القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
June 20, 2025 at 04:45 AM
ٱلْغَضَبُ جِمَاعُ ٱلشَّرِّ إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُفْسِدُ ٱلْعُقُولَ، وَيُفَرِّقُ ٱلْقُلُوبَ، وَيَهْدِمُ ٱلْبُيُوتَ، وَيُثِيرُ ٱلْعَدَاوَاتِ، خُلُقُ ٱلْغَضَبِ إِذَا ٱسْتُرْسِلَ مَعَهُ ٱلْعَبْدُ وَلَمْ يُجَاهِدْهُ. وَلِذَلِكَ، جَاءَتِ ٱلنُّصُوصُ ٱلشَّرْعِيَّةُ تُحَذِّرُ مِنْهُ، وَتُبَيِّنُ خَطَرَهُ، وَتُرَغِّبُ فِي كَظْمِهِ، وَتَعِدُ بِٱلْأَجْرِ لِمَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ ثَوَرَانِهِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ٱلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» رَوَاهُ ٱلْبُخَارِيُّ (٥٧٦٥). قَالَ هَذَا ٱلسَّائِلُ يَطْلُبُ مِنَ ٱلنَّبِيِّ ﷺ وَصِيَّةً جَامِعَةً مَانِعَةً، يَنْتَفِعُ بِهَا فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، فَمَا زَادَهُ ٱلنَّبِيُّ ﷺ عَلَى أَنْ قَالَ: «لَا تَغْضَبْ». ثُمَّ أَعَادَ ٱلرَّجُلُ ٱلطَّلَبَ، فَكَرَّرَهَا ٱلنَّبِيُّ ﷺ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ٱلْغَضَبَ أَصْلٌ لِكَثِيرٍ مِنَ ٱلشُّرُورِ، وَأَنَّ مَنْ كَظَمَهُ، سَلِمَ مِنْ آثَامِهِ، وَحَفِظَ دِينَهُ، وَصَانَ عِرْضَهُ، وَسَلِمَ لَهُ ٱلنَّاسُ. قَالَ أَحَدُ ٱلرُّوَاةِ: فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ، فَإِذَا ٱلْغَضَبُ يَجْمَعُ ٱلشَّرَّ كُلَّهُ. وَكَانَ ﷺ أَحْلَمَ ٱلنَّاسِ، لَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَنْتَقِمُ لِذَاتِهِ، بَلْ كَمَا جَاءَ فِي وَصْفِهِ: «مَا ٱنْتَقَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ ﷺ لِنَفْسِهِ قَطُّ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةٌ مِنْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا» رَوَاهُ ٱلْبُخَارِيُّ (٣٥٦٠)، وَمُسْلِمٌ (٢٣٢٧). فَإِذَا غَضِبَ، غَضِبَ لِلَّهِ، وَإِذَا عَفَا، عَفَا لِمَوْلَاهُ، فَكَانَ قُدْوَةً فِي كُلِّ حَالٍ. وَتَرْكُ ٱلْغَضَبِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ يَجْمَعُ ٱلْأَخْلَاقَ كُلَّهَا؛ قِيلَ لِلْإِمَامِ عَبْدِ ٱللَّهِ بْنِ ٱلْمُبَارَكِ: ٱجْمَعْ لَنَا مَكَارِمَ ٱلْأَخْلَاقِ فِي كَلِمَةٍ، فَقَالَ: «تَرْكُ ٱلْغَضَبِ». فَٱنْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ تَرْكَ ٱلْغَضَبِ أَصْلًا لِمَكَارِمِ ٱلْأَخْلَاقِ، إِذْ بِهِ يَسْلَمُ ٱللِّسَانُ مِنَ ٱلسَّبِّ، وَٱلْقَلْبُ مِنَ ٱلْحِقْدِ، وَٱلْيَدُ مِنَ ٱلْبَغْيِ. وَقَدْ نَبَّهَ أَهْلُ ٱلطِّبِّ إِلَىٰ أَثَرِ ٱلْغَضَبِ فِي ٱلْجَسَدِ وَٱلنَّفْسِ، فَقَالُوا: ثُلُثَا ٱلْعَافِيَةِ فِي تَرْكِ ٱلْغَضَبِ. لِأَنَّ ٱلْغَضَبَ يُطْلِقُ هُرْمُونَاتِ ٱلتَّوَتُّرِ، وَيُهْلِكُ ٱلْأَعْصَابَ، وَيُضْعِفُ ٱلْقَلْبَ، وَيُكَدِّرُ ٱلْفِكْرَ. فَيَا عَبْدَ ٱللَّهِ، إِذَا ثَارَ ٱلْغَضَبُ فِي صَدْرِكَ، فَتَذَكَّرْ أَنَّهُ جِمَاعُ ٱلشَّرِّ، وَأَصْلُ كُلِّ أَذًى، وَأَنَّ ٱلْحِلْمَ زِينَةُ ٱلْأَتْقِيَاءِ، وَسِمَةُ ٱلْأَصْفِيَاءِ، وَأَجْرُهُ عِنْدَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ. قَالَ ٱللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ: ﴿ وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَان: ١٣٤] أَيْ: ٱلَّذِينَ يُمْسِكُونَ غَيْظَهُمْ إِذَا ٱشْتَعَلَ، وَيَحْبِسُونَ أَلْسِنَتَهُمْ إِذَا ٱنْدَفَعَتْ، وَيَغْلِبُونَ أَنْفُسَهُمْ إِذَا هَاجَتْ، ثُمَّ لَا يَكْتَفُونَ بِذٰلِكَ، بَلْ يَعْفُونَ عَمَّنْ أَسَاءَ، وَيُحْسِنُونَ إِلَىٰ مَنْ أَخْطَأَ، فَجَمَعُوا بَيْنَ كَظْمِ ٱلْغَيْظِ، وَٱلْعَفْوِ، وَٱلْإِحْسَانِ، فَنَالُوا مَحَبَّةَ ٱللَّهِ، وَهَلْ بَعْدَ ذٰلِكَ مَقَامٌ؟! وَقَالَ رَسُولُ ٱللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ ٱللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَىٰ رُءُوسِ ٱلْخَلَائِقِ، حَتَّىٰ يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ ٱلْحُورِ شَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٤٧٧٧)، وَصَحَّحَهُ ٱلْأَلْبَانِيُّ. فَٱنْظُرْ رَحِمَكَ ٱللَّهُ! كَيْفَ عُظِّمَ أَجْرُ مَنْ كَبَحَ غَضَبَهُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ٱلْبَطْشِ، لَا ضَعْفًا وَلَا عَجْزًا، وَلَكِنْ حَيَاءً مِنَ ٱللَّهِ، وَحُبًّا فِي ٱلْعَفْوِ، فَٱسْتَحَقَّ عِندَ ٱللَّهِ تَكْرِيمًا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ، يُخَيَّرُ فِيهِ فِي ٱلْجَمَالِ وَٱلنَّعِيمِ. ✒️ فَيْصَلُ ٱلْحَاشِدِيُّ
👍 7

Comments