الكتاب الشهري
June 17, 2025 at 08:12 PM
*موت المؤمن في الحقيقة انتقال إلى راحة ونعيم:*
قال ابن الجوزي رحمه الله:
ما زلتُ على عادة الخلق في الحزن على مَن يموت مِن الأهل والأولاد، *ولا أتخايَلُ إلا بِلى الأبدان في القبور، فأحزن لذلك.*
فمرَّت بي أحاديث قد كانت تَمُرُّ بي ولا أتفكَّر فيها، منها قول النبي ﷺ: *«إنما نَفْسُ المؤمن طائرٌ يعلق في شجر الجنة، حتى يَرُدَّه اللّٰه عزَّ وجلَّ إلى جسده يوم يبعثُه».*
فرأيت أن الرحيل إلى الراحة، وأن هذا البدن ليس بشيءٍ؛ لأنه مَركَبٌ تفكَّك وفسد، وسيُبنى جديدًا يوم البعث، فلا ينبغي أن يتفكَّر في بِلاه، *ولتسكن النفس إلى أن الأرواح انتقلت إلى راحةٍ، فلا يبقى كبير حزنٍ، وأن اللقاء للأحباب عن قربٍ.*
وإنما يبقى الأسف لتعلُّق الخلق بالصُّوَر، فلا يرى الإنسانُ إلا جسدًا مُستحسَنًا قد نُقِضَ، فيحزن لنقضِه، والجسد ليس هو الآدمي، وإنما هو مَركَبُه، فالأرواح لا ينالُها البِلى، والأبدان ليست بشيءٍ.
*واعتَبِرْ هذا بما إذا قلعْتَ ضرسك ورميتَه في حفرةٍ: فهل عندك خَبَرٌ بما يَلقى في مدة حياتك؟ فحكم الأبدان حكم ذلك الضرس؛ لا تدري النفسُ ما يَلقى.*
*ولا ينبغي أن تغتمَّ بتمزيق جسد المحبوب وبِلاه، واذكر تنعُّم الأرواح، وقُرب التجديد، وعاجل اللقاء؛* فإن الفكر في تحقيق هذا يُهوِّن الحزنَ ويُسهِّل الأمرَ.
صيد الخاطر (ص ٥٩٢).
👍
💙
4