الدِّفَاعُ عَنِ الأَخِ فِي غَيْبَتِهِ إنَّ مِنْ تَمامِ الوَفاءِ، وَكَمالِ الأُخوَّةِ، أَنْ تَكُونَ نَصيرًا لأَخِيكَ فِي حُضورِهِ وَغيابِهِ، فَإِنَّ الخَذْلانَ فِي الغِيبَةِ نَقِيصَةٌ فِي الدِّينِ، وَخِيَانَةٌ فِي المَروءَةِ. وَمِنْ حَقِّ أَخِيكَ عَلَيكَ، أَنْ تَذُبَّ عَنْهُ إِذَا اِنْتُقِصَ، وَتَرُدَّ مَا نُسِبَ إِلَيْهِ مِمَّا تَعْلَمُ بَطَلانَهُ، فَإِنْ سَكَتَّ، فَقَدْ خَذَلْتَهُ، وَإِنْ نَصَرْتَهُ، فَقَدْ أَكْرَمْتَ نَفْسَكَ وَوَقَيْتَهَا الخَذْلانَ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عَرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ». (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ مُحَقِّقُ "جَامِعِ الأُصُولِ": حَدِيثٌ حَسَنٌ بِشَوَاهِدِهِ) قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: «يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَ غِيبَةَ مُسْلِمٍ أَنْ يَرُدَّهَا، وَيَزْجُرَ قَائِلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَزَجَّرْ بِالكَلَامِ، زَجَرَهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِالْيَدِ وَلَا بِاللِّسَانِ، فَارِقْ ذَلِكَ المَجْلِسَ». وَلِلَّهِ دَرُّ القَائِلِ: لا تَهْتِكَنَّ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا فَيَهْتِكُ اللَّهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيْكَ وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إِذَا ذُكِرُوا وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَ فَيَا عَبْدَ اللهِ، لا تَبْخَلْ عَلَى أَخِيكَ بِكَلِمَةِ حَقٍّ تُنْصِفُهُ، وَلا تُسَلِّمْهُ لأَلْسِنَةِ النَّاسِ تَنْهَشُ عِرْضَهُ، فَتَبُوءَ بِإِثْمِ الصَّامِتِينَ، وَوَزْرِ الخَاذِلِينَ. كُنْ لَهُ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَكَ، وَاذْكُرْ أَنَّ مَنْ ذَبَّ عَنْ عَرْضِ أَخِيهِ، ذَبَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ. فَلِيَكُنْ لِسَانُكَ سَيْفَ نُصْرَةٍ، لا سَهْمَ خَذْلَانٍ، وَأُذُنُكَ حَاجِزًا عَنِ الغِيبَةِ، لا طَرِيقًا لَهَا. فَمَنْ عَظُمَتْ فِي قَلْبِهِ أُخُوَّةُ الإِيمَانِ، لَمْ يَرْضَ أَنْ يُنَالَ أَخُوهُ بِسُوءٍ وَهُوَ سَاكِتٌ. ✒️ فَيْصَلُ الْحَاشِدِي