دروس من الحج 🕋 ✍🏻كتبه: الشيخ/ #ايهاب_الشريف الحمد لله وحده والصلاة السلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد، فالحج مدرسة تربوية عظيمة فيها - لكل متأمل - الكثير من الدروس، والمعاني الإيمانية التي ينبغي لكل مسلم - والحاج خصوصًا - أن يستصحبها في حياته لتكون برهنة على بر حجه وقبول سعيه. ونقف في هذه العُجالة مع بعض هذه الدروس: - أن من تولى الله تولاه ومن توكل عليه كفاه فهذه أمُّنا هاجر لما علمت أن تركها في وادٍ غير ذي زرع إنما كان بأمر الله أيقنت بأنه لن يضيعها وقد كان، إذ أرسل الله جبريل - عليه السلام - بعدما سعت باحثةً عن غياث، ونفد ما كان معها من الزاد، فضرب الأرض تحت قدم إسماعيل - عليه السلام - فانفجرت زمزم المباركة ولا تزال إلى قيام الساعة، وهذه ثمرة التوكل على الله تعالى. * ألا ييأس العبد من نفسه مهما كثرت ذنوبه وعظمت فإن الله - عز وجل - برحمته يغفر للحاج ذنوبه إذا صدقه في توبته وإن كانت كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر، فالحج ميلاد جديد لو أحسن المسلم استغلاله وعاد من رحلته مستقيمًا على طاعة الله تعالى. * التأكيد على قيمة الدعاء وأهميته، فـ "الدعاء هو العبادة"، وأفضل العبادة الدعاء، وهذا جلي ظاهر في المناسك إذ جُلُّها أدعية، ويوم عرفة الذي هو ركن الحج الأعظم ليس فيه وظيفة أظهر من الدعاء كما في الحديث "خير الدعاء دعاء يوم عرفة "، وتطبيقاً له من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع الظهر والعصر تقديمًا، ثم وقف على ناقته داعيًا متضرعًا حتى غربت الشمس؛ بل من شدة انشغاله - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء تمارى الناس في حاله هل هو صائم أم مفطر؟ فأرسلت له أم الفضل بنت الحارث - رضي الله عنها - قدحًا من لبن فشرب شيئًا منه، وكذا الدعاء عُقيب رمي الجمرتين الصغرى والوسطى بقدر سورة البقرة. هذا كله يوضح لنا بجلاء قيمة هذه العبادة العظيمة. * بيان خطر وأهمية عقيدة الولاء والبراء؛ إذ حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - في مناسكه على مخالفة المشركين، ففي التلبية كانوا يُزيدون "لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك" فتركها النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يقول لهم "ويلكم قد قد " أي: اتركوها، وكانوا لا يقفون بعرفة بل ينتهون عند مزدلفة لأن عرفة من الحِل، فخالفهم - صلى الله عليه وسلم - ووقف بعرفة، وكانوا لا ينفرون من مزدلفة إلا بعد طلوع الشمس فخالفهم - صلى الله عليه وسلم - ودفع حين أسفر جدًا، وكانوا يطوفون بالبيت عُراة فرَدَّ ذلك عليهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يطوف بالبيت عريان "، وغير ذلك من صور المخالفة التي تدل على أهمية هذا الأصل في حياة المسلم والذي يُراد طمسه ومحوه من حياة المسلمين الآن بما ينشره أعداء الإسلام من الترويج لما يُسمى بالدين الإبراهيمي ودعوى المساواة بين الأديان وأن الجنة ليست حكرًا على المسلمين إلى غير ذلك من الكفر والباطل. * الصبر، وهو زاد لا غنى للسالكين إلى الله - عز وجل - عنه؛ بل من واجبات الإيمان، فمناسك الحج فيها من المشقة والنصب ما فيها لكنها مع الاحتساب ثواب وأجر كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: "أن لكِ من الأجر على قدر نصبك ونفقتك"، ولا يعني الحديث تعمد المشقة وتكلفها لزيادة الأجر ؛ كلا بل المشقة المُلابسة للعبادة التي لا تنفك عنها. قيل للإمام أحمد متى يذوق العبد طعم الراحة؟ فأجاب: "عند أول قدم يضعها في الجنة"، وصدق من قال: "من أراد الراحة فارق الراحة"، و "النعيم لا يُدرك بالنعيم"، قال الله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". وهناك دروس أخرى كثيرة لا تقل أهمية عما ذكرت لا يتسع المقال للتفصيل فيها، فالحج تربية على الانقياد لأوامر الشرع وإن لم تظهر للعبد الحكمة منها، وهو كذلك تربية على اتباع السنة "خذوا عني مناسككم"، وفيه تظهر أهمية الصحبة، وضرورة ضبط النفس، والصبر على الأذى، وحسن الخلق اذ هو من بر الحج "لين الكلام وإطعام الطعام"، وفيه أيضاً الوقوف عند حدود الشروع وعدم الغلو "بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو .."، ويوقفنا على أهمية العلم والتعلم وسؤال العلماء، فكم من أخطاء ترتكب بغيابه! وأخيراً على العبد - وعلى الحاج خصوصًا - أن يتفقد هذه المعاني في نفسه ويستصحبها في حياته ليكون الحج ميلادًا جديدًا نسأل الله - عز و جل - أن يتابع لنا بين الحج والعمرة اللهم آمين #مقالات #بالوحي_نسمو https://www.facebook.com/share/14L2TAXX6mf/