
القناة الرسمية للشيخ فيصل الحاشدي واتساب
June 20, 2025 at 04:19 PM
الذُّلُّ
الذُّلُّ كلمةٌ ثقيلةٌ على النفوسِ الكريمة، لكنَّهُ ليس على وجهٍ واحد؛ فمنه ما يُمدَح، ومنه ما يُذَمّ.
فقد يكون الذُّلُّ خُلقًا رفيعًا، إذا جاء بمعنى الرِّقَّةِ والرَّحمةِ والتواضُع، كما قال الله تعالى:
﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ٥٤]،
فهو خَفْضُ جَناحٍ لا مَهانةَ فيه، بل كمالُ أدبٍ ورحمةٌ في القلبِ.
لكنَّهُ إنْ كان لغيرِ اللهِ، على وجهِ الخنوعِ والضعفِ والانكسارِ، فهو ذُلٌّ مذموم، يُرَخِّصُ فيه المرءُ كرامتَهُ، ويُذِلُّ فيه نَفْسَهُ لمَنْ لا يَسْتَحِقُّ، طلبًا لحُطامٍ فانٍ، أو هوًى زائلٍ.
ويُفرَّقُ بينَ الذُّلِّ والضَّعَةِ:
فالذُّلُّ ما يَقْهَرُ الإنسانَ من خارجٍ عنه،
وأمَّا الضَّعَةُ فَهِيَ ما يُنْزِلُ به نفسَهُ بنفسِه، فيضعها دونَ منزلتِها، كمن يُجالسُ السُّفهاءَ، أو يُقَلِّدُ الأراذِلَ، أو يُطْلِقُ بَصَرَهُ في وجوهِ النِّساءِ في السُّوقِ، أو يرتادُ المواطنَ المَشْبُوهَةَ.
وما المرءُ إلَّا حيثُ يجعلُ نفسَهُ
فكُنْ طالبًا في الناسِ أعلى المراتبِ
وصُنْ مِنكَ ماءَ الوجهِ لا تُبْدِلَنَّهُ
ولا تسألِ الأرذالَ فَضْلَ الرَّغَائِبِ
وصفوةُ القولِ:
فالذُّلُّ إنْ كانَ للهِ، فهو عزٌّ في الباطنِ، ورحمةٌ في الظاهرِ، وتواضُعٌ للمؤمنينَ، ورفقٌ بمن يستحق.
وإنْ كانَ لغيرِهِ، فهو هوانٌ، ومسكنةٌ، ومهانةٌ للنفسِ، تُذْهِبُ ماءَ الوجهِ، وتُطفِئُ نورَ الكرامةِ، وتجرُّ المرءَ إلى الدُّونِ بعد العلوِّ، وإلى الذُّلِّ بعد العِزِّ.
✒️ فَيْصَلُ ٱلْحَاشِدِيُّ
👍
8