القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
June 19, 2025 at 05:57 PM
ٱلْعَزْمُ: سِرُّ ٱلتَّمْكِينِ، وَمِلَاكُ ٱلْإِرَادَةِ، وَرَمْزُ ٱلشَّخْصِيَّةِ ٱلرَّاسِخَةِ ٱلْعَزْمُ هُوَ: إِمْضَاءُ ٱلرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ، وَٱلثَّبَاتُ عَلَى مَا تَبَيَّنَتْ صَوَابُهُ ٱلْعُقُولُ، وَٱسْتَقَرَّ عَلَيْهِ ٱلرُّشْدُ. وَهُوَ دَلِيلُ ٱلْقُوَّةِ ٱلْبَاطِنَةِ، وَعُنْوَانُ رَجَاحَةِ ٱلتَّفْكِيرِ، لَا يَعْرِفُهُ ٱلْمُتَرَدِّدُونَ، وَلَا يُطِيقُهُ ٱلْمُتَخَاذِلُونَ. وَٱلْفَرْقُ بَيْنَ ٱلْحَزْمِ وَٱلْعَزْمِ أَنَّ ٱلْحَزْمَ: تَهَيُّؤٌ لِلْأَمْرِ، وَٱحْتِيَاطٌ لَهُ قَبْلَ ٱلشُّرُوعِ فِيهِ، وَأَمَّا ٱلْعَزْمُ: فَهُوَ ٱلنُّفُوذُ إِلَيْهِ بَعْدَ ٱلتَّبَيُّنِ وَٱلتَّثَبُّتِ. وَلِهٰذَا قِيلَ فِي ٱلْمَثَلِ: «لَا خَيْرَ فِي عَزْمٍ بِغَيْرِ حَزْمٍ.» وَٱلْعَزْمُ شِيمَةُ ٱلْأَبْرَارِ، وَسِمَةُ ٱلْأَطْهَارِ، وَوَصْفُ ٱلْأَوْلِيَاءِ ٱلْأَخْيَارِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ﴾ [آلُ عِمْرَانَ: ١٥٩]. فَٱلتَّوَكُّلُ بَعْدَ ٱلْعَزْمِ، لَا قَبْلَهُ، وَٱلْعَزْمُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بَعْدَ رَوِيَّةٍ وَمَشُورَةٍ، فَإِنْ تَبَيَّنَ ٱلْحَقُّ، فَلْيُقْدِمِ ٱلْعَاقِلُ، وَلَا يَتَلَجْلَجْ. وَفِي ٱلصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ ٱلنَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: ٱللَّهُمَّ ٱغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ٱللَّهُمَّ ٱرْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ ٱلْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ.» (رَوَاهُ ٱلْبُخَارِيُّ: ٦٣٣٩، وَمُسْلِمٌ: ٢٦٧٩). فَٱلْعَزْمُ فِي ٱلدُّعَاءِ عَلَامَةُ حُسْنِ ٱلظَّنِّ بِٱللَّهِ، وَمَظْهَرُ قُوَّةِ ٱلْيَقِينِ، وَإِلَّا فَإِنَّ ٱلتَّرَدُّدَ فِي ٱلطَّلَبِ عَجْزٌ عَنْ ٱلْإِيمَانِ بِكَرَمِ ٱللَّهِ ٱلْقَادِرِ ٱلْوَهَّابِ. وَلِلْعَزْمِ أَثَرٌ بَالِغٌ فِي تَهْذِيبِ ٱلنُّفُوسِ، وَتَحْصِيلِ مَكَارِمِ ٱلْأَخْلَاقِ، وَتَحْقِيقِ ٱلتَّقْوَى، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ﴾ [آلُ عِمْرَانَ: ١٨٦]. بَلْ لَا يُنَالُ سُمُوُّ ٱلرُّتَبِ، وَلَا يُدْرَكُ مَقَامُ ٱلرِّفْعَةِ، إِلَّا بِٱلِٱقْتِدَاءِ بِأُولِي ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ، قَالَ عَزَّ مَنْ قَائِلٍ: ﴿فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ﴾ [ٱلْأَحْقَافِ: ٣٥]. وَقَالَ أَحَدُ ٱلْحُكَمَاءِ: إِذَا كُنْتَ ذَا رَأْيٍ فَكُنْ ذَا عَزِيمَةٍ، فَإِنَّ فَسَادَ ٱلرَّأْيِ أَنْ تَتَرَدَّدَا. وَلَا تَنْهَلِ ٱلْأَعْدَاءَ يَوْمًا بِقُدْرَةٍ، وَبَادِرْهُمُ أَنْ يَمْلِكُوا مِثْلَهَا غَدَا. (ٱلتَّذْكِرَةُ ٱلْحَمْدُونِيَّةُ: ١/٤١٩) فَٱلْعَزْمُ عِمَادُ ٱلرِّجَالِ، وَمَرْكَبُ ٱلْأُسْدِ فِي ٱلْوَغَى، وَمِقْوَدُ ٱلْإِرَادَةِ نَحْوَ ٱلسُّؤْدَدِ، فَطُوبَى لِمَنْ عَزَمَ بَعْدَ حَزْمٍ، وَأَقْدَمَ بَعْدَ رُشْدٍ. ✒️ فَيْصَلُ الْحَاشِدِي
👍 6

Comments