يوسُف - كاتب
يوسُف - كاتب
May 24, 2025 at 06:59 PM
*أعطيتُكِ قلبي بعمرِ العشرين* *لماذا أعدتِيهِ لي وهو يحملُ عكّازاً؟* أعطيتُكِ زهرةَ عمري يومَ كانتْ تُنبتُ في صدرِها أقماراً، وتَسحَرُ الوقتَ بِعطرٍ يرقصُ بينَ الأضلعِ. كانَ قلبي يُشبهُ فراشةً مبللةً بأوّلِ مطرٍ، يكتبُ على جلدِهِ قصائدَ باللازوردِ، ويحملُ في كفّيهِ نهراً منْ أسئلةٍ لمْ تَجرُفْها الإجاباتُ بعد. أعطيتُكِ إيّاهُ وهوَ يصرخُ: "هيّا، انظري كمْ يُضيءُ الكونُ حينَ ألمسُهُ باسمِكِ!". لكنّكِ... صنعتِ منهُ غيمةً حبيسةً في يديكِ. علّمتِهِ أنْ يخبئَ دموعَهُ خلفَ سحابةٍ، وأنْ يطوي جناحيهِ كلّما هبّتْ رياحُ غربتِكِ. صارَ يشبهُ كتاباً مبلولاً على رصيفٍ، حروفُهُ تذوبُ، وقصّتُهُ تُنسجُ منْ صمتِكِ. كلّما همسَ: "أنا هنا"، ارتطمَ صدى صوتِهِ بجدارٍ منْ ثلجٍ. أعدتِيهِ الآنَ... مُثقلًا بِسنواتٍ تشبهُ حصى المغتربينَ، يجرجرُ خلفَهُ ظلّاً أعظمَ منْ جسدِهِ. قلبي الذي كانَ يرقصُ على حافّةِ القمرِ، صارَ يقرأُ الطريقَ بعكّازٍ يترنّحُ كحلمٍ عجوزٍ. ألمْ يكفِهِ أنْ صارَ ينزفُ ذكرياتٍ كلّما مرّتْ سحابةٌ تشبهُكِ؟ ألمْ يكفِهِ أنْ صارَ الوقتُ يُقاسُ بجرعاتِ ألمٍ، وأنّ النجومَ في عينيهِ انطفأتْ منذُ أنْ علّمتِهِ أنْ يُطفئَ مصابيحَهُ الواحدَ تلوَ الآخر؟ أسألُكِ: كيفَ استطعتِ أنْ تحوّلي مرصعَ الجمالِ هذا إلى صدأٍ؟ كيفَ نسجتِ منْ حريرِهِ شبكةً تلتقطُ شهقاتِ الوداعِ؟ أتعلمينَ أنّه كلّما سقطَ عكّازُهُ، يسمعُ دويّاً كأنّما الأرضُ تتشقّقُ تحتَ أقدامِهِ؟ وأنّ في جيوبِهِ الباليةِ لا يزالُ يحتفظُ بِخيطٍ منْ شَعرِكِ، يربطُهُ بأوّلِ لقاءٍ، حينَ كانَ يظنّ أنّ الحبَّ فراشةٌ لا تموتُ؟ اليومَ، يحاولُ أنْ يتعلّمَ المشيَ منْ جديدٍ. لكنّ خطواتَهُ تُقلّدُ سيرةَ الأراملِ... يتمسّكُ بالعكّازِ كطفلٍ يتعلّمُ البكاءَ، ويغمضُ عينيهِ كلّما مرّتْ رياحٌ تحملُ لهثَ أنفاسِكِ البعيدةِ. ربّما كانَ عليّ أنْ أحرقَهُ قبلَ أنْ يعودَ... أو أدفنَهُ في حديقةِ بيتِنا القديمِ، حيثُ لا يزالُ ظلّنا يُغازلُ الأعشابَ البرّيةَ. لكنّكِ أعدتِيهِ إليّ كرسالةٍ مختومةٍ بالوجعِ، فتعثّرتُ... كيفَ أضمّهُ؟ وكيفَ أمسحُ عن جبينِهِ غبارَ السنينَ، بينما عينايَ تبحثانِ عن عشرينَ عاماً ضائعةٍ في ثنايا عكّازِهِ الخشبيِّ! -يوسُف🖤.
❤️ 😢 💔 🥺 🖤 🫂 ❤‍🩹 🤍 👍 88

Comments