سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
June 4, 2025 at 08:05 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaBSRg98kyyJAVvc8d1n قناتنا على تلغرام https://t.me/saddiqsira صفحتنا على فيسبوك: https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=106545189199485&id=100095320122008&mibextid=Nif5oz نتابع مع *سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه قبل الهجرة إلى المدينة* *هجرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه الأولى وموقف ابن الدغنة منها*: قالت عائشة -رضي الله عنها-: لم أعقل أبواي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار (بكرة وعشية)، فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى برك الغماد، فلقيه *ابن الدغنة* وهو *سيد القارة* (قبيلة) فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يُخرج؛ إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق. فأنا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع وارتحل معه ابن الدغنة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق؟ فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصُلِّ فيها وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك ولا يَسْتَعْلِن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره، ثم بدا لأبي بكر، فابتنى مسجدا بفناء داره، وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يعجبون منه وينظرون إليه. وكان أبو بكر رجلا بكَّاء لا يملك عينه إذا قرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانهه، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمته، فإنا قد كرهنا أن نُخْفِرك، ولسنا بمقرين لأبي بكر الاستعلان، قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترجع إليَّ ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له، فقال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل. وحين خرج من جوار ابن الدغنة (يعني أبو بكر)، لقيه سفيه من سفهاء قريش وهو عامد إلى الكعبة فحثا على رأسه ترابًا، فمر بأبي بكر الوليدُ بن المغيرة أو العاص بن وائل، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: ألا ترى ما يصنع هذا السفيه؟ فقال: أنت فعلت ذلك بنفسك، وهو يقول: ربي ما أحلمك، أي ربي ما أحلمك، أي ربي ما أحلمك. وفي هذه القصة دروس وعبر كثيرة، منها: 1- كان أبو بكر في عزٍّ من قومه قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فها هو ابن الدغنة يقول له: مثلك يا أبا بكر لا يَخرج ولا يُخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فأبو بكر لم يدخل في دين الله طلبًا لجاه أو سلطان، وما دفعه إلى ذلك إلا حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، مهما يترتب على ذلك من ابتلاءات؛ أي أنه لم يكن له تطلعات سوى مرضاة الله تعالى. إنه يريد أن يفارق الأهل والوطن والعشيرة ليعبد ربه؛ لأنه حيل بينه وبين ذلك في وطنه. 2- إن زاد الصديق في دعوته القرآنُ الكريم، ولذلك اهتم بحفظه وفهمه وفقهه والعمل به، وأكسبه الاهتمام بالقرآن الكريم براعة في تبليغ الدعوة، وروعة في الأسلوب، وعمقًا في الأفكار، وتسلسلاً عقليًا في عرض الموضوع الذي يدعو إليه، ومراعاة لأحوال السامعين، وقوة في البرهان والدليل. وكان الصديق يتأثر بالقرآن الكريم ويبكي عند تلاوته، وهذا يدل على رسوخ يقينه وقوة حضور قلبه مع الله عز وجل، ومع معاني الآيات التي يتلوها، والبكاء مبعثه قوة التأثر؛ إما بحزن شديد أو فرح غامر، والمؤمن الحق يظل بين الفرح بهداية الله تعالى إلى الصراط المستقيم، والإشفاق من الانحراف قليلاً عن هذا الصراط. وإذا كان صاحب إحساس حي وفكر يقظ كأبي بكر رضي الله عنه، فإن هذا القرآن يذكر بالحياة الآخرة وما فيها من حساب وعقاب أو ثواب، فيظهر أثر ذلك في خشوع الجسم وانسكاب العَبَرَات، وهذا المظهر يؤثر كثيرًا على من شاهده، ولذلك فزع المشركون من مظهر أبي بكر المؤثر، وخشيوا على نسائهم وأبنائهم أن يتأثروا به فيدخلوا في الإسلام. لقد تربى الصديق على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحفظ كتاب الله تعالى وعمل به في حياته، وتأمل فيه كثيرًا، وكان لا يتحدث بغير علم؛ فعندما سئل عن آية لا يعرفها أجاب بقوله: أي أرض تسعني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم يُرد الله. ومن أقواله التي تدل على تدبره وتفكره في القرآن الكريم قوله: إن الله ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وغفر لهم سيئها، فيقول الرجل: أين أنا من هؤلاء؟! يعني: حسنها، فيقول قائل: لست من هؤلاء، يعني وهو منهم. وكان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما استشكل عليه بأدب وتقدير واحترام، فلما نزل قوله تعالى: ( *لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا* ) [النساء: 123]، قال أبو بكر: يا رسول الله، قد جاءت قاصمة الظهر، وأيُّنَا لم يعمل سوءًا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: *يا أبا بكر، ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فذلك مما تجزون به*. وقد فسر الصديق بعض الآيات، مثل قول الله تعالى: ( *إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* ) [فصلت: 30]، قال فيها: فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة، فلم يلتفتوا بقلوبهم إلى ما سواه لا بالحب ولا بالخوف، ولا بالرجاء ولا بالسؤال ولا بالتوكل عليه؛ بل لا يحبون إلا الله ولا يحبون معه أندادًا، ولا يحبون إلا إياه؛ لا لطلب منفعة، ولا لدفع مضرة، ولا يخافون غيره كائنًا من كان، ولا يسألون غيره، ولا يتشرفون بقلوبهم إلى غيره. وغير ذلك من الآيات. إن الدعاة إلى الله عليهم أن يكونوا في صحبة مستمرة للقرآن الكريم، يقرؤونه ويتدبرونه ويستخرجون كنوزه ومعارفه للناس، وأن يُظْهروا للناس ما في القرآن من إعجاز بياني وعلمي وتشريعي، وما فيه من سبل إنقاذ الإنسانية المعذبة من مآسيها وحروبها، بأسلوب يناسب العصر، ويكافئ ما وصل إليه الناس من تقدم في وسائل الدعوة والدعاية. ولقد أدرك أبو بكر رضي الله عنه كيف تكون قراءة القرآن الكريم في المسجد على ملأ من قريش وسيلة مؤثرة من وسائل الدعوة إلى الله. == من كتاب *سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه* للدكتور علي محمد الصلّابي، المنشور رقم (10) نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه (كل يوم منشور بعونه تعالى) للانضمام اختر أحد الروابط التالية: https://chat.whatsapp.com/DAMT0XLVzE84AIgzD0R5Ep أو https://chat.whatsapp.com/Jke4kaA7ivL9BxTbSQg2jT أو https://chat.whatsapp.com/GIlERackH4MD0u3pknR8bC أو https://chat.whatsapp.com/2TyKmZPVa52IaWEv5UAumF أو https://chat.whatsapp.com/LDvoSVNplPNDZGaoC3tWAk أو https://chat.whatsapp.com/JcfJOjrujjUFP9bgOpSKWQ أو https://chat.whatsapp.com/CEGv6DLos3oGT9Nq6kGOXd أو https://chat.whatsapp.com/Lxrqq2vzwhZ7xrjkRm8ZLS أو https://chat.whatsapp.com/FqHFZthkG6VEcFnr1yyrAM أو https://chat.whatsapp.com/B8gLrjcBYSx01TsYtSkvqS ساهم في نشر المجموعة أو نشر ما يُنشَر فيها.. وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.

Comments