
سوق الآخره
June 13, 2025 at 06:57 PM
*الموقف من الغارة الاسرائيلية على ايران*
م.عبدالمنعم الشحات
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد ؛
فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أوثق عرى الإيمان : الحبُّ في الله والبغضُ في الله"،
ومن ثم وجب أن يجاهد المسلم نفسه أن يكون مقدار محبة الأفراد والفرق والجماعات في قلبه متناسبًا مع مقدار قربهم أو بعدهم عن الله تبارك وتعالى،
بل يجري هذا حتى في تمييز المسلم بين أنواع الكفار؛ إذ إن بعضهم أشدُّ فسادًا من البعض الآخر؛
ولذلك أحب المسلمون أن ينتصر الروم -مع كفرهم- على الفرس؛ لكون الروم يثبتون أصل الربوبية والرسالة والبعث، فهم -مع كفرهم- أقرب من الفرس المجوس.
قال تعالى: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)} [سورة الروم: 1-5].
ومن هذا المنطلق، فيجب أن نغضب للبلطجة التي مارستها إسرائيل ضد قادة عسكريين وخبراء نوويين في إيران؛
لأن هذا جزءٌ من البلطجة التي تمارسها إسرائيل على العالم الإسلامي ككل، وتقف من ورائها أمريكا، بل جاء الدور لتقف من ورائها في ضرب إيران التي مكَّنت للأمريكان في أفغانستان والعراق وغيرهما من البلاد السنية.
وهذه فرصة لندعو إيران كدولة، والشيعة عمومًا، أن يتوبوا إلى الله من سبِّ الصحابة وأمهات المؤمنين، وأن يعدلوا عن سياسات التحالف مع الأعداء ضد أهل السنة، وأن يدركوا أنهم يقولون إنهم ملتزمون بالقرآن،
والقرآن يثني على الصحابة -رضي الله عنهم-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [سورة الفتح: 29].
فانظر كيف مدحهم بعلمهم وعبادتهم، وبكونهم أشدَّاء على الكفار رحماء بينهم.
وأنتم -معشر الشيعة- لما خالفتم هدي الصحابة، كان من جملة ما خالفتموه فيه أنكم كنتم في كثير من الأحيان عونًا للكفار على أهل السُّنة، وأنتم تعلمون أنهم السواد الأعظم من المسلمين.
والقرآن -وأنتم تزعمون الإيمان به- يرفع شأن زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم-:
{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [سورة الأحزاب: 6].
لقد رفع قادة الشيعة شعار الوحدة الإسلامية أمام الاحتلال الأجنبي منذ أكثر من قرن من الزمان، وصدَّقهم كثير من أهل السنة، ثم لما صارت لهم دولة كان ما كان.
ومع هذا، فنحن ندعوكم إلى وحدة حقيقية؛ مصداقًا تطبيقًا لقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [سورة آل عمران: 103]،
فنعتصم بكتابه وبسنة رسوله كما نقلها صحابته وآل بيته مما نقله الثقات، لا ما دسَّه الكذابون الشعوبيون والزنادقة المارقون.
هذه دعوة للشيعة أن يتوبوا، ولإيران أن تكفَّ عن تآمرها على أهل السنة.
وأيًّا ما يكن من درجة الاستجابة لهذه الدعوات، فينبغي أن يُعرب أهل السنة أنهم لا يعاملون الشيعة بما يعاملونهم به، وأنهم لا يرضون بضرب بلاد مسلمة حتى ولو كان الغالب على أهلها البدعة وعلى نظامها الجور.
ثم إن أمريكا وإسرائيل يزعمان أن ثمة قانونًا دوليًّا ونظام دولة وأمم متحدة، فكيف يعطون لأنفسهم حق ضرب دولة أخرى عضوة في الأمم المتحدة أيًّا ما كانت الذريعة؟!
لا سيما إذا كانت الذريعة المعلنة هي إيقاف البرنامج النووي الإيراني، بينما ترفض إسرائيل الانضمام إلى معاهدة منع الأسلحة النووية، وترفض إخضاع منشآتها النووية للتفتيش،
في حين أنها ليست في حاجة إلى صنع سلاح نووي؛ فالترسانة الأمريكية جاهزة دائمًا لإمداد إسرائيل بما تحتاج.
وثمة عبرة لا بد من الوقوف عندها ولو عرضًا، وهي أن على كل من ربط نفسه بإيران من الأنظمة أو الفصائل أن يفكَّ هذا الارتباط؛ لا سيما من له قضية مشروعة من مقاومة غاصب أو محتل؛
فالشرع والعقل يقتضيان ألا يربط نفسه بمصير نظام ثبتت هشاشته واختراق الأعداء له، ومن قبل ثبت أنه لا يبحث إلا عن مصلحته، ويحاول توظيف كل حلفائه ليكونوا درعًا لمشروعاته.
نسأل الله أن يردَّ كيد الكائدين لأمتنا، ويدفع عنا شرورهم، ويحفظ بلاد المسلمين من كل مكروه وسوء.
👍
1