
فوائد وفرائد
June 19, 2025 at 07:13 PM
*زمن العزة 64*
(أيام عمر 23)
(( الطريق إلى المدائن 1 ))
سيدنا / سعد مكث بجيش المسلمين في القادسية شهرين بعد انتهاء المعركة .. كان ينتظر الإذن من أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب ليبدأ التحرك إلى المدائن ليفتحها .. ، فاستمتع المسلمون بأحلى رمضان ، و أحلى صلاة عيد على أرض النصر .. أرض القادسية .. !!
.. ، و وفدت على سيدنا / سعد أعداد كبيرة من أهل العراق ، و من الفرس أنفسهم يعلنون إسلامهم .. بعدما تبين لهم الحق ... !!!
و حديثنا اليوم عن نجم جديد من نجوم الإسلام ..
.. عن زهرة بن الحوية رضي الله عنه .. هذا البطل الذي أرسله سعد لمطاردة فلول الفرس الهاربين مع قائدهم جالينوس نحو الشمال :
* و كان مع زهرة 3000 مقاتل .. ، فأدركوا جيش جالينوس على حدود مدينة النجف .. ، و دار بينهما قتال عنيف استطاع فيه المسلمون أن يقتلوا عددا كبيرا من هؤلاء الفلول ... !!
، واستطاع زهرة بنفسه أن يقتل جالينوس اللعين .. !!
.. ، ثم عاد بفرقته إلى القادسية وهو يلبس ملابس جالينوس الفاخرة المرصعة بالجواهر الثمينة ، و دخل على سيدنا سعد بتلك الهيئة ...!!!
.. ، فلما رآه سيدنا / سعد بن أبي وقاص وهو يلبس ملابس جالينوس استكثرها عليه ، و خاف عليه من أن يفتن بها ..!!
.. ، و حسب التقسيم الشرعي للغنائم فثياب جالينوس كلها من حق زهرة وحده لأنه هو الذي قتله .. و هذا في الإسلام يسمى بالسلب .. بفتح السين المشددة ، و فتح اللام ..
* فسأله سعد قائلا : (( هل أعانك أحد على قتله ... ؟!!! ))
.. ، و كان يقصد بسؤاله هذا أن يقسم الثياب بينه و بين من شاركه في قتل جالينوس ...
.. ، فرد سيدنا زهرة : (( نعم ))
قال سعد : (( من .... ؟!!!! ))
.. ، فرد سيدنا زهرة بثقة : (( الله )) ....!!!
.. ، فقال له سيدنا سعد : (( ولكن هذا كثير عليك جدا .. !!! ))
.. ، فأخذ منه سعد جزء من هذه الثياب ، و أرسلها إلى أمير المؤمنين / عمر في خمس الغنائم المستحقة لبيت المال ..
، و أخبره بأنه استكثرها على زهرة ، و خاف عليه من أن يفتن بها ....!!
.. ، فأعاد عمر الثياب إلى سعد ، و أرسل معها 500 درهم من بيت المال ، و رسالة إلى سعد يقول له فيها :
(( أنا أعلم بزهرة منك .. ، فأعد إليه سلبه .. ، و أعطه الخمسمائة درهم من بيت المال ردا لاعتباره )) ..... !!!
هذا هو الفاروق / عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..!!
........ ........ ...... ........ ......
و سأنتقل بكم الآن إلى المدينة المنورة لنعيش مع أمير المؤمنين / عمر ، و مع المسلمين هناك لحظة الفرحة عندما وصلتهم رسالة سيدنا / سعد .. تلك التي أرسلها مع خمس الغنائم ليبشرهم بالنصر في القادسية ......
.. ، و كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من شدة شغفه و لهفته على الأخبار يخرج بنفسه إلى أبواب المدينة ينتظر البشير القادم من العراق فيمكث .. في الصحراء كل يوم .. من بعد شروق الشمس إلى ما قبل صلاة الظهر ..!!!
إحساس بالمسئولية ..... !!!!
.. ، فلما وصل رسول سيدنا / سعد محملا بخمس الغنائم ، و بشارة النصر استوقفه عمر رضي الله عنه قبل أن يدخل المدينة .. ، و قال له : (( هل أنت من العراق .... ؟!! ))
.. ، فرد عليه الرسول : (( نعم ))
.. ، فأمسك عمر بخطام ناقة الرسول ، و أخذ يمشي إلى جوارها .. على قدميه .. !!
و هو الذي أصبح أقوى ملك في العالم الآن
.. ، و يحكم أقوى دولة على وجه الأرض بعد انتصاره في القادسية و اليرموك على قيصر و كسرى .. !!!!!
.. ، ثم سأله عمر بلهفة :
(( و ماذا فعل المسلمون بالفرس .. ؟!!! ))
.. ، فتعجب الرسول من ذلك الرجل البسيط الذي يلازمه في السير ، و يكثر السؤال .. فقد كان هذا الرسول لا يعرف شكل عمر بن الخطاب .. ، فنظر إليه باستنكار .. ، و قال له :
(( نصرهم الله ، وأهلك العدو ))
.. ، فلما دخلا المدينة المنورة على هذا الحال أخذ الناس يُسَلمون على سيدنا / عمر ، قائلين له :
(( السلام عليك يا أمير المؤمنين ))
.. ، ففوجئ الرسول أن هذا الرجل الذي يسير إلى جوار ناقته هو أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب نفسه ...!!!
.. ، فقال له .. و الحياء يملأ وجهه :
(( هلا أخبرتني يا أمير المؤمنين ...؟!!!! ))
.. ، فرد عليه عمر بن الخطاب بمنتهى البساطة قائلا :
(( لا عليك يا أخي ))
.. ، ثم أخذ منه الرسالة .. فقرأها ..
.. ، ثم أمر المنادي أن ينادى في الناس .. ، و صعد على المنبر ، و أخذ يقرأ عليهم رسالة سيدنا / سعد التي كتب فيها :
(( ..... أما بعد ..
فإن الله تعالى قد نصرنا على أهل فارس بعد أن جاءوا بعدد و عدّة لم يرَ أحد مثلها من قبل .. ، فنقلها الله تعالى إلى المسلمين الذين كانوا يُدَوّون بالقرآن كدَويّ النحل إذا جَن عليهم الليل ، وهُم أُسُودٌ لا تشبههم الأسُود في القتال ..
، واستشهد من المسلمين فلان .. و فلان .. و فلان ...
.... ، و رجال آخرون لم نعرفهم .... ))
.. ، فلما قرأ سيدنا / عمر كلمات سعد الأخيرة :
(( .. و رجال آخرون لم نعرفهم .. )) خنقته العبرة ..
.. ، و بكى و قال :
(( وما يَضُرّهم ألا يَعلَمَهم أمير المؤمنين .. الله يعلمهم ))
.. ، و عمت الفرحة أرجاء المدينة بهذا النصر المبين ... !!!
...... ....... ....... ....... ......... .....
ولكن ....!!
ماذا عن غنائم القادسية الضخمة ... ؟!!
.. ، وكيف استطاع سعد أن يقسمها على الجند ... ؟!!
** كان نصيب الفارس المسلم من غنائم القادسية يقدر ب 6000 درهم .. ، و نصيب الواحد من المشاة 2000 درهم .. ،
هذا بالإضافة إلى الخمس الذي أرسله سيدنا / سعد إلى أمير المؤمنين ليوضع في بيت المال ...!!
.. كانت غنائم القادسية أكثر غنائم حصل عليها المسلمون في الفتوحات حتى ذلك الوقت .. ، فلك أن تتخيل حجم الأموال ، و الذهب الذي جاء به الفرس إلى أرض القتال إذا حسبت حاصل ضرب :
نصيب المسلم الواحد x عدد أفراد جيش المسلمين ..؟!!!
.. ، فجيش المسلمين كان قد اقترب عدده من الأربعين ألف مقاتل بعد وصول المدد .... احسبها .... ستجد أن الفرس تركوا في القادسية مايزيد عن 100 مليون درهم ..... !!!!!!
.. ، فما بالك بالكنوز التي في القصور .... ؟؟!!!
.. ، و ما بالك بحجم كنوز كسرى / يزدجرد نفسه داخل
القصر الأبيض في المدائن .... !!
* لقد قسّم سيدنا سعد الغنائم على كل الجند ..
.... ففاضت الغنائم .... !!
.. ، فاختار سعد 25 بطلا من الأبطال البارزين الذين تميزوا في القادسية بشجاعتهم ، و أعمالهم العظيمة التي سجلها لهم التاريخ ، فزاد لهم في العطاء تقديرا لجهودهم ..
.. ، و كان منهم على سبيل المثال :
.......... النجم الساطع / طليحة بن خويلد
........... ، و بطل الأبطال / القعقاع بن عمرو
.......... ، و الوجه الجديد / الربيل بن عمرو
......... ، و قاهر الأفيال / عاصم بن عمرو
............ ، و غيرهم ... ، و على الرغم من كل ذلك ....
فاضت الغنائم .. !!
.. ، و احتار سعد .. كيف يوزعها .. ، و لمن يعطيها .. ؟!
.. ، فأرسل يستشير أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب
رضي الله عنه في ذلك الأمر .....
.. ، فرد عليه عمر : (( أعط حملة القرآن ... ))
.. ، فجمع سعد حملة القرآن و ميزهم بعطاء زائد من الغنائم ..!!
ولكن .... هناك اثنان من أبطال المسلمين اعترضا على قسمة.
سعد ... فما قصتهما ... ؟!!
... تابعونا ....
المرجع : مؤلفات د . راغب السرجاني