
Anas Assil
June 2, 2025 at 09:15 AM
نحن السوريون نحمل في داخلنا تراكمات لا تُحصى من الفقد، والغضب، والخوف، والصمت الطويل.
ولسنوات، لم يكن لدينا ترف الشعور، ولا فسحة الاعتراف بما نحسّ به، لأن صوت البقاء كان أعلى من صوت الألم في داخلنا.
لكن ما لا نواجهه، لا يزول. وما لا نُسمّيه، يبقى يُشكّلنا في الخفاء.
لا نحتاج اليوم إلى خبراء يُحلّلون ماضينا أو يُفكّكون "عُقدنا"، بقدر ما نحتاج إلى من يُصغي إلينا... كما نحن.
من يُنصت لنا دون حُكم، ويمنحنا لحظة نواجه فيها أنفسنا دون خوف من العيب، أو العار، أو التفسير.
لحظة نكفّ فيها عن التظاهر بالقوة، ونمنح أنفسنا الإذن بأن نكون بشرًا فقط.
أن يُعطى الطفل الذي رأى ما لا يُحتمل مساحة ليقول "أنا موجوع" دون أن يُطلب منه أن يكون بطلاً.
أن يُسمح للأم التي فقدت أبناءها أن تتألم دون أن تُضطر لقول "أنا بخير".
أن لا يُعامل الرجل الذي هُجّر من بيته كمجرد رقم في تقرير إغاثي، بل يُسأل: "ماذا تحتاج لتستعيد نفسك؟".
نحن لا نحتاج فقط إلى إعادة إعمار الحجر، بل إلى إعادة ترميم الوجدان.
وهذا لا يتم عبر الخطابات، بل عبر استعادة الوعي... والحضور... والحق في الإحساس.
نحن بحاجة إلى فعل مقاومة ناعم؛ مقاومة ضد الإنكار، وضد التجمّد العاطفي، وضد تحويل الإنسان إلى أداة للنجاة فقط.
نحتاج اليوم أن نكون أحرارًا داخل أنفسنا، أن نستعيد علاقتنا بذواتنا، وبالآخر، وبهذا الوطن الجريح.
سوريا، بكل ما فيها، تحتاج اليوم إلى هذا النوع من الوعي؛
وعي لا يهرب من الألم، بل يُنصت له. لا يكتفي بالنجاة، بل يطمح إلى الشفاء.
❤️
👍
😢
🙏
😂
122