
خواطر
10 subscribers
About خواطر
كلمات نابعة من القلب…!
Similar Channels
Swipe to see more
Posts

حين يشرق وجهها أمامي، يرتجف القمرُ هيبةً، ويتوارى خلف غيم الحياء، أما الشمسُ فتنزل تاج ضيائها خضوعًا لجلال حسنها. نظرةٌ واحدةٌ من عينيها جعلت الموجَ يتوقفُ ليعيد ترتيب نغمته، وجعلت الليل يكتبُ اعتذاره للفجر، إذ ظنَّ يومًا أنه أجملُ من حضورها. كيف لا أُفتن، وهي بجواري، لكن كلما أغلقتُ جفني، ظننتُ أن دهرًا قد اختطفها مني؟ أفتح عينيّ بجنون، أبحث عنها، أتأكد أنها ما زالت هنا، أنفاسي لم تُحرم من عبيرها، ويدي لم تفقد دفء قربها. كيف يطمئن لي قلبٌ إذا كانت تغيب عنه حتى في رمشة عين؟ أراها أمامي، لكن ما إن تحجبها عني لحظة، حتى يعصف بي الشوق، كأن بيني وبينها ألف عام من الغياب. يا حبيبتي، كيف استطعتِ أن تُحكمي قوانين الجمال، وتجعلي الفصول تترقبُ إطلالتكِ، خشية أن تتبدل ألوانها على غير هواكِ؟ أم أن للدهشة التي تزرعينها في الكون سرًّا لا يُدركه سوى من أُسرَ بعينيكِ؟ فابقي هنا، قريبةً كما أنتِ، أو أقرب… كي لا يعبث بي جنون الشوق حتى وأنتِ بين يديّ.

يا حبيبتي، كلما نظرت إلى السماء، وجدت صورتكِ هناك، بين النجوم، وفي ضوء القمر. حين رسمتكِ للبدر صورة، انحنى الضوء خجلاً، وأطفأ الليل نجومه احترامًا لنور حضوركِ. كنتُ أحدق في السماء، أبحث عنكِ بين النجوم، فرأيتكِ تسكنين في اكتمال القمر، يقتبس منكِ نوره، ويتهجّد بجمالكِ. حتى النسيم، حين مرّ بي، كان يحمل عطركِ، وكأنه عاد من رحلة بين خصلاتكِ. كيف للمساء أن يكون عاديًا وأنتِ فيه؟ كيف للقمر أن يكون مكتملًا دون ملامحكِ؟ إن كنتُ قد رسمتكِ للبدر صورة، فذاك لأنكِ أنتِ اكتماله، وأنتِ نوره الذي لا ينطفئ، ونوركِ الذي يضيء لياليّ كلها. ليمتزج هذا الليل برائحة عشقكِ، وليردد القمر اسمكِ، كما أفعل أنا كل ليلة… يا سحابتي، يا من غار القمر من بهائها. أنتِ ليلٌ لا ينقضي، وسحرٌ لا ينطفئ.

حين يحل الليل، وتتسابق الأنفس إلى النوم، وفي لحظات الهدوء التي تسبق السكون، تنهال الرسائل في انتظار ما أخطه عن جمال العيون… حين ينتظرني الكل ليقرؤوا غزلي، أكتب لها وحدها… أبعثر الحروف في عينيها، وأنسج الكلمات على شفتيها، وحين يلتهم العشاق سطوري، تكون هي قد استمعت إليّ قبل أن أنطق، وقرأتني بروحها قبل أن أخط الحرف… لكنها وحدها من تعرف أنني حين أخاطبها، تضيع مني الحروف التي كنت أظنها ثابتة، وأنني في عيون الجميع شاعرٌ متمكن، لكن أمامها مجرد عاشق يُربكه همسها قبل حديثها… فكيف لي أن أواجهها، وأنا كلما هممتُ بأن أبوح، ابتلعتُ حرفي واحمرّ وجهي؟ بل الأسوأ… أنها تبتسم وكأنها تستمتع بإرباكي! أهي تكتبني بين السطور، أم أن كلماتي تختبئ في قلبها وتنتظر اللحظة المناسبة لتخرج؟

ليس كل ما يُقال يُفهم، وليس كل ما يُرى يُدرك… فبعض المعاني تحتاج وقتًا، وبعض الأسرار لا تكشفها العين، بل القلب. وبعد خمس يتّضح… أهو في صدى الخطوات، أم في انحناءة القلم؟ أم أنه حين يسكن الصمت، يتحدث المعنى؟ أم هو كنسمةٍ عابرة، لا تُرى لكن تُحسّ؟ أم أنه مختبئ بين السطور، لا يراه إلا من تأمله؟ بعد خمس… هل رأيته الآن؟

عشقي لكِ غامض، أخجل من البوح به أمامكِ، فأكتب كلماتي لتستنتجي ما في قلبي. هناك شيء لا يُرى، لكنه يملأ الكون جمالًا وحياة. أنتِ تعلمينه، لكنه يختبئ بين كلماتي ومشاعري. أنا سرٌّ لا يُرى، لكنني ألمع حين تشرقين في عالمي، كنجمة تهطل من سحابة الكون، وأختفي حين تغيبين، لكنني لا أفارق قلبًا يعشقكِ. أنا في ابتسامتكِ التي تُذيب الصخر، وفي نظراتكِ التي تُحيي القلوب، وفي همساتكِ التي تُنعش الروح كقطرات المطر الخفيف. أنا الشوقُ الذي يحرقُ الروح، والعشقُ الذي يُحييها، وأنتِ النورُ الذي يضيء لي عتمتي، وأنتِ اليقينُ الذي يبدّد شكي. فهل أنا مجرد شعور يملأكِ، أم أنكِ في كل جزءٍ مني؟ فكّري جيدًا… وعندما تجدين الإجابة، تذكّري أنكِ الحلمُ الذي لا يفارقني، فهل أنا سوى حبٍّ يسكنكِ، أم أنني أنتِ؟

يا سحابه بغيبـتچ دمعـي هـطال وحنيني مع خفـاف السحاب هـطال بـدونـچ كـل عمـري ضاع مثل هـطال وصـوبچ مـن العشق دربـي طـويـل دمع العيـن يغني لليل المطـر ووجـع الشـوق يهـلّ حـبَّ المطر بـدونـچ يـا سحابـه العـمـر مطـر وإلـيـچ فـي القلب شوق مطـر

يقترب عيد الحب، تزينت الطرقات، وامتلأت المحلات بالهدايا، والعشاق يستعدون للاحتفال… أما أنا، فأبتسم وأقول: كيف يكون للحب يومٌ واحد، وأنا كلما خطرتِ في بالي صار يومي عيدًا؟ هم ينتظرون يومًا ليحبّوا، وأنا منذ عرفتكِ لا أعرف إلا الحب. هم يشترون الهدايا، وأنا يكفيني أن أنطق باسمكِ ليكون اليوم أجمل. هم يحتفلون لساعات، وأنا كل لحظةٍ بقربكِ عيدٌ جديد. كيف أنتظر موعدًا لأقول إنني أحبكِ؟ وكيف لحبي أن يرتبط بيوم، وأنا كلما تذكرتكِ شعرتُ أن الدنيا أزهرت من جديد؟ يا سحابتي، لو كان للحب وقت، لكنتِ دقائقي وساعاتي، ولو كان له لون، لكان في عينيكِ جمال البحر وصفاء السماء، وإن كان للشوق حدود، فحدوده بين ضلوعي حيثُ أنفاسكِ وطن. أنا لا أؤمن بعيدٍ للحب، فحبكِ في قلبي كل يوم، وكل لحظةٍ معكِ هي العيد الحقيقي. لا أحتاج ليومٍ للاحتفال بحبكِ، فكل لحظة معكِ هي عيدٌ لا يدركه الزمن.

تخيلت نفسي أجلس معكِ في موعد قهوتكِ، أراقبكِ وأنتِ ترفعين الفنجال إلى شفتيكِ. شربتِ منه وأنا بعيد عنكِ، فأغمضت عيني وحضرتكِ في خيالي كأنكِ بجانبي. كم أحسد الفنجال حين تُحيطينه بدفء كفيكِ، وكم أغار من رذاذ القهوة وهي تلامس شفتيكِ. رائحتها تهمس لي فأشتاقكِ أكثر، وعيناكِ تسحبانني إلى عالم يتوقف فيه الزمن، وابتسامتكِ تذيبني حتى أنسى نفسي فيكِ. يا حبيبتي، كأنكِ حلم أعيشه بين يقظة ونوم، وأخاف أن أصحو فأجدكِ مجرد ظل يرقص في فنجاني.

هل جربتِ يومًا أن تكوني مستيقظة لكن بلا حياة؟ أن يمر الوقت حولكِ وأنتِ غائبة؟ هكذا أنا بدونكِ… حين يهطل المطر، يزهر الكون، تُغسل الأرواح، وتتنفس الأرض بعد اختناقها الطويل. أما شوقي إليكِ، فهو مطرٌ لا ينقطع، لكنه لا يُنبت إلا الحنين، ولا يغسل إلا ندوب الغياب، ولا يمنحني إلا مزيدًا من التيه في ظلمات البعد. بدونكِ، حياتي ليست سوى غيبوبة… أفتح عيني ولا أرى، أتنفس ولا أحيا، يمضي الوقت لكنه لا يحملني إلى مكان. كل شيء يمر بي عابرًا، بلا أثر، بلا لون، بلا نبض. كأنني أنتظر قطرةً منكِ توقظني، لمسةً من صوتكِ تعيدني إلى الحياة، نظرةً واحدة تهطل على أيامي فتُعيد إليها الفصول. فمتى يجيء منكِ المطر… متى يفيق هذا القلب.