلام حتى يصل إلى مؤخرة جيش الفرس ...!!! .. ، ولكن ... لا يمنع حذر من قدر .. فبمجرد أن عبر عمرو بن معديكرب المخاضة بفرقته تكالبت عليهم جنود الفرس ، فأخذوا في مقاومتهم ، و حاولوا الانسحاب حتى لا يهلكوا جميعا .. ، لكنهم لم يستطيعوا .. ، فاضطروا إلى الصمود حتى تأتيهم النجدة ... !!! .. ، بينما استطاع طليحة أن يتوغل بفرقته حتى وصل فعلا إلى مؤخرة جيش الفرس كما أراد ، و اشتبك مع بعضهم .. ، ثم تسلل البطل / طليحة بن خويلد .. وللمرة الثانية .. حتى وصل إلى خيمة رستم في قلب جيش الفرس .. ، فكبر بأعلى صوته ثلاثا ليفزعهم .. .. ، و بالفعل ... ارتعدت قلوب الفرس من صوت التكبير الذي يخرج من قلب الجيش في منتصف الليل ، و أوقفوا القتال ليتبيوا الأمر .. !! * كانت تلك الفترة التي توقف فيها القتال قصيرة جدا .. ، و لكنها كانت هامة و مفيدة للمسلمين حتى يستعيدوا تماسكهم و تسوية صفوفهم .. ، فالقتال لم يتوقف لحظة منذ الصباح ، و حتى هذا الوقت المتأخر من الليل ... !! .. ، و بعد أن فجر طليحة تلك القنبلة المدوية في قلب جيش الفرس .. قنبلة التكبير .. ، عاد متسللا بينهم إلى فرقته .. ، و استطاع أن يعود بهم سالمين إلى معسكر المسلمين .. !! .. ، ولما وصل هذا الخبر إلى سيدنا سعد استدعى طليحة ، وعاتبه و عنفه على تهوره و مجازفته بأرواح المسلمين .. ، فقال له طليحة رضي الله عنه : (( أردت أن ألقي الرعب في قلوب المجوس )) .. ، فعفا عنه سيدنا / سعد ، و أعاده ليكمل القتال .. !! .. ، فيما انقطعت أخبار فرقة عمرو بن معديكرب نهائيا ... ، فأحس سيدنا / سعد بأنهم في خطر ، فأرسل إليهم فرقة إغاثة من 70 فارسا يقودهم قيس بن مكشوح .. ،فانطلق قيس بفرقته نحو المخاصة .. ، و عبروها .. فوجدوا عمرا و فرسانه في مأزق حقيقي .. ، فقاتلوا معهم حتى أخرجوهم من بين فكي الفرس ، ثم استطاع قيس أن ينفذ خطة انسحاب ذكية ، و تم الانسحاب أخيرا بسلام .. ....... ........ .......... ............ ** و بعد تلك الفترة اليسيرة التي توقف فيها القتال في منتصف ليلة الهرير بسبب تكبيرات طليحة بن خويلد طلب المسلمون المبارزة لبدء جولة جديدة من القتال .. ، و لكن رستم اللعين لم يستجب لهم ، و قرر أن يهاجم مباشرة ...!!! .. ، فاضطر المسلمون أن يهاجموا أيضا قبل أن يستمعوا إلى التكبيرات الأربعة من سيدنا / سعد ...!!! .. ، و فوجئ سعد وهو يتابع الأحداث من فوق قصر قديس أن المسلمين بدأوا القتال دون إذنه ، و خالفوا ما اتفق معهم عليه .. ، و لكنه كان يرى تسارع الأحداث ، و عنف القتال ... فسامحهم حتى لا تكون مخالفتهم له سببا في الفشل و الهزيمة .. ، و أخذ يدعو الله لهم و يقول : (( اللهم اغفر لهم و انصرهم .. .. ، فقد أذنت لهم إذ لم يستأذنونني )) .. ، و بعدها مباشرة .... انقطع الاتصال ...!!! .. حيث لم يستطع سيدنا / سعد أن يتابع أحداث المعركة لأن جنود المسلمين جميعا شاركوا في القتال ، و لم يتبق منهم واحد ليذهب و يعود بالأخبار إلى سعد في القصر .. ، فأخذ سيدنا سعد يصلي صلاة الليل ، و يتضرع ، و يدعو الله تعالى أن ينزل نصره على عباده المستضعفين ... !!!! ** وكانت هذه الليلة أشد و أصعب ليالي القادسية .. ، فلم يتوقف القتال فيها حتى الصباح .. 24 ساعة من القتال المتواصل .. !! ، فكان المسلمون لا ينطقون بكلمة من شدة التعب ...!! .. ، حتى قال الرواة : (( كان كلامهم الهرير )) .. ، و يقصدون بالهرير ذلك الصوت الذي يخرج من صدر الإنسان مع أنفاسه عندما يصارع و يضرب بقوة .. لذلك سميت تلك الليلة بليلة الهرير .. ، و هي آخر ليالي معركة القادسية ... !!!! .. ، و بات الفريقان و كل منهما يريد أن تنتهي المعركة بأي شكل من شدة الإرهاق الذي أصابهم .. ، بالإضافة إلى قلة النوم ، و الجوع ...!!!! .. ، وتزايد عدد القتلى و الشهداء ... !!! و كان من أشهر شهداء تلك الليلة الصحابي الجليل / عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه ... ، ذلك الأعمى الذي خرج للمشاركة في القادسية على الرغم من أنه من أصحاب الأعذار فكان يحمل راية المسلمين .. و يقول : (( أكون مع المسلمين أُكثر سوادهم )) ...... اليوم الرابع و الأخير : يوم القادسية ...... .. ، و في صباح اليوم الرابع و الأخير ... يوم النصر الذي سمي بيوم القادسية .. وفي هذه اللحظات العصيبة .. أدرك القعقاع بن عمرو أن النصر سيتحقق بعد ساعة واحدة فقط ليكون من نصيب الأصبر من الفريقين ... !! .. ، فقام يهتف في المسلمين يحمسهم و يدعوهم إلى الثبات قائلا : (( أيها المسلمون ... إن الدبرة بعد ساعة لمن بدأ القوم .. ، إن تكونوا تألمون ، فإنهم يألمون كما تألمون ، و ترجون من الله مالا يرجون .. فاصبروا ساعة واحملوا ... .. ، فإن النصر مع الصبر )) ... .. ، و بالفعل ... رفعت كلمات القعقاع معنويات المسلمين فشدوا في الهجوم .. ، ثم قرر القعقاع أن ينفذ خطة فدائية تنهي المعركة ... فأخذ فرسان قبيلته بني تميم ، و اتفق معهم أن يضربوا في العمق .. في قلب جيش الفرس .. ، و أن يكون هدفهم هو .. قطع رأس الأفعى .. قتل رستم .. !! .. ، فانطلق الفرسان بكل قوتهم يضربون في جيش الفرس حتى وصلوا إلى القلب .. ، و استطاعوا أن يصلوا إلى خيمة رستم ..... .. ، ولكن ...... أين رستم ... ؟! ... لقد اختفى تماما .. ؟!! .. ، فأخذ فرسان القعقاع رضي الله عنه يبحثون عن رستم في كل مكان .. يمينا و شمالا .. أثناء توغلهم في عمق الجيش الفارسي ، ولكن دون جدوى .. ليس له أي أثر .. ، حتى وصلوا إلى مؤخرة الجيش ، واقتربوا هناك من منطقة كان الفرس قد خصصوها للبغال التي تحمل لهم الطعام و المؤن و الأسلحة .. ، و عند تلك البغال طاشت سيف هلال بن عُلفة .. بضم العين و تسكين اللام .. وهو أحد جنود القعقاع .. فضرب دون قصد أحد الأحمال التي على ظهر بغل .. فأسقط الحمل .. ، فإذا به يسمع صوتا خارجا من وراء هذا البغل .. إنه صوت صرخة .. !!!! .. ، ففهم هلال على الفور أن الحمل قد سقط على رأس فارسي مختبئ وراء ذلك البغل .. ، ثم فوجئ بعدها بهذا المختبئ يسارع بالهرب من وراء البغل ، ورآه يلبس ملابس فاخرة جدا و مرصعة بالجواهر ... فعرفه على الفور .. إنه رستم .... !!!! .. ، فانطلق هلال وراءه ليلحق به .. .. ، و أخذ يقول لنفسه : (( رستم .. !!! ... لا أفلحت إن نجا )) .. ، و لما لاحظ رستم أن هلال يطارده ، رماه برمحه فأصيب هلال في قدمه .. ، ولكنه تحامل على نفسه ، و استمر في المطاردة .. ، و أخذ رستم اللعين يجري حتى وصل إلى نهر العتيق ، و قذف نفسه فيه ، و بدأ يسبح .. فألقى هلال بنفسه في النهر ، وجذبه من قدمه حتى أخرجه .. ، ثم ضرب رأسه بالسيف ففلقه نصفين .. !!!! .. ، فكانت نهاية مهينة مخزية لجنرال الفرس رستم .. الجبان ..الذي ترك جنوده في القتال و اختبأ وراء بغلة ..!! قتله جندي بسيط .. غير معروف .. من جنود المسلمين ..!! * عبرة لكل متجبر طاغية يظن نفسه أعلى و أعظم من البشر ..!! .. ، وكأن الله تعالى يبعث رسالة عبر التاريخ لهؤلاء الطواغيت يقول لهم فيها : (( وقتما أريد أن أهلككم فسيكون ذلك بأصغر جندي من جنودي ... ، فلا تغتروا )) .. ، و لقد شاهدنا العبر قديما و حديثا .. ، و تذكروا معي : كيف قتل أبوجهل .... ؟!!!! وكيف غرق فرعون ... ؟!!! وكيف هلك النمرود ....؟!!! ... و ... و ... و ... سلسلة لا تنتهي من العبر .... !! ... ، وياليت أحدا يعتبر .... !!! ** صاح هلال بن علفة فرحا ، و أخذ يقول بأعلى صوته : (( قتلت رستم ورب الكعبة .. قتلت رستم ورب الكعبة )) .. ، فاجتمع عليه المسلمون ليشهدوا (( نهاية الطاغية )) .. ، وانهارت معنويات الفرس بمقتل رستم الخبيث .. ، فلم يستطيعوا الثبات بعدها أمام ضربات المسلمين ..!! .. ، فبدأ جالينوس و الهرمزان .. قائدا الجيوش اللذان بقيا على قيد الحياة .. بدآ ينفذان عملية انسحاب سريعة من أرض القادسية .. ، و حاولا العبور بالجيش الفارسي المشتت من فوق نهر العتيق .. عبر ذلك الردم الذي كانوا قد ردموه قبل بدء المعركة .. ، و كان جند الفرس في حالة من الهلع الشديد ، و اشتد تدافعهم على الردم .. ، فاضطر الكثيرون منهم أن يقذفوا بأنفسهم في النهر فرارا من سيوف المسلمين .. ، ولكن أبطال الإسلام استطاعوا أن يحاصروا جيش الميسرة و المؤخرة ، و أخذوا يضربون رقابهم .. !! .. ، و اختتمت معركة القادسية في صباح هذا اليوم بمقتلة عظيمة للفرس ، فقد استطاع المسلمون أن يقتلوا في هذا اليوم الأخير 30 ألف فارسي .. ، ليصبح بذلك إجمالي عدد القتلى من الفرس خلال أيام المعركة الأربعة حوالي 40 ألفا ...!!!! .. ، وفي المقابل كان إجمالي شهداء المسلمين في القادسية 8500 شهيدا.. ، و بذلك تكون معركة القادسية هي الأكثر في عدد الشهداء بين معارك الفتوحات الإسلامية .. ، فقد كان الفرس يقاتلون باستماتة شديدة لأنها معركة مصيرية تفتح للمسلمين الطريق إلى المدائن ... .. حيث عرش كسرى ... !!! .. ، وانتهت معركة القادسية قبيل أذان الظهر في يوم 16 من شعبان لعام 15 من الهجرة .. ، و هو اليوم الرابع منذ بدء القتال .. .. ، و بعد هذا الانتصار الساحق الماحق للمسلمين .. أرسل سيدنا / سعد بن أبي وقاص فرقة من الفرسان بقيادة البطل / زهرة بن الحوية ليتتبع الفلول الهاربة من الفرس نحو الشمال ...!! ... فتابعونا في (( الطريق إلى المدائن )) ... المرجع : مؤلفات د . راغب السرجاني

Comments