
شريف طه
June 17, 2025 at 12:26 AM
لماذا يدعم الغرب إسرائيل دعما مطلقا؟
بالطبع هناك مصالح استراتيجية من وراء هذا الدعم، ولكن هناك البعد الديني الذي يقف وراء هذا الدعم المطلق والثابت.
بداية :
الصهيونية هي الحركة التي تعتقد بأحقية اليهود في أرض فلسطين.
والمسيحية الصهيونية هي التيار الذي يؤمن بأن الله تعالى بارك شعب إسرائيل، وأعطاه أرض إسرائيل، وأن تأييد إسرائيل واجب ديني مقدس.
يعتمد هذا التيار على نصوص من العهد القديم يبارك الله تعالى فيها إبراهيم وأتباعه، ويعطيهم حق الأرض.
ومن ذلك :
"في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقًا، قائلًا: لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ، القينيين والقنزيين والقدمونيين، والحثيين والفرزيين والرفائيين، والأموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين".
[سفر التكوين 15: 18–21]
ومنها : "وقال الرب لأبرام: اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك، فأجعلك أمة عظيمة، وأباركك، وأعظّم اسمك، وتكون بركة. وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض".
[سفر التكوين 12: 3-1]
بناء على هذه النصوص، اعتبر المسيحيون الصهاينة، أن مساندة إسرائيل واجب ديني مقدس، وأن لهم خصوصية مع الله تعالى، وأنهم مهما فعلوا فإن دعمهم واجب وأمر مقدس.
ويعتقد هذا التيار أنه عندما تسيطر إسرائيل على أرض الميعاد، فسيعود المسيح للأرض، وعند ذلك يؤمن به اليهود، وتقوم مملكة الله تعالى.
تعزز هذا التيار بعد الهولوكوست، وتم الترويج لقضية أن الهولوكوست هو تدبير الله تعالى، لقيام دولة إسرائيل، وتنامى بعدها الشعور بأن المسيحيين قصروا في دعم شعب الله المختار، وأنهم حملوهم ذنب قتل المسيح، وتم تحميل هذا الجرم للرومان الذين خافوا من المسيح على سلطانهم.
أو على الأقل فإن اليهود الموجودين الآن لا ذنب لهم في ما حصل للمسيح، واعتبر إدانة اليهود بقتل المسيح مظهرا من مظاهر معاداة السامية، بل واعتبر أي إدانة لإسرائيل هو من معاداة السامية أو التحيز ضد اليهود، أو تعرضا للعنة الرب الذي لعن من لعن نسل إبراهيم وهم اليهود حسب التصور الصهيوني والإنجيلي.
في العام الماضي (2024) صرح مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي :
"بالنسبة لنا نحن المؤمنين هناك توجيه في الإنجيل بأن نقف إلى جانب إسرائيل، وسنفعل ذلك بلا ريب وسينتصرون طالما كنا معهم".
بالتزامن مع ذلك استجوبَ عضو مجلس النواب الأميركي عن الحزب الجمهوري ريك دبليو. ألين رئيسة جامعة كولومبيا ذات الأصول المصرية نعمت شفيق. إبان مظاهرات الطلبة احتجاجا على حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة.
وبكل جدية، سألَ ألين نعمت قائلا : "لماذا لا تدعم جامعة كولومبيا إسرائيل بشكل كاف؟ لنكن واضحين هذا ميثاق قطعه الرب مع النبي إبراهيم وهذا الوعد واضح للغاية: إذا باركتَ إسرائيل سأباركُك، وإذا لعنتَ إسرائيل سألعنك".
وأضاف "وفي العهد الجديد (الإنجيل) تم التأكيد على أن جميع الأمم ستكون مباركة من خلالك. لذا ألم تكوني تعلمين بهذا؟ رئيسة الجامعة: سمعته من قبل ولكن تم شرحه الآن بشكل أفضل. هو: جيد أن ذلك يبدو مألوفا لديكِ. هل تُريدين أن تكون جامعة كولومبيا ملعونة من رب الإنجيل؟" فأجابت: "بالقطع لا".
تعود جذور هذا التيار إلى ما عرف بالحركة الإصلاحية المسيحية، التي ظهرت في اوائل القرن السادس عشر، و التي قادها (مارتن لوثر) ونادت بالتخلص من التقاليد الكنسية، واحتكار تفسير النص المقدس.
طالب لوثر بالالتزام بحرفية النص المقدس.
ومع إعادة القراءة، وجد لوثر أن التوراة تعظم من شأن بني إسرائيل، وأن "الروح القدس أنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم.. إن اليهود هم أبناء الله، ونحن الضيوف الغرباء". وأن "المسيح ولد يهوديا" وهذا ما ساعد في تقريب المسيحيين الإنجيليين من اليهود، والتأكيد على منزلتهم الخاصة عند الله تعالى.
يعتقد أكثر رموز هذا التيار، بملاحم آخر الزمان، و معركة (هرمجدون) التي يقتل فيها ملايين الناس، و يقودها المسيح بعد عودته، وإيمان اليهود به،. وبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى.
هذه عقائد تسكن عقول التيار الإنجيلي الذي يحكم أمريكا وبريطانيا.
هذا في الوقت الذي يظن فيه العلمانيون العرب، أن طريق النهضة والتنوير يكون بفصل الدين عن الحياة والسياسة خصوصا، وتهميش الدين عن المجال العام؛ ليكون مجرد نصوص نتبرك بقراءتها، دون أن يكون لها واقع في حياتنا العامة.