ممكن واحد يقول: هو يجحد الشرك لكنه لا يدري أن ما يفعله شرك مثلا ينذر للمقبور ولا يدري أن نذره له شرك أو يذبح للمقبور ولا يدري أن ذبحه له شرك فالجواب: أن هذا الذي يدعو المقبور أو ينذر له أو يذبح له لو سألناه لماذا تفعل هذه الأفعال للمقبور؟ سيقول: أرجو شيئا منه، أرجو نفعه أو دفع ضره، أو شفاء، أو رزقا، الخ.. وهذا المقصد لا يجتمع مع الإيمان بالله وتوحيد الله تعالى، متى ما كان الإنسان يرجو هذه المعاني والمطالب من غير الله كان مشركا، فهو يجحد الشرك لفظا لكنه يقره معنى وبهذا لا ينتفع بإظهار الشهادتين، لأن المقصود منهما المعنى وليس مجرد اللفظ، وما يقوم بقلب الإنسان ولسانه وجوارحه يحكم عليه به جميعا ولا يحكم بواحد منها فقط، فهو قام بقلبه رجاء الشفاء والرزق من غير الله، وقام بلسانه دعاء غير الله، وقام بجوارحه ذبح وركوع وسجود لغير الله، فأي دابة هذا الذي يجهل كون هذه عبادات؟ وهب أنه جهل كونها عبادات كيف يكون مسلما موحدا وهو يصرفها لغير الله بقلب مخلص متضرع مخبت وجل إلى مخلوق مثله؟ وهل الشرك إلا هذا؟