حين تُذكَر أمريكا، يتبادر لذهن البعض “الحلم الأمريكي”، لكنه في الحقيقة ليس إلا وهمًا كبيرًا صُنع بإتقان، وتم تسويقه على أنه النور في عتمة العالم. هذه الدولة التي لطالما رفعت شعارات الحرية والعدالة، كانت في الواقع ترسمها بدماء الشعوب، وتكتب فصولها على أنقاض المدن. هي دولة تُبرمج وعي العالم عبر إعلامها، وتُمرر سياساتها من خلف ستار من “الديمقراطية”، بينما الحقيقة أنها أمهر من تلاعب بالبشر باسم الإنسانية. تُغرق العالم بالسلاح، ثم تتحدث عن السلام، تُساند المحتل، ثم تتحدث عن دعم المظلوم، وتُشعل الحروب ثم تتقمص دور الوسيط النزيه. المؤلم ليس فقط ما تفعله أمريكا، بل ما يفعله بعض المبهورين بها من بيننا. الذين تبنوا لغتها، وقلدوا ثقافتها، وظنوا أن التحضر يعني التنصل من هويتهم. هؤلاء يروّجون نمط حياة لا يشبهنا، ويتغنّون بحرية لم تصنع لهم، وينقلون لنا أفكارًا تفتّت الأسرة، وتضعف الدين، وتُزيّف المفاهيم. إن أخطر ما تُنتجه أمريكا اليوم ليس السلاح، بل الأفكار. فهي تغزو العقول قبل أن تغزو الأرض، وتحارب القيم قبل أن تحارب الجيوش. المطلوب اليوم أن نستيقظ… أن نُدرك أن القوة الحقيقية لا تأتي من تقليد النموذج الأمريكي، بل من استعادة وعينا، وبناء مشروعنا الحضاري الذي ينطلق من قيمنا، لا من إعلاناتهم. أمريكا ليست قدوة… بل حالة يجب أن تُفهم جيدًا، حتى لا نُصبح نسخة مشوهة منها، دون أن ندري. #محمد_سعد_الأزهري